موضوع البرنامج:
خفاء الولادة المهدوية
الدولة المهدوية والديمقراطية
قال لي: سيفتح لك الطريق
معقلي صاحب الزمان فأني
أحتمي من الدهر بقطب رحاها
النجاة النجاة يا من به لا
بسواه ينالها من رجاها
وقليل إن أدركت بك نفس
كل شيء ترومه من مناها
أزد بسط راحتيك فأني
أغتني بالصدور عن جدواها
قلب ثن فالزعيم أكرم من أن
ترتجيه نفس ويعدو رجاها
بمعاني علاه خلفة صدق
يملأ الأرض والسماء علاها
بسم الله وله الحمد والمجد مجيب الدعوات وسامع الأصوات وأزكى الصلوات المتواترات والتحيات المترادفات على صفوته الهداة الحبيب المصطفى وآله مصابيح الهدى. السلام عليكم إخوة الإيمان.. رحم الله الأديب الولائي العالم الشيخ كاظما الأزري الذي قرأنا لكم آنفا بعض الأبيات في التوسل إلى الله بوليه المهدي _عجل الله فرجه_ وهي من الأبيات الختامية من قصيدته الملحمية الشهيرة المعروفة بالأزرية رضوان الله عليه. فقرات أخرى تستمعون لها أيها الأعزاء في هذا اللقاء من برنامج شمس خلف السحاب نعرفكم بها أولا وهي:
فقرة عقائدية عنوانها خفاء الولادة المهدوية.
تليها إجابة لسماحة السيد محمد الشوكي عن سؤال بشأن: الدولة المهدوية والديمقراطية .
أما حكاية هذا اللقاء فقد وضعنا لها العنوان التالي: قال لي: سيفتح لك الطريق.
أطيب الأوقات نرجوها من الله عزوجل لكم مع فقرات البرنامج وندعوكم إلى الفقرة العقائدية التي تحمل العنوان التالي:
خفاء الولادة المهدوية
في حديث مروي في كتاب كمال الدين قال إمامنا علي بن الحسين السجاد _عليه السلام_: "القائم منا تخفى ولادته على الناس حتى يقولوا لم يولد بعد ليخرج حين يخرج وليس لأحد في عنقه بيعة".
وروى الشيخ المفيد في كتاب الأمالي بسنده عن أبي خالد الكابلي قال: قال لي علي بن الحسين عليهما السلام "يا أبا خالد لتأتين فتن كقطع الليل المظلم لا ينجو إلا من أخذ الله ميثاقه، أولئك مصابيح الهدى وينابيع العلم ينجيهم الله عن كل فتنة مظلمة".
مستمعينا الأفاضل، يشتمل الحديث الأول على أحد دلائل الإمامة السجادية، إذ أخبر إمامنا زين العابدين عليه السلام وبتعليم من عالم الغيب والشهادة جل جلاله بواسطة جده المصطفى _صلى الله عليه وآله_، أخبر عن أمر غيبي صدقه التاريخ بعد ما يقارب المئتي عام. فالإمام زين العابدين عليه السلام استشهد في العقد الأخير من القرن الهجري الأول، وهو هنا يخبر عن إخفاء ولادة خاتم الأوصياء المهدي _عجل الله فرجه_ عن غير الخواص من المؤمنين في أواسط القرن الهجري الثالث، وهذا ما دلت عليه الروايات التاريخية الصحيحة فعلا.
كما أخبر عن أمر غيبي آخر وهو أن غير الخواص من المؤمنين سيقولون بسبب خفاء هذه الولادة أنه لم يولد بعد، وهذا ما تحقق أيضا بالفعل.
وفي الشطر الثاني من حديثه يشير مولانا السجاد عليه السلام إلى علة إخفاء الولادة وبالتالي غيبة المهدي الموعود وهي أن ذلك إجراء ضروري إقتضته الحكمة الإلهية لحفظه _أرواحنا فداه_ من القتل على أيدي الطواغيت قبل أن يقيم دولة العدل الإلهي العالمية ولكن يتمكن من التمهيد لإقامة هذه الدولة ببركة ستار الغيبة دون أن يكون مهادنا لأي من الطواغيت إذ لا بيعة لأي منهم في عنقه _عليه السلام_.
