بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لو لا أن هدانا الله والصلاة والسلام على أمين الله على وحيه وعباده محمد المصطفى وآله الهداة الابرار.
مستمعينا الكرام السلام عليكم ورحمه الله وبركاته، وأهلا بكم في برنامج القصص الحق.
أيها الاحبة في هذه الحلقة من البرنامج نتوقف عند حادثة عظيمة شهدتها صفحات تاريخ الاسلام الا وهي حادثة المباهلة التي خلّدها القرآن الكريم ووصفها بأنها القصص الحق حيث ذكرت في الآية ٥۹ الى ٦۱ من سورة آل عمران. فتابعونا ايها الكرام ضمن الفقرات التالية:
بداية نتبرك بالانصات الى تلاوة هذه الآيات، ثم نتعرف على معانى مفرداتها وعباراتها. ونستمع بعدها الى اجابة ضيف هذا اللقاء عن سؤال بشأن إعتراض أورده الفخر الرازي وآخرون على نزول الآية ٦۱ في أهل البيت (عليهم السلام)، لنستمع بعد ذلك الى الحكاية عبر محطة القصة، ونغترف من معين عالم اهل البيت (عليهم السلام) الامام الرضا سلام الله عليه ورواية بالموضوع. ومسك الختام مع باقة من الدروس التي تتضمنها الآيات، فأهلا ومرحبا بكم، الى فقرات هذا اللقاء. المقدمة تتحدث هذه الآيات عن أحد ردود القران الكريم على محاورات مسيحيي نجران الذين جاؤوا في وفد مؤلّف من ٦۰ شخصاً وفيهم عدد من زعمائهم بقصد التحاور مع رسول الله (صلى الله عليه وآله).
ومن بين المواضيع التي طرحت في ذلك الاجتماع مسألة أُلوهية المسيح التي رفضها رسول الله (صلى الله عليه وآله) واستدلّ بأنّ المسيح وُلِد وعاش كبقية الناس ولايمكن أن يكون إلهاً، لكنّهم استدلّوا على ألوهيته بولادته من غير أب، فنزلت الآية ردّاً عليهم، ولمّا رفضوا ذلك دعاهم إلى المباهلة.
فلنستمع الى الآيات التاليات من سورة آل عمران المباركة.
التلاوة
"إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ{٥۹} الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُن مِّن الْمُمْتَرِينَ{٦۰} فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ{٦۱}"
المفردات
بداية تورد الاية المباركة استدلالاً قصيراً وواضحاً في الردّ على مسيحيي نجران بشأن الوهية المسيح: إنّ ولادة المسيح من غير أب لايمكن أن تكون دليلاً على أنّه ابن الله أو أنّه الله بعينه، لأنّ هذه الولادة قد جرت لآدم بصورة أعجب فهو قد ولد من غير أب ولا أم، وعليه، فكما أنّ خلق آدم من غير والدين لايستدعي القول بألوهيته، لأنّ الله قادر على كلّ شيء، ولأن «فعله» و«إرادته» متناسقان فإذا أراد شيئاً يقول له: كن فيكون، كذلك ولادة عيسى من أمّ وبغير أب، لاتدلّ على ألوهيته لذا تقول الآية: "إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ{٥۹} الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُن مِّن الْمُمْتَرِينَ{٦۰" هذه الآية تؤكد الموضوع وتقول: إنّ ما أنزلنا على الرسول بشأن المسيح أمرٌ حقيقي من الله ولايعتريه الشك، فعليكم ان لا تتردّدوا في قبوله.
اما في تفسير (الحق من ربّك) للمفسّرين رأيان: الرأي الأول يقول: إنّ الجملة مبتدأ وخبر، وبذلك يكون المعنى: الحقّ دائماً من ربّك، وذلك لأنّ الحقّ هو الحقيقة، والحقيقة هو الوجود، وكلّ وجود ناشيء من وجوده، لذلك فكلّ باطل عدم، والعدم غريب على ذاته.
الرأي الثاني يقول: إنّ الجملة خبر لمبتدأ محذوف تقديره «تلك الأخبار». أي تلك الأخبار التي أنزلناها عليك حقائق من الله، وكلّ من التفسيرين ينسجم مع الآية.
بعد الآيات التي استدلّ فيها على بطلان القول بألوهية عيسى بن مريم، يأمر الله نبيه بالمباهلة إذا جاءه من يجادله من بعد ما جاءه من العلم والمعرفة، وأمره أن يقول لهم "فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ".
بمعنى انّي سأدعو أبنائي، وأنتم أدعوا أبناءكم، وأدعو نسائي، وأنتم أدعوا نساءكم، وأدعو نفسي، وتدعون أنتم أنفسكم، وعندئذ ندعو الله أن ينزل لعنته على الكاذب منّا.
