موضوع البرنامج:
من الخصائص المهدوية
اللقاء بالإمام في غيبته
أعطاني كسرة خبز
ناشر راية الهدى بهمته
كاسر شوكة العدى بصولته
وناظم الدين نظاماً حسنا
ومن به الحق يعود بينا
فهل سواه قائم بالقسط
وباسط العدل بأوفى بط
ولاسواه جامع للشمل
والحاكم العدل بقول فصل
سلطان اقليم الوجود كله
وكل شيء هو تحت ظله
خليفة المبدئ في الإفضال
في منتهى الرأفة بأعتدال
لطيفة العلم وروح الحكمة
ومعدن الحلم وعين الرحمة
كهف الورى والغوث عند الالتجا
وفي فناء بابه كل الرجا
بسم الله والحمد لله وأزكى صلوات الله على سادة اصفياء الله رسول الله وآله مجاري رحمة الله.
السلام عليكم مستمعينا الأكارم:
أبيات من منظومة الفقيه الحكيم والعلامة الزاهد الشيخ محمد حسين الإصفهاني الكمباني رحمه الله في الإمام صاحب الزمان عليه السلام، إخترناها لمطلع هذا اللقاء من البرنامج ونتابع تقديمه بالفقرات الثلاث التالية وهي: الفقرة العقائدية وموضوعها هو: من الخصائص المهدوية. ثم إجابة من سماحة السيد محمد الشوكي عن سؤال بشأن: اللقاء بالإمام في غيبته.
وأخيرا حكاية من حكايات الفائزين بلقاء عيسى آل محمد صلى الله عليه واله عنوانها: أعطاني كسرة خبز، أطيب الأوقات نرجوها من الله لكم وأنتم تستمعون من إذاعة طهران لفقرات هذه الحلقة من برنامج شمس خلف السحاب.
كونوا معنا إخوة الإيمان والفقرة العقائدية التي اخترنا لها العنوان التالي:
من الخصائص المهدوية
روى الشيخ الصدوق في كتاب كمال الدين بسنده عن مولانا الامام الحسين عليه السلام أنه قال: "لو لم يبق من الدنيا الا يوم واحد لطوّل الله عزوجل ذلك اليوم حتى يخرج رجل من ولدي يملأها عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً" ، كذلك سمعت عن رسول الله صلى الله عليه وآله.
وفي الكتاب نفسه مسنداً عن عيسى الخشاب قال: قلت للحسين بن عليّ عليهما السلام: أنت صاحب هذا الأمر؟ قال: "لا، ولكن صاحب هذا الأمر الطريد الشريد الموتور بأبيه المكنىّ بعمه يضع سيفه على عاتقه ثمانية شهور" .
في الحديث الأول يشير مولانا الإمام الحسين عليه السلام ونقلاً عن جده الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله الى حتمية ظهور سليله المهدي الموعود عجل الله فرجه، لأن ظهوره من الميعاد الإلهي "إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ" كما أشار لذلك مولانا الإمام محمد الجواد عليه السلام في حديث أخر روته المصادر المعتبرة.
ولعل السر في حتمية وقوع الظهور المهدوي يكمن في كونه جزء أساسي من المخطط الرباني لتربية عباده وإيصال المجتمع البشري الى الكمال المقدر له. إذ أن في ظل الدولة المهدوية العالمية العادلة يوفر الله عز وجل لعباده جميع الأوضاع اللازمة لبلوغهم كل ما يأملونه من مدارج القرب ومعارج الكمال في مختلف الشؤون العبادية والأخلاقية والعلمية والمعنوية والمادية، الفردية والإجتماعية.
أما بشأن إستخدام الحديث الشريف لتعبير "لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد"، فلعل فيه إشارة الى طول غيبة الإمام المهدي عجل الله فرجه.
وتعبيره عليه السلام "لطوّل الله ذلك اليوم" مجازي يشير الى طول أمد الدولة المهدوية، إذ أن المطلوب منها هو تحقق الأهداف الإلهية المشار إليها بصورة كاملة مهما إستغرق ذلك من زمان.