أيها الإخوة والأخوات أما في الحديث فيبين مولانا الإمام زين العابدين عليه السلام– قضية كثرة الفتن التي يشهدها عصر الغيبة ويصفها بوصف جده المصطفى – صلى الله عليه وآله – له بأنها قطع الليل المظلم وفي ذلك إشارة الى خطورتها في الإيقاع في الضلالة والإنحرافات العقائدية وبالتالي السلوكية، خاصة بما يرتبط بمعرفة إمام الزمان والتمسك بولايته. ثم يشير _سلام الله عليه_ الى سبيل النجاة من هذه الفتن، ومحوره هو تقوية الإرتباط بالله عزوجل واللجوء إليه للنجاة منها وهو عزوجل الذي ينجي من كل فتنة مظلمة.
ويكون الإرتباط بالله عزوجل على أساس الأخذ بالهدى و اتباعه حتى يصبح المؤمن مصباحا يشع بالهدى، وكذلك على أساس الوعي وأخذ العلم الإلهي والعقائد الحقة من ينابيعها النقية والإيمان بإمام العصر على أساس ما تبينه من أدلة وبراهين علمية يقينية حتى يصبح المؤمن من هذه الينابيع النقية.
نشكر لكم أعزائنا مستمعي إذاعة طهران طيب المتابعة لهذه الحلقة من برنامج شمس خلف السحاب.. وندعوكم أيها الأحبة للإستماع لأجوبة أسئلتكم في الإتصال الهاتفي التالي:
المحاور: بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم احبائنا اهلاً بكم ومرحباً معنا مشكوراً على خط الهاتف للاجابة عن اسئلتكم سماحة السيد محمد الشوكي، سماحة السيد سلام عليكم
الشوكي: عليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته
المحاور: الاخت منى سماحة السيد من دولة الامارات تقول، سؤال بعض الشيء مفصل تربطه بالتغييرات الحاصلة في جملة من البلدان العربية وقضية حركات الاحتجاج والثورات الحاصلة ومطالبتها بالنظام الديمقراطي، تسأل عن موقف الامام المهدي سلام الله عليه في دولته وعند ظهوره من النظام الديمقراطي، كيف سيكون موقفه؟ تفضلوا سماحة السيد
الشوكي: اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله الطيبين الطاهرين المعصومين
الحقيقة هذا سؤال مهم جداً واخشى كما هو الواقع ان لااملك الوقت الكافي للاجابة عليه وانا فصلت هذا الامر في كتابي المطبوع وموجود في الاسواق المسمى بآخر الدول، نظام الدولة العالمية للامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، عقدت فصلاً لبيان ذلك النظام، نظام الدولة العالمية في زمان الامام سلام الله عليه وناقشت في هذه المسئلة،من يريد التفصيل فليرجع اليه لكن القضية فيها تفاصيل كثيرة، بصورة مجملة مادامت الاخت سألت عن ذلك اولاً بالنسبة الى النظام الديمقراطي والنظام الاسلامي، تارة نتحدث عن الخلفية الفلسفية وطبيعة النظام، تارة نتحدث عن الاليات وبعض التفاصيل، لاشك ولاريب ان النظام الديمقراطي في خلفيته الفلسفية وفي طبيعته مخالف للنظام الاسلامي وهذه قضية يجهلها الكثيرون، ديمقراطية الاسلام والاسلام الديمقراطي بعضهم يهدفون بما لايعرفون والقضية واضحة، القضية ان النظام الديمقراطي قائم على اساس حكومة الشعب، حكومة الناس فما يحكم به الشعب، تحكم به الامة يصبح حكماً ملزماً حكماً حتى ولو خالف