بسم الله وله الحمد كما يستحقه، ثم أفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا ونبينا حبيب إله العالمين محمد وعلى آله الأطيبين الأطهرين.. حضرات المستمعين الأفاضل سلام من الله عليكم ورحمة من لدنه تعالى وبركاته.. أهلاً وسهلاً ومرحباً بكم أينما كنتم وأنتم تستمعون الى حلقة أخرى ضمن برنامجكم القرآني "نهج الحياة" حيث سنكمل فيها بإذن الله تفسير سورة البروج المباركة بدأً بالإستماع الى تلاوة الآيات الثانية عشرة حتى السادسة عشرة منها...
إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ{12} إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ{13} وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ{14} ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ{15} فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ{16}
"البطش" عزيزي المستمع، هو الأخذ بالقهر والغلبة، و"العرش" هو كرسي الحكم وهو كناية عن التدبير الإلهي. وقيل أيضاً إن العرش هو المكان الذي يضم كل الوجود، لذا فإن (ذو العرش) تعني صاحب كل الوجود ومركز إدارة الكون.
ومما تعلمه إيانا هذه الآيات البينات أولاً: لا يستطيع أحد ولا يستطيع أي شيء أن يكون مانعاً للقهر والغلبة الإلهية حسب قوله عز من قائل " إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ"
ثانياً: القهر والعقاب من الشؤون الربانية المساعدة على تحقيق أهداف الرسالة ومواساة الأنبياء.
ثالثاً: الخلق والإرجاع، عمل الله الدائم بقوله عزوجل (إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ)
رابعاً: تتساوى قدرة الله تعالى على الخلق والإرجاع.
خامساً: إن الله تعالى هو القاهر والغالب وهو الغفور المحب كذلك.
سادساً: مضافاً الى الخلق، فإن التدبير والحكم على كل شيء هو لله تعالى.
سابعاً: لا شيء يمنع إرادة الله في المحبة والعقاب.
وثامناً: ليس لأعمال الله أي محدودية، فمن الواضح أن الإرادة الإلهية مصاحبة للحكمة، وأن إرادته لا تشمل الأعمال غير الحكيمة.
أما الآن، إخوتنا الكرام، ننصت وإياكم خاشعين الى تلاوة الآيات السابعة عشرة حتى الثانية والعشرين وهي آخر آيات سورة البروج المباركة..
هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ{17} فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ{18} بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ{19} وَاللَّهُ مِن وَرَائِهِم مُّحِيطٌ{20} بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ{21} فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ{22}
تشير هذه الآيات الكريمات، أيها الأحبة، الى أن فرعون وثمود كانوا من أرفع الأقوام مرتبة في الحضارة والسلطة والإمكانات وقد أشير إلى ذلك في آيات أخرى من القرآن الكريم، لذا ذكر إسمهما هنا.
كما تشير الآيات إلى أن الإعلان عن قدرة الله على قلع القوى العظمى وقمعها، فيه نوع من التسكين للمؤمنين.
أيضاً تشير الآيات إذا ما جاءت كلمة "قرآن" مع الـف لام التعريف، فيكون المقصود هو القرآن نفسه؛ ولكن بدون ألف ولام فيكون بمعنى المقروء. كما قال تعالى في هذه الآيات (بل هو قرآن مجيد) أي إن ألفاظ الوحي قرئت على النبي (ص).
ومما نستقيه من منهل هذه الآيات المباركة أولاً: في البداية يجب أن نشوق المستمع، ثم نقول ما لدينا كآية (هل أتاك حديث الجنود).
ثانياً: يجب أن يكون لدينا إطلاع على تاريخ السابقين وأن نعتبر من تصرف الله تعالى فيهم.
ثالثاً: أقوى الجيوش والجنود لا تساوي شيئاً أمام القهر الإلهي.
رابعاً: يصر الكافرون على تكذيب القرآن وتكذيب وعوده.
أيضاً مما تعلمه إيانا هذه الآيات الشريفة هو: الظالمون ليسوا خارج مدار قدرة الله تعالى ولا يملكون أي سبيل للفرار؛ ولكنهم لا يعلمون ذلك؛ كلمة (وآرءهم) تدل على غفلتهم عن علم الله تعالى وقدرته.
أيضاً؛ الله تعالى صاحب المجد والعظمة وقرآنه كذلك.
وأيضاً: اللوح المثبت عليه القرآن، ليس معروفاً بالنسبة إلينا؛ ولكنه محفوظ عند الله.
وأخيراً: القرآن الكريم مصان من أي تحريف أو تهديد.
أحبة الإيمان، مع ختام تفسير سورة البروج المباركة وصلنا وإياكم الى ختام هذه الحلقة من برنامج "نهج الحياة" فحتى لقاء آخر وتفسير ميسر لسورة أخرى من سور القرآن الكريم نستودعكم الله تعالى والسلام خير ختام.