بسم الله الرحمن الرحيم وبه تبارك وتعالى نستعين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.. مستمعينا الأفاضل في كل مكان سلام من الله عليكم ورحمة من لدنه تعالى وبركات وأهلاً ومرحباً بكم وأنتم تتابعون من صوت الجمهورية الإسلامية في ايران برنامجكم القرآني (نهج الحياة) حيث سنبتدئ في حلقتنا هذه تفسير سورة النبأ المباركة وهي بداية آخر جزء من أجزاء القرآن الكريم..
أيها الأحبة، تستدل آيات سورة النبأ المباركة على وقوع يوم القيامة بالنظام الحكيم الحاكم على الطبيعة، وتعتبر أن القيامة ضرورية لإجراء نظام الثواب والعقاب وأنها من لوازم الحكمة الإلهية وبدونها يكون وجود الإنسان عبثاً وبلا فائدة.
وفي تتمة السورة، تشير إلى جزء من العذاب الشديد للطغاة وتبين نعم الجنة وتختم بتحذير الكافرين بشدة.
أما الآن.. أيها الكرام، ندعوكم للإستماع الى تلاوة الآيات الأولى حتى الخامسة من سورة النبأ المباركة..
بسم الله الرحمن الرحيم.. عَمَّ يَتَسَاءلُونَ{1} عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ{2} الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ{3} كَلَّا سَيَعْلَمُونَ{4} ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ{5}
كلمة "نبأ" أيها الأفاضل..تعني الخبر المهم والحتمي، ويفهم من الآيات اللاحقة أن المقصود من هذا الخبر هو وقوع القيامة؛ كما عرّفت الروايات الإمام علياً (ع) على أنه أحد مصاديق النبأ العظيم.
وينقسم الكفار في هذه الآيات، إلى مجموعات عدة في ما يخص المعاد، فيعتقد البعض أنه بعيد ومستحيل، وبعض آخر يشكك فيه، وبعض ثالث يعاند فيه.
ومما تعلمه إيانا هذه الآيات العظيمة أولاً: ابتداء الكلام بالسؤال، يجعل الحديث مؤثراً.
ثانياً: التشكيك في القيامة هو عمل الكافرين.
ثالثاً: إذا كان السؤال طبيعياً يجب الإجابة عنه، ولكن إن كان ناشئاً عن المكر والعبث فيجب التصدي عنه.
رابعاً: يجب مواجهة الهمز واللمز على المقدسات والمعتقدات الحتمية بشكل قطعي.
وخامساً: يجب تكرار كلام الحق في مقابل التشكيك.
والآن، إخوتنا الأكارم، ننصت وإياكم خاشعيت الى تلاوة الآيات السادسة حتى الحادية عشرة من سورة النبأ المباركة..
أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَاداً{6} وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً{7} وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجاً{8} وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً{9} وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاساً{10} وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشاً{11}
"أوتاد" جمع وتد بمعنى المسمار، وتشبيه الجبل بالمسمار، أيها الأفاضل، هو المعجزات العلمية للقرآن الكريم، فتمتد الجبال في عمق الأرض وتحول دون حركة طبقات الأرض وحدوث الزلازل الدائمة.
أما "السبات" فيعني التعطيل والتوقف عن العمل وهو يبعث في الجسم والروح الراحة والإستقرار.
ومما نستقيه من منهل هذه الآيات المباركة أولاً: التأمل في الوجود هو من أفضل الطرق لمعرفة الله ومعرفة المعاد.
ثانياً: الإنسان عبدٌ لله في عقله وضميره، وبالإمكان سؤال ضميره عن القدرة الإلهية.
ثالثاً: يستدل بقدرة الله عزوجل على حدوث القيامة من خلال قدرته على خلق الأرض والسماء والظواهر الطبيعية الأخرى.
رابعاً: ينبغي الإستدلال على العقائد الحقة بعد نفي الأفكار الباطلة.
خامساً: يستطيع الإنسان أن يعتبر من الأرض والزمان والنوم والأكل، إن لم يكن معانداً.
سادساً: تدل قدرة الله وحكمته في خلقنا وخلق الوجود على أنه لن يتركنا بعد الموت.
والآن، إخوة الإيمان، نستمع معاً خاشعين الى تلاوة الآيات الثانية عشرة حتى السادسة عشرة من سورة النبأ المباركة..
وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً{12} وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً{13} وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاء ثَجَّاجاً{14} لِنُخْرِجَ بِهِ حَبّاً وَنَبَاتاً{15} وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً{16}
كلمة "معصرات" أيها الأعزاء، من العصر أي الضغط، أو أنها صفة للسحاب الحامل للمطر، وكأن السحاب يعصر نفسه لينزل المطر، أو أنها صفة للرياح التي تجمع السحب معاً وتعصرها لينزل منها المطر.
ومن تعاليم هذه الآيات البينات أولاً: بنى الله تعالى إدارته للوجود على أساس نظام محدد (نظام السببية والعلة والمعلول).
ثانياً: لا ينبغي أن تجرنا الأسباب والعوامل الطبيعية الى الغفلة عن الله سبحانه وتعالى.
وثالثاً: الله الذي أحيا الأرض الميتة بنزول المطر وجعلها بستاناً أخضر، ليس بعاجز عن أن يحيي الموتى.
الى هنا، أيها الإخوة والأخوات، نصل وإياكم الى نهاية هذه الحلقة من برنامج (نهج الحياة) فعلى أمل اللقاء في حلقة قادمة نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمته تعالى وبركاته.