حكم الله يعني هذا الشعب حكم بأن الزواج المثلي يجوز، اصبح حكماً نافذاً بينما في النظام الاسلامي الحكم ليس للناس ولااقصد بالحكم المؤسسات التنفيذية، اقصد الحكم التشريعي الذي هو اساس الحكم، في الاسلام الحكم لله تبارك وتعالى والنظام الاسلامي انما يطبق حكم الله وليس لأحد لابرلمان ولارئيس دولة ان يلغي حكماً الهياً وان يشرع حكماً مخالفاً للحكم الالهي فالحكومة الاسلامية، النظام الاسلامي قائم على اساس ان الحكم لله تبارك وتعالى وليس بأمكان احد برلمان او غير برلمان ان يسن حكماً مخالفاً لحكم الله انما هو يطبق حكم الله بينما في النظام الديمقراطي الحكومة للناس وليس له اصلاً الله ملغى تماماً من الحساب ومايسنه الناس يصبح حكماً نافذاً حتى ولو خالف الشرائع السماوية كلها اذن بأختصار من ناحية الخلفية الفلسفية، الرؤية الكونية، المنطلقات...الخ هناك اختلاف بين الديمقراطية وبين الاسلام، نعم من ناحية الاليات، من ناحية بعض التفاصيل هناك تطابق ولابأس في ذلك يعني الحريات، احترام الرأي الاخر، المساواة، حقوق الانسان، حرية النقد، هذه الامور التي هي في الحقيقة قيم انسانية عمقها الاسم ودعت ايضاً اليها الديمقراطية، هذه الامور يلتقي فيها الاسلام مع الديمقراطية فأذن على قول بعض الباحثين يقول الاسلام يظلم مرتين مرة عندما يقال ان الاسلام هو الديمقراطية ومرة عندما يقال لاديمقراطية في الاسلام، الاسلام هو الديمقراطية قطعاً خطأ، لاديمقراطية في الاسلام، لا فيه، ديمقراطية في الاسلام بمعنى الاليات وبعض القيم وبعض القضايا التي يتفق عليها جميع الناس وهي قيم انسانية عليا فالامام المهدي عليه السلام عندما يأتي قطعاً يأتي بالنظام الاسلامي، نعم سوف يفيد من هذه التجربة البشرية يعني من الممكن ان يكون هناك برلمان ليس بالصيغة الاوربية وانما بصيغة اسلامية، ماهو المانع؟ ناس ممثلون عن الشعب، يدافعون عنه، يقررون بعض القرارات تحت حكم الامام حتى طبيعة الوزرات، الترتيبات الادارية، الكثير من هذه الجهود البشرية خصوصاً الادارية منها جميلة ولابأس منها ومن الممكن ان الامام يقرها، وهذا بأختصار يعني والكلام فيه تفصيل والكثير ولايسعه الوقت.
حان الآن موعدكم إخوة الإيمان مع حكاية هذا اللقاء من الحكايات الموثقة التي تناولها المؤمنون بشأن الفائزين بالألطاف المهدوية الخاصة. عنوان الحكاية هو:
قال لي سيفتح لك الطريق
نقل الحكاية التالية العالم المتتبع الشيخ أحمد القاضي الزاهدي في الجزء الثالث من كتابه (عشاق المهدي)، وقد سمعها مباشرة من صاحب الحكاية وهو أحد المباشرين في مشروع التوسعة الحديثة لمسجد صاحب الزمان – عليه السلام – في جمكران من ضواحي مدينة قم المقدسة. وقد استمع الشيخ القاضي الزاهدي لحكايته في لقاء خاص جمعه به في مكتب هيئة أمناء المسجد المذكور بتاريخ التاسع من شهر شوال سنة (۱٤۱٥) للهجرة، وقد وصفه بالعبد الصالح والمحب الصادق لإمام العصر عليه السلام. ننقل لكم أعزائنا ملخص الحكاية بعد قليل فتابعونا مشكورين.