وقد ورد في روايات أهل البيت عليهم السلام أن عمر الدولة المهدوية يعادل أربعة أضعاف عمر المجتمع البشري منذ خلق آدم عليه السلام الى ظهور الإمام المهدي عجل الله فرجه.
أما الحديث الشريف الثاني فهو ينبه الى ابرز ما يميز صاحب هذا الأمر أي المهدي الموعود عجل الله فرجه عن غيره، فيذكر خمساً من خصائصه ينبغي معرفتها للمؤمنين لكي يميزوا المهدي الحقيقي عن غيره، وهذه الخصائص هي:
أولاً كونه عليه السلام الطريد، أي الذي يتعرض بأستمرار لملاحقة جميع قوى الشر طوال حياته قبل ظهوره عجل الله فرجه.
ثانياً : كونه عليه السلام الشريد، أي أنه الذي يعيش طوال حياته قبل ظهوره حياة التشرد في أقطار الأرض، بسبب ملاحقة قوى الشر له لقتله أرواحنا فداه.
ثالثاً: الخصوصية الثالثة هو كونه الموتور بأبيه وفي ذلك إشارة الى إستشهاد أبيه الحسن العسكري عليه السلام.
رابعاً: كونه عليه السلام المكنى بعمه، ولعل المعنى هو كونه المستور بواسطة عمه جعفر الذي إدعا عدم وجود ولد لأخيه الحسن العسكري عليه السلام وأخذ ميراثه وبذلك ساهم في إشغال السلطات العباسية عن ملاحقة المهدي عليه السلام في أوائل الغيبة الصغرى.
خامساً: كونه عليه السلام يخوض بعد ظهوره عجل الله فرجه حرباً دؤوبة ضد الطواغيت تستمر ثمانية شهور.
مستمعينا الأفاضل أما الآن فندعوكم للإستماع الى إجابة ضيف البرنامج عن بعض أسئلتكم بشأن القضية المهدوية. معكم والإتصال الهاتفي التالي:
المحاور: بسم الله الرحمن الرحيم سلام من الله عليكم احبائنا، معكم ومع خبير البرنامج السيد محمد الشوكي وهو يتفضل بالاجابة مشكوراً عن اسئلتكم، سلام عليكم سماحة السيد
الشوكي: عليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته
المحاور: سماحة السيد من الاسئلة التي تتردد بأستمرار للبرنامج قد اجبنا عنها في حلقات سابقة قضية اللقاء مع الامام المهدي سلام الله عليه في عصر الغيبة الكبرى وهل هذه اللقاءات حقيقية مع الامام ام ان هناك ابدال او ان هنالك تخيل، هذا هو السؤال نطرحه على نحو الاجمال وان اتسع الوقت نضيف له سؤال اخر، تفضلوا اولاً بالاجابة عن هذا السؤال سماحة السيد
الشوكي: اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله الطيبين الطاهرين المعصومين
الحقيقة بالنسبة الى رؤية الامام المهدي صلوات الله وسلامه عليه من حيث الامكان، انتم تعرفون ان البحث يقع تارة في مستوى الامكان وتارة في مستوى الوقوع، على مستوى الامكان لايوجد مانع من ان يلتقي الامام صلوات الله وسلامه عليه بمن يشاء وان ييسر الله رؤية الامام عليه السلام لمن يشاء من عباده، لايوجد مانع من عقل او نقل الا ما ذكر من المكاتبة المعروفة "فمن ادعى المشاهدة فكذبوه قبل السفياني"
المحاور: للشمري، نعم.
