اشتهر شاملو بشعره الحر والشعر المنثور في الأدب الفارسي المعاصر والذي يدعى بالفارسية "شعر سپيد" أو شعر "شاملويي".
وللتحدث عن أحمد شاملو ينبغي أن نشير إلى الشاعر المعاصر "نيما يوشيج" المجدد الأول في الشعر الفارسي الحديث حيث كسر أوزان الشعر الفارسي القديم والمعروفة باسم أوزان الفراهيدي وقام بنشر أول قصيدة له على وزن التفعلية.
ويمكن مقارنة بدر شاكر السياب الذي قام بنفس الدور في عام 1945 ب"نيما يوشيج". وقد تأثر أحمد شاملو أكثر ما تأثر بهذا الشاعر الطلائعي غير انه طور أساليبه الشعرية فيما بعد وأرسى ما وصف بالشعر الحر والشعر المنثور. إذ يمكن أن نقارن أحمد شاملو في هذا المجال بالشاعر العربي علي أحمد سعيد (أدونيس).
ولد الشاعر والباحث والمترجم الشهير أحمد شاملو عام 1925 في مدينة طهران، وقد ترك الدراسة في السنة الأولى للثانوية واشتهر كشاعر في الأوساط الأدبية منذ سن السابعة عشر.
فعلاوة على دواوينه الشعرية قام شاملو بترجمة قصائد وأشعار من أعظم الشعراء الأوروبيين منهم سان جان بروس ولوركا وألبرتي وآخرون؛ كما ترجم بعض الروايات وقام بابحاث في مجال التراث الشعبي الإيراني.
كما نشط شاعرنا أيضا في مجال الصحافة وقام بإصدار أو ترأس عدة صحف؛ وكان دوره في تطوير الشعر الفارسي الحديث أكثر من أي شاعر إيراني آخر حيث يتمتع شعره الجميل بلغة بليغة وعمق في المفاهيم والمضامين.
ويمكن للمتلقي أن يلمس في قصائد شاملو، الملحمة منسجمة مع الغزل ويرى الإنسان المعاصر حاضرا في معظم قصائده.
كما ويمكن أن نشاهد في أشعاره لغة أدونيس الفاخرة وملحمة محمود درويش وتحدي الجواهري للأنظمة.
فقد سيطر أحمد شاملو ولخمسة عقود على النشاط الشعري في إيران وأصبح مركزا للثقافة والأدب في البلاد.
يمجد شاملو في شعره الإنسان وشأنه وينتقد التمييز والكراهية والاضطهاد الذي يتعرض له الناس من قبل الأنظمة الاستبدادية.
وقد نهل الشاعر من الأدب الفارسي القديم واللغة الفارسية القديمة حيث مزج هذا التراث مع الحداثة بإدخاله عنصر الإنسان المعاصر ومعاناته في قصائده.
سجن شاملو لفترة قصيرة إبان الحرب العالمية الثانية بتهمة مناصرة الألمان في حربهم ضد الحلفاء غير انه سرعان ما قد تغيرت عقيدته وأصبح يساريا ديمقراطيا وحتى آخر لحظات حياته.
كما عارض أحمد شاملو بأشعاره نظام الشاه وأهدى أجمل قصائده للمناضلين اليساريين الذين كافحوا أو قتلوا في السجون أو في حروب الشوارع ولم تخل أشعاره بعد الثورة الإسلامية من انتقادات تجاه أحداث في المجتمع الإيراني.
بعد ديوانه "القصائد المنسية" التي صدر في الأربعينات من القرن المنصرم وهو ديوان لأشعار حب سطحية، نشر شاملو ديوان "الهواء النقي" في الخمسينات، وطرح نفسه كشاعر له وزنه ودوره في ساحة الشعر والأدب؛ وتلا ذلك بدواوين أهمها "بستان المرائي" و" آيدا في المرآة" و"آيدا والشجر والخنجر والذكريات" و" مراثي التراب" و" التفتح في الضباب" و"إبراهيم في النار" و" خنجر في الصحن".
و"آيدا" هذه هي المرأة التي أحبها أحمد شاملو في الستينات بعد أن طلق زوجته الأولى حيث استقرت آيدا وحبها المتوهج في نفس شاملو ملهما شعريا له.
وكان أحمد شاملو باحثا دؤوبا في مختلف مناحي الحياة الأدبية والثقافية، لا يكل ولا يتعب حيث أغنى المكتبة الفارسية بدواوينه وترجماته وبحوثه الفولكلورية.
ويعتبر النقاد أحمد شاملو من أكبر نقاد الشعراء الكبار حيث انتقد سعدي الشيرازي لمواقفه تجاه المرأة، كما انتقد الفردوسي لمغالطته التاريخية في قصة "كاوة الحداد والضحاك". وقد جلبت هذه الانتقادات وخاصة آراؤه حول الفردوسي الذي يعتبر محييا للغة الفارسية، جلبت لشاملو المزيد من الشتائم والانتقادات.
يعد أحمد شاملو من أعظم شعراء الرعيل الأول في إيران؛ والذين كان أبرزهم نيما يوشيج، ومهدي أخوان ثالث، وحميد مصدق، وهوشنك ابتهاج.
وأشعار شاملو بالفارسية كأغنيات فيروز بالعربية لا تحدها حدود طبقية أو مذهبية أو دينية؛ حيث وكما كان يتغنى المناضلون الوطنيون واليساريون من جهة والكتائبيون واليمينيون من جهة أخرى في لبنان بأغنيات فيروز فقد كانت قصائد شاملو أيضا تطرب قلوب المعتقلين في السجون والمناضلين ضد حكم الشاه البهلوي. وهذا هو معنى الفن الحقيقي الذي يتخطى نظام الطبقي والديني حيث يصل إلى المشترك الإنساني بين أبناء البشر.