قال هذا العبد الصالح: ذهبت مع أحد الأصدقاء الى مسجد جمكران ليلة النصف من شعبان سنة تسع وثمانين وثلاثمائة والف للهجرة، وكنا قد قررنا إحياء هذه الليلة المباركة الى الصباح في المسجد المذكور. ويومها كان خادم المسجد هو السيد لساني وكانت له غرفة بجوار المسجد يبيت فيها.. لم يكن في المسجد في تلك الليلة سوى عدد قليل من الزوار، وبعد مضي ساعات قليلة من الليل دخل السيد الخادم وطلب من الزائرين الإستعداد للخروج لأنه يريد إقفال باب المسجد.. فذهبوا وبقيت أنا وصاحبي، فسألنا عن سبب بقائنا، فأخبرناه برغبتنا بأحياء الليلة في المسجد فقال: سأقفل باب المسجد فلا توقظاني نصف الليل لفتحها!
وافقنا على طلبه، فذهب وأقبلنا على الصلاة والدعاء.. كان الطقس باردا في تلك الليلة ولم تكن ثمة مدفئة في المسجد.. وبعد منتصف الليل تعب صاحبي وقال: لم تعد لي قدرة على الإستمرار.
قلت له: إذهب وإسترح في غرفة خادم المسجد فهي دافئة وأنا سأرضيه في الصباح، فذهب وأخلد للنوم، وبقيت وحدي فأقبلت وبحرارة بالغة على الدعاء والتضرع حتى لم أشعر ببرودة الطقس.. إشتد توجهي لمولاي صاحب الزمان أرواحنا فداه وتوسلي به الى الله عزوجل، وفي الساعة الثالثة من سحر تلك الليلة سمعت صوتا يأتي من جهة إيوان المسجد الذي أغلق الخادم بابه فتوجهت الى الإيوان لأرى هل إن الخادم قد استيقظ أم صاحبي، لكنني لم أر أيا منهما بل شاهدت ثلاثة سادة في غاية النورانية وقد دخلوا المسجد!!
ونبقى مستمعينا الأفاضل مع هذا العبد الصالح والخادم المهدوي المخلص وهو يتابع حكايته قائلا: يتذكر الذين زاروا مسجد جمكران قبل توسعته أنه كان فيه ثلاثة محاريب، وقد توجه كل من السادة الثلاثة الى أحد المحاريب الثلاثة ودخلوا فيها وأقبلوا على الصلاة فيها، و وقفت أنا خلف السيد الذي في المحراب الأوسط.. وهنا انتبهت الى تغيير مفاجئ حصل في جو المسجد، فقد أصبح منيرا بصورة غير عادية وملأته رائحة طيبة وذهب عنه البرد وأصبح دافئا.. وبعد حدود الساعة أتم السادة صلاتهم، فتوجه إلى السيد الذي كان في المحراب الأوسط ووضع يده على كتفي وهو يبتسم وقال: حالك جيد؟! أجبت الحمد لله، قال: وفقكم الله.. أسرعوا في إعمار المسجد وأخرجوه من هذه الحالة المزرية الى حالة تناسبه …عندها قلت في نفسي: ليس لدي المال اللازم فلا أقدر على القيام بذلك! فبادرني السيد قائلا: عليك أن تسعى وسنعينك نحن.. علمت أن السيد قد اطلع ما أضمرت وأجاب عن سؤالي القلبي.. فمر في خاطري سؤال هو: ولكن من أين أبدأ السعي وأي طريق أسلك؟ ومرة ثانية أجابني على سؤالي القلبي قائلا: إذهب الى السيد أحمدي وسيفتح لك الطريق..
ولم أكن يومها أعرف السيد أحمدي ولم أسمع باسمه.. ثم أخرج لي السيد ورقة خضراء نقش على أحد وجهيها أسماء الله الحسنى وعلى الوجه الآخر خريطة بناء هي نفسها التي أعدها المهندسون لإعمار المسجد فيما بعد..ثم خرج السيد ومن معه وغابوا عن ناظري فجأة فعاد جو المسجد الى ما كان عليه وبقيت الرائحة الطيبة!
أعزائنا مستمعي إذاعة طهران ولهذه الحكاية تتمة فيها تصديق ما قاله السيد الجليل تستمعون لها بمشيئة الله في الحلقة المقبلة من برنامج شمس خلف السحاب، شكرا لكم ودمتم في رعاية الله.