الشوكي: نعم وهي الرسالة الاخيرة التي ختم بها السفارة، وردت في هذه الفقرة فمن ادعى المشاهدة قبل السفياني فكذا وكذا فكذبوه، هذه الرواية، هذا التوقيع الحقيقة حمله مع تسليم سنده، حمله علماءنا على دعوى النيابة للامام صلوات الله وسلامه عليه وليس دعوى المشاهدة، الممتنع والمأمورون بتكذيبه هو من يدعي نيابة خاصة عن الامام وليس مجرد لقاء كما ان هناك احتمال اخر ليس ان القضية منصبة على مشاهدة الامام سلام الله عليه بقدر دعوى تلك المشاهدة يعني ان يأتي الانسان ويتحدث ان التقيت بالامام وقال لي الامام كذا فهذا الادعاء والتكذيب وارد مورد الادعاء فعلى اية حال لايوجد مانع من ان يلتقي الامام كما ذكرنا بمن شاء وان ييسر الله لمن شاء لقيا الامام صلوات الله وسلامه عليه، رزقنا الله واياكم وجميع المؤمنين رؤيته واكرمنا بلقياه، هذا في مستوى الامكان واما على مستوى الوقوع هل ان الذي شاهد الامام او شاهد شخصاً ما يتصور انه الامام هل هذا هو الامام فعلاً ام لا؟ الحقيقة لايمكن الجزم بذلك يعني لايمكن لأحد ان يجزم انه مجرد انه التقى شخصاً ما انه التقى الامام صلوات الله وسلامه عليه، نعم هناك قرائن معينة، قرائن حالية ان صح التعبير يمكن ان يتأكد الانسان من خلالها ان من رآه هو الامام صلوات الله وسلامه عليه، هذا بصورة اجمالية فيما يرتبط بهذا السؤال.
المحاور: سماحة السيد هنالك شطر اخر في رسالة الاخ احمد عبد الحسين وهو هل ان قضية ما ذكره بعض العلماء من ان هذه اللقاءات مع بعض ملازمي الامام سلام الله عليه؟
الشوكي: هو قلت، نعم تعرفون ان لله اولياء وايضاً للامام سلام الله عليه خدام "ولله جنود السموات والارض" فقلت ان رؤية الامام ممكنة صلوات الله وسلامه عليه بحد ذاتها ممكنة، قد البعض يقول كيف وهو غائب اذا كان بأمكان الانسان ان يلتقيه؟ فما معنى الغيبة؟ لاقطعاً ليس بهذه الطريقة خصوصاً ان مانرى كل ما هب ودب يقول رأيت الامام صلوات الله وسلامه عليه وكل من اراد ان يراه يراه فما معنى الغيبة اذن؟ لا وانما في ظروف خاصة اذا اراد الامام صلوات الله وسلامه عليه واذا علم المصلحة في ذلك فالقضية اولاً مرتبطة بذات الشخص وليس كل من هب ودب وفي كل ظرف يمكن ان يلتقي بالامام وايضاً مرتبطة بالامام، اذا رأى الامام المصلحة في ذلك واذا اراد ان يلتقي فيقرر ذلك صلوات الله وسلامه عليه، اذن المسألة من ناحية الامكان ممكنة بشروطها وظروفها ولكن من ناحية الوقوع هل يمكن للانسان ان يجزم بأن ما رآه فعلاً هو الامام؟ ربما يكون على اية حال شخص من الاشخاص، ولي من الاولياء، ربما لاادري ربما ملك من الملائكة يتمثل له عندما يستغيث مثلاً الله يبعث ملكاً يتجسد، هذا كله ممكن فالجزم بأن من رآه هو الامام مشكل، نعم الا كما ذكرنا ببعض القرائن الحالية التي تحف باللقاء والتي يطمئن الانسان من خلالها انه قد رأى الامام فعلاً، هذا ما يبدو لي والله العالم بحقيقة الحال.
المحاور: جزاكم الله خيراً سماحة السيد محمد الشوكي الوقت المخصص للفقرة انتهى لو سمحتم نوكل سؤال الاخت التي رمزت بأسمها بسين هاء ان شاء الله، شكراً لكم.
نتابع أحباءنا مستمعي إذاعة طهران تقديم البرنامج بنقل حكاية أخرى من الحكايات الموثقة للفائزين بالألطاف المهدوية الخاصة. العنوان الذي إخترناه للحكاية هو:
أعطاني كسرة خبز
مصدر حكاية هذا اللقاء هو كتاب (دار السلام في أحوال الإمام المهدي عليه
السلام) للعلامة التقي الشيخ الجليل محمود الميثمي العراقي. وقد نقلها عن صديقه العالم الفاضل والثقة العادل السيد محمد البروجردي أيام إستضافته له بعد عودته من زيارة الإمام الرضا عليه السلام وقد كتبها له بخطه سنة ثلاثمائة وألف للهجرة.