المُباهَلة في الأصل من مادة «بَهْل» بمعنى اطلاق وفك القيد عن الشيء وبذلك يقال للحيوان الطلق حيث لاتوضع محالبها في كيس كي يستطيع وليدها أن يرضع بسهولة يقال له:«باهل»، و«ابتهال» في الدعاء بمعنى التضرع وتفويض الأمر إلى الله.وإذا فسّروها بمعنى الهلاك واللّعن والبعد عن الله كذلك بسبب ترك العبد طلقاً وحراً في كلّ شيء تترتب عليه هذه النتائج، هذا معنى «المباهلة» لغةً.
امّا من حيث المفهوم فهو يعنى الملاعنة بين الشخصين، ولذا يجتمع أفراد للحوار حول مسألة دينية مهمّة في مكان واحد ويتضرعون الى الله أن يفضح الكاذب ويعاقبه.
إنّ المباهلة ـ وإن لم يكن في الآية ما يشير إلى تأثيرها ـ كانت بمثابة «السهم الأخير» بعد أن لم ينفع المنطق والاستدلال، فإنّ الدعاء وحده لم يكن المقصود بها، بل كان المقصود منها هو «أثرها الخارجي».
اما الذين اصطحبهم النبى (صلى الله عليه وآله) معه للمباهلة بهم هم: الحسن والحسين وفاطمة وعلي أهل بيته(عليهم السلام)وقد أجمعت على ذلك الرويات، وعليه، فإنّ «أبناءنا» الواردة في الآية ينحصر مفهومها في الحسن والحسين (عليهما السلام)، ومفهوم «نساءنا» ينحصر في فاطمة (عليها السلام)، ومفهوم «أنفسنا» ينحصر في علي (عليه السلام).
*******
زين العابدين: بسم الله الرحمن الرحيم سؤال جميل هذه الاية الحادية والستون من سورة آل عمران "فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ"هذه الاية المباركة اجمع المفسرون سنة وشيعة انها نزلت في نصارى نجران حينما باهلهم النبي صلى الله عليه واله وسلم وجاء النبي بعلي عليه السلام وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، يجمع المفسرون، صحيح ان الاية جاءت بصيغة الجمع ولكن التطبيق لم يأتي الرسول الاكرم صلى الله عليه واله وسلم الا بعلي والحسن والحسين فلهذا نفهم ان المقصود من نساءنا فاطمة عليها السلام ومن ابناءنا الحسن والحسين ومن انفسنا علي عليه السلام وهذه حقيقة في علم التفسير يعني حتى صحيح مسلم يذكر في صحيح مسلم عن سعد بن ابي وقاص يقول امر معاوية بن ابي سفيان سعداً فقال ما منعك ان تسب ابا تراب؟ يعني ابا تراب هو علي بن ابي طالب فقال اما ماذكرت ثلاثاً قالهن له رسول الله صلى الله عليه واله فلن اسبه وان تكون لي واحدة منهن احب الي من حمر النعم، سمعت رسول الله صلى الله عليه واله يقول وقد خلفه في بعض مغازيه فقال له يارسول الله خلفتني مع النساء والصبيان فقال له رسول الله اما ترضى ان تكون مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لانبوة بعدي وسمعته يقول وهذا سعد بن ابي وقاص، هذا الحديث يذكره مسلم في صحيحه، في صحيح مسلم فقال له رسول الله اما ترضى ان تكون مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لانبوة بعدي وسمعته يقول يوم خيبر لأعطين الراية رجلاً يحب الله ورسوله قال فتطاولنا لها فقال ادعو لي علياً فأتي به ارمد العين فبصق في عينه ودفع الراية اليه وفتح الله على يديه ولما نزلت هذه الاية يعني "فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ" دعا رسول الله علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً وقال اللهم هؤلاء اهل بيتي طبعاً هذا حديث في صحيح مسلم ورواه كذلك الترمذي في صحيحه ورواه ابو نعيم ورواه الحميمي في كتاب قواعد السلطين وكثير من كتب التفسير يعني هناك حقيقة من الحقائق ان الرسول الاكرم صلى الله عليه واله لم يأتي الا بعلي وفاطمة والحسن والحسين ولهذا كان تطبيق نساءنا على فاطمة عليها السلام وتطبيق انفسنا على علي عليه السلام وتطبيق ابناءنا على الحسن والحسين وهذا كثير في التفسير يعني القرآن في كثير من الايات جاءت "إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ" جاءت احياناً في آيات ليس في شخص واحد يعني بلسان الجمع ولكنها تعني في اسباب النزول شخص او اشخاص معينين وهذا كثير ما جاء في القرآن الكريم ولم يدعي احداً من المفسرين ان الرسول الاكرم صلى الله عليه واله قد جاء بغير هؤلاء وهذا يعبر عن مدى اخلاص النبي ولهذا نصارى نجران، رؤساء النصارى قالوا ان باهلنا بقومه باهلناه فأنه ليس نبياً وان باهلنا بأهل بيته خاصة لم نباهله فأنه لايقدم الى اهل بيته الا وهو صادق فلما اصبحوا جاءوا الى رسول الله صلى الله عليه واله ومعه علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام فقال النصارى من هؤلاء؟ فقيل لهم هذا ابن عمه ووصيه واسمه علي بن ابي طالب وهذه ابنته فاطمة وهذان ابناه الحسن والحسين ففرقوا، فرقوا يعني خافوا وارتعبوا فقالوا يارسول الله صلى الله عليه واله نعطيك حقنا من المباهلة فصالحهم رسول الله على الجزية هذه الرواية يذكرها جميع المفسرين ان النبي لم يأتي الا بهؤلاء وهذه حقيقة من الحقائق في عالم التفسير ولكن مع الاسف بعض المفسرين حاولوا ان يطمسوا هذه الحقيقة يعني مثلاً في تفسير الجلالين يذكر هذه الرواية يقول لقد خرج الرسول ومعه الحسن والحسين وفاطمة وعلي وقال اذا دعوت فأمنوا فأبوا ان يلاعنوا يعني النصارى حينما رأوا ما جاء به النبي من اخص خاصته وهذا يدل على مدى صدق النبي انه جاء بأكثر الناس قرباً منه ولو كان كاذباً او مدعياً او ليس مطمئناً من نفسه لما جاء بهؤلاء.
*هنا إعتراض مشهور أورده الفخر الرازي وآخرون على نزول هذه الآية في أهل البيت(عليهم السلام)، يقول هؤلاء: كيف يمكن أن نعتبر أنّ القصد من«أبناءنا» هو الحسن والحسين(عليهما السلام) مع أنّ «أبناء» جمع ولاتطلق على الاثنين؟ وكذلك«نساءنا» جمع، فكيف تطلق على سيدة الإسلام فاطمة(عليها السلام) وحدها؟ وإذا كان القصد من «أنفسنا» علي(عليه السلام) وحده فلماذا جاء بصيغة الجمع؟
نستمع لإجابة ضيف هذا البرنامج عن هذا السؤال فتابعوا معنا...
*******
القصة (قصة المباهلة)
كتب النبي(صلَّى الله عليه وآله) كتابا إلى«أبي حارثة» أسقف نَجران دعا فيه أهالي نَجران إلى الإسلام، فتشاور أبو حارثة مع جماعة من قومه ، فآل الأمر إلى إرسال وفد مؤلف من ستين رجلا من كبار نجران وعلمائهم لمقابلة الرسول(صلَّى الله عليه وآله) والاحتجاج أو التفاوض معه، وما أن وصل الوفد إلى المدينة حتى جرى بين النبي وبينهم نقاش وحوار طويل لم يؤد إلى نتيجة، عندها أقترح عليهم النبي المباهلةـ بأمر من الله ـ فقبلوا ذلك وحددوا لذلك يوما، وهو اليوم الرابع والعشرون من شهر ذي الحجة السنة العاشرة للهجرة .
لكن في اليوم الموعود عندما شاهد وفد نجران أن النبي(صلَّى الله عليه وآله) قد إصطحب أعز الخلق إليه وهم علي بن أبي طالب وابنته فاطمة والحسن والحسين، وقد جثا الرسول(صلَّى الله عليه وآله) على ركبتيه استعدادا للمباهلة، انبهر الوفد بمعنويات الرسول وأهل بيته وبما حباهم الله تعالى من جلاله وعظمته، فأبى التباهل .
وقالوا: حتى نرجع وننظر، فلما خلا بعضهم إلى بعض قالوا للعاقِب وكان ذا رأيهم: يا عبد المسيح ما ترى؟ قال والله لقد عرفتم أن محمدا نبي مرسل ولقد جاءكم بالفصل من أمر صاحبكم، والله ما باهَل قومٌ نبيًّا قط فعاش كبيرهم ولا نبت صغيرهم، فإن أبيتم إلا إلف دينكم فوادعوا الرجل وانصرفوا إلى بلادكم، وذلك بعد أن غدا النبي آخذا بيد علي والحسن والحسين(عليهم السَّلام) بين يديه، وفاطمة(عليها السَّلام) خلفه، وخرج النصارى يقدمهم أسقفهم أبو حارثة، فقال الأسقف: إني لأرى وجوها لو سألوا الله أن يزيل جبلا لأزاله بها، فلاتباهلوا، فلايبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة، فقالوا: يا أبا القاسم إنا لانُباهِلَك ولكن نصالحك، فصالحهم رسول الله(صلَّى الله عليه وآله) على أن يؤدوا إليه في كل عام ألفي حُلّة، ألفا في صفر وألفا في رجب، وعلى عارية ثلاثين درعا وعارية ثلاثين فرسا وثلاثين رمحا .
