بسم الله وبالله والحمد لله حمداً كما هو أهله،، ثم أفضل الصلاة وأتم التسليم على أشرف الخلق سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الأطيبين الأطهرين.. حضرات المستمعين الأكارم السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركات.. طابت أوقاتكم بكل خير وأهلاً بكم أينما كنتم وأنتم تستمعون الى حلقة أخرى من برنامجكم (نهج الحياة) حيث سنستأنف فيها التفسير الموجز لآيات سورة النبأ المباركة بدأً بالإستماع الى تلاوة الآيات السابعة عشرة حتى العشرين منها..
إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً{17} يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً{18} وَفُتِحَتِ السَّمَاء فَكَانَتْ أَبْوَاباً{19} وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً{20}
إن يوم القيامة، أيها الأحبة، هو يوم الجمع من جهة، لأن الكل يجتمع فيها، ومن جهة أخرى فهو يوم الفصل، لأنه يُفصل فيها بين الصالحين والطالحين، والحق والباطل.
وقد جاء في الروايات أنه في يوم القيامة يقسّم الناس الى مجموعات مختلفة ولكل مجموعة هيئة حسب أعمالهم وأفعالهم في الدنيا.
أما حركة الجبال هي مقدمة لإرتطامها ببعض، وتفتتها وتشتت أحجارها، حتى تصبح في النهاية كالرمال الجارية، وترى من بعيد كأنها سراب.
ومما تعلمه إيانا هذه الآيات المباركة أولاً: الدنيا مقدمة للقيامة، وكل نعمها ليست عبثاً أو بلا فائدة.
ثانياً: وقت يوم القيامة معروف عند الله عزوجل من قبل.
ثالثاً: يتغير نظام السماء والأرض يوم القيامة.
رابعاً: لا يترك الإنسان ولا يُنسى بالموت.
خامساً: لا تغتروا بالعلاقات والإرتباطات الدنيوية، فسيأتي يوم يُفرق فيه بين كل شيء.
وسادساً: يتسع ارتباط أهل السماء والأرض في يوم القيامة.
أما الآن، إخوتنا الأطائب، نشنف أسماعنا بتلاوة مرتلة من الآيات الحادية والعشرين حتى الثلاثين من سورة النبأ المباركة..
إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً{21} لِلْطَّاغِينَ مَآباً{22} لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَاباً{23} لَّا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً وَلَا شَرَاباً{24} إِلَّا حَمِيماً وَغَسَّاقاً{25} جَزَاء وِفَاقاً{26} إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَاباً{27} وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّاباً{28} وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَاباً{29} فَذُوقُوا فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَاباً{30}
"المرصاد" أيها الأفاضل، يعني الكمين، و"طاغين" من الطغيان أي التمادي في المعصية إلى أبعد الحدود؛ و"مآب" من الأوب بمعنى الرجوع، ويقال لعاقبة المرء مآب، لأن الإنسان يصنعها بعمله وسيعود إليها.
أما "أحقاب" فجمع حُقب وتعني الفترة الزمنية الطويلة؛ وقد جاء في الروايات: "أحقاب" جمع حقب وكل حقبة ستين سنة، ويقول بعضٌ: إنه ثمانون سنة؛ إذ إن كل يوم فيها كألف سنة مما تعدون في الدنيا.
و"حميم" أيها الكرام، فهو الماء الحار، و"غساق" السائل الأصفر الذي يخرج من الجرح.
وقد يكون معنى الآية هو أن جهنم تنتظر الجميع بالمرصاد، ولكن المتقين يعبرون منها ويبقى المجرمون فيها. ومع أخذ العدل الإلهي بعين الإعتبار فإن العذاب والجزاء متناسبان مع جنس العمل؛ والعذاب الزائد الذي ذُكر في آية " فَذُوقُوا فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَاباً" هو نتيجة للكفر الزائد والفرار من الحق؛ فقد كان فرار الكفار يزداد في مقابل كل دعوة للأنبياء، ولهذا سيزيد الله تعالى من عذابهم، أجارنا الله وإياكم منه.
إخوة الإيمان، مما نتعلمه من الآيات التي ذكرناها أولاً: إن جهنم، ومن الآن، بالمرصاد للمجرمين.
ثانياً: وقوع المجرمين بالكمين هو أمر حتمي.
ثالثاً: الطغيان هو من علائم أهل النار.
رابعاً: عقاب الله تعالى، يكون عادلاً.
خامساً: مجرد احتمال الحساب والعقاب في يوم القيامة هو كاف للتحكم بالإنسان.
سادساً: عدم الإعتقاد بيوم القيامة هو سر الطغيان.
سابعاً: يمهد إنكار القيامة لإنكار كل شيء.
وثامناً: ثمة حساب وكتاب للأعمال الصغيرة منها والكبيرة وقد أحاط علم الله تعالى بكل شيء وهذه الإحاطة ثابتة وباقية، فالكتابة هي سر الثبات والبقاء.
بهذا، إخوتنا المستمعين الأفاضل، وصلنا الى نهاية هذه الحلقة ضمن برنامج "نهج الحياة" ختاماً تقبلوا تحيات إخوتكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، والسلام خير ختام.