أما صاحب الحكاية فهو العبد الصالح المولى الحاج علي محمد الكتبي البهبهاني الأصل والنجفي المسكن، وقد وصفه السيد محمد بأنه كان على درجة عالية ومعروفة من التقوى والتقدس بحيث لا يحتاج الى توثيق.
ويكفيه أنه كان من خواص أصحاب العارف الجليل والفقيه الزاهد آية الله السيد علي الشوشتري رضوان الله عليه. وقد توفي الحاج الكتبي في طريق مكة المكرمة التي كان يقصدها لزيارة بيت الله الحرام سنة تسع وتسعين ومئتين وألف للهجرة رضوان الله عليه.
نقل آية الله السيد محمد البروجردي عن هذا العبد الصالح حكايته على النحو التالي، قال قدس سره: أبتليت مدة بحمى مستمرة طال أمدها وضعفت بسببها قواي ويأس من شفائي طبيبي سيد الفقهاء والمجتهدين السيد علي الشوشتري الذي لم يكن يعالج غيري وغير الشيخ الأنصاري رحمة الله عليه.
وذات يوم جائني أحد الأصدقاء وقال لي: قم معي لنزور وادي السلام (وهي مقبرة النجف الأشرف التي تشتمل على مقام الإمام المهدي عليه السلام).
أجبته: ألا تراني عاجزاً عن الحركة؟! لكنه أصرّ على مطلبه حتى إستجبت فحملني الى وادي السلام.
وعندما وصلنا الى المقبرة، ظهر لي فجأة رجل ذو هيبة وجلالة بزي عربي، أقبل علي بوجهه ولما إقترب مني مدّ يده وقال ل : خذ مددت يدي بكل أدب، فشاهدت كسرة صغيرة من الخبر أخذتها فوجدتها وكأنها أخرجت للتو من التنور.. ومثلما ظهر لي غاب عني الرجل فجأة، فسرت خطوات ثم قبلت كسرة الخبز وأكلتها...
ويتابع هذا العبد الصالح المولى الحاج علي محمد الكتبي نقل حكايته متحدثاً عن الأثر الذي أحدثته فيه كسرة الخبز المباركة تلك: قال رضوان الله عليه: ما إن دخلت كسرة الخبز تلك جوفي حتى شعرت بحياة جديدة تدب في قلبي وزال عني ضيق النفس والهم والضعف والحزن، شعرت ببهجة قوية وسرور شديد يغمرني، ولم يخالجني شك أن ذاك الرجل البهي لم يكون سوى كعبة الآمال وولي المعبود روحي فداه.
ونبقى مستمعينا الأفاضل مع هذا العبد الصالح وهو يحدثنا عما جرى له بعد أن شاهد هذه الكرامة المهدوية، قال قدس الله سره: عدت الى داري مسروراً ولم أجد لمرضي المزمن أثرا، وفي صباح اليوم التالي ذهبت الى السيد الجليل المولى علي الشوشتري.. فأخذ بيدي يفحصني، ولما قاس نبضي إبتسم لي ضاحكاً وسألني قائلاً: ماذا فعلت يا حاج؟ أجبت: لم أفعل شيئاً يا سيدي، قال: لا تخف عني وأصدقني القول، فأخبرته بما جرى لي في وادي السلام، وعندها قال: قد علمت أن أنفاس عيسى آل محمد صلى الله عليه وآله قد شملتك بألطافها، قم، فلا حاجة لك الى طبيب بعد اليوم، إذ خرج المرض من بدنك وصرت صحيحاً سالماً والحمد لله.
قال المولى علي محمد الكتبي في ختام حكايته: لم أرّ مولاي الذي رأيته في وادي السلام بعد هذه الواقعة سوى مرة واحدة، إذ وقعت عيني على طلعته النيرة ذات يوم في حرم أمير المؤمنين علي عليه السلام.. فتوجهت متلهفاً نحوه ولكن غاب عني! .. رزقنا الله وإياكم اعزاءنا مستمعي إذاعة طهران رؤية الطلعة المهدية الرشيدة والغرة المهدوية الحميدة في عافية وكرامة. وبهذا ينتهي لقاء آخر من برنامج شمس خلف السحاب تقبل الله منكم حسن الإصغاء ودمتم في رعاية الله.