وقال النبي(صلَّى الله عليه وآله): والذي نفسي بيده إن الهلاك قد تدلّى على أهل نجران، ولو لاعنوا لمسخوا قردة وخنازير ولأضطرم عليهم الوادي نارا، ولما حال الحول على النصارى كلهم حتى يهلكوا.
من هدى الائمة _عليه السلام_
روي عن الامام الرضا(عليه السلام): في حديثه مع المأمون والعلماء في الفرق بين العترة والأمة، وفضل العترة على الأمة، وفيه قال العلماء: هل فسر الله الاصطفاء في كتابه؟ فقال الرضا(عليه السلام): فسر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثني عشر موضعا وذكر المواضع من القرآن، وقال فيها: وأما الثالثة حين ميز الله الطاهرين من خلقه، وأمر نبيه بالمباهلة بهم في آية الابتهال فقال عز وجل "فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ" قال العلماء: عنى به نفسه، قال أبو الحسن: غلطتم إنما عنى به علي بن أبي طالب، ومما يدل على ذلك قول النبي: لينتهين بنو وليعة أو لأبعثن إليهم رجلا كنفسي يعني علي بن أبي طالب، وعنى بالأبناء الحسن والحسين، وعنى بالنساء فاطمة فهذه خصوصية لايتقدمهم فيها أحد، وفضل لايلحقهم فيه بشر، وشرف لايسبقهم إليه خلق إذ جعل نفس علي كنفسه.
دروس وعبر
هناك دروس كثيرة تستفاد من قصة المباهلة، وأول تلك الدروس هو أحقية الاسلام وصدق نبينا الأكرم (صلى الله عليه واله) وذلك للاسباب التالية:
ألف - إن النصارى هزموا على مستوى المنطق والحوار، حيث احتجوا بأن عيسى(عليه السلام) لم يكن له أب، فإذن أبوه هو الله فأجابهم النبي (صلى الله عليه وآله)
بأن مثله كآدم (عليه السلام) خلقه الله من تراب حيث لا أب له ولا ام فإذا كان من لايملك أباً يكون ابن الله كما تزعمون. فإن من لايملك أبا ولا أما أحق أن يكون ابنا لله من عيسى(عليه السلام)، فسكتوا ولم يحيروا جوابا.
* ثم هزموا على مستوى التحدي بنزول العذاب على الكاذب من الفريقين فلما رفضوا الكلام المنطقي والعلمي تحداهم النبي (صلى الله عليه واله) بأن دعاهم بأن يطلب كل فريق نزول العذاب على الفريق الآخر الكاذب، فخافوا نزول العذاب عليهم لأنهم كانوا يعلمون في أنفسهم بأنه(صلى الله عليه وآله) نبي صادق ولمّا رأوا تلك الوجوه النورانية مع النبي(صلى الله عليه وآله) من أبنائه وأهل بيته قال أُسقفهم اني لأرى وجوهاً لو طلبوا من الله تعالى أن يزيل جبلاً من مكانه لأزاله.
لذلك اعتذروا من النبي(صلى الله عليه وآله) ولم يباهلوه. بل قالوا له نعطيك ألف حلة في رجب وألف حلة في صفر ولانباهلك فوافق النبي(صلى الله عليه وآله) على ذلك.
والدرس الثاني هو عظمة أهل بيت النبي(صلى الله عليه واله) من وجوه كثيرة منها أن النبي (صلى الله عليه وآله) لم يدع للمباهلة معه غير أهل بيته عليا وفاطمة وحسنا وحسينا عليهم السلام فلم يدع أصحابه ولا زوجاته ولا أولاد المسلمين ومنها قوله (صلى الله عليه وآله) عنهم، أي علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام: "اللهم هؤلاء أهلي أو أهل بيتي وبذلك يبين النبي (صلى الله عليه وآله) أن لفظة أهل البيت (عليهم السلام) الواردة في قوله تعالى: " إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً" إنما هي في هؤلاء ولا غير".
النقطة الاخرى التي تكشف عنها الآيات هي انه لو آمن الانسان بهدفه وعلم به علما كاملا وايمانا راسخا كما تنص الاية "مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ" لضحى ليس فقط بنفسه بل بالمقربين منه ايضا.
من لم يقبل بالدلائل المنطقية والعقلية لا طريق معه سوى المباهلة ولو استقام اهل الحق على عقيدتهم ومبادئهم لانسحب الاعداء بسبب بطلان حججهم.