ويعود تاريخ بناءه الى بداية القرن السابع عشر الميلادي ويقع الجسر على هوة أخدود عميق يصل عمقها إلى أكثر من /۳۰۰/ متر، وقد كانت الطريق بين الجبلين تستنزف الكثير من الوقت فيلجأ الأهالي إلى النزول حتى أسفل الأخدود الفاصل بين الجبلين ثم الصعود إلى الجبل التالي، وجاء الجسر ليمد سرات الحياة والتعايش بين أهالي الجبلين بكل يسر وسهولة.
جسر "شهارة" يحمل الكثير من المعاني لو دققنا فيها لتغيرت الكثير من تصوراتنا، حول التعايش السلمي بين ابناء البشر.
وتقع مدينة شهارة شمال محافظة عمران في الجمهورية اليمنية، وتبعد عنها نحو (۹۰ كيلو متراً)، وشهارة جغرافيا تشمل سلسلة جبلية يطلق عليها اسم سلسلة جبال الأهنوم نسبة إلى قبائل الأهنوم التي كانت تسكنها،
وتشتمل هذه السلسلة على جبل "شهارة الفيش" وجبل "شهارة الأمير" ، ويرتفع هذا الجبل حوالي (۳۰۰۰ متر) عن مستوى سطح البحر، كما تشتمل على جبل سيران الغربي والشرقي وجبل ذري، وجبل المدان،
وجبال القفلة وعيشان ثم جبال ظليمة وبني سوط، وهي بالجنوب من السلسلة، ثم جبال الجميمة وبني جديلة، يحد هذه السلسلة الجبلية من الشمال وادي الفقم النازل من العشية إلى مور، وجنوباً وغرباً وادي مور النازل من أخرف والبطنة، وشرقاً سهل العصيمات وعذر، وقد قسمت شهارة إدارياً إلى مديريتين (مديرية شهارة، ومديرية المدان).
جسر شهارة الشهير:
تشتهر مدينة شهارة اليمنية بجسر مثير مهيب يعتبر معلماً بارزاً من معالم اليمن و بني الجسر في بداية القرن السابع عشر وهو ممر يتحدى الجاذبية
وأقيم على تل منحدر ليربط بين جبلين لتعانق بمبانيها العتيقة الغيوم مطلة على عدد من الوديان والقيعان الخضراء، وتحاصرك صورة الجسر في كل مكان سواء في عملة فئة العشرة ريالات الورقية أوالمعدنية أو في طوابع البريد وبطاقات التهاني وبطاقات المعايدة والملصقات السياحية،
ويعرف الجسر أحياناً ب "عقد شهارة" وأحياناً أخرى بـ "جسر شهارة" المتميز بروعة هندسته وإعجاز عمارته ويربط سلسلة جبالها المعروفة بجبال الاهنوم .
ومازال جسر شهارة الذي بني منذ ٤۰۰ سنة في جبال شهارة يجتذب السائحين المحبين لمشاهدة المناظر الطبيعية الخلابة والعبور فوق الجسر الذي يعتبر إنجازا معماريا يمنيا، وجسر المدينة المعلق سيحول المدينة في يوم من الأيام إلى مقصد سياحي مهم يأتيه السياح من مختلف بلدان الدنيا على الرغم من وعورة الطرق المؤدية إلى المدينة.
وقال مارتين أماتشر من اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن "في المقام الأول فإن لرؤية هذا الجسر وهذا المكان وهذه الجبال تأثيرا طاغيا للغاية. أنا من سويسرا ولدينا أيضا جبال عالية ولكن ألا وقد رأيت هذا المكان هنا فإنه لا يقارن مع أي شيء آخر رأيته في حياتي بصدق" .
وقالت إليز فوس لنجينك وهي خبيرة تعليم تعيش وتعمل في صنعاء "أقيم في اليمن منذ ثلاث سنوات ولكن هذا بالفعل أحد الأماكن التي اعتبرها الأكثر تأثيرا بين جميع الأماكن التي شاهدتها في اليمن.
وأعني أن الصعود إلى هنا بالفعل يستحق ذلك حتى دون الجسر، باعتقادي إنه مكان مؤثر وجدير بالزيارة للغاية بسبب الطريق الذي يلتوي صاعدا إلى ما لا نهاية وهو شديد الانحدار في القرية وبمقدور المرء أن يرى الطريقة التي يعيش بها الناس في القرية في هذه المنطقة المرتفعة. وبعدها يمكنك مشاهدة الجسر. ولكن الجسر في الحقيقة يشعرني بالانبهار أكثر من أي شيء آخر.
باني الجسر:
ورد في كثير من الروايات أن الذي قام ببناء وتصميم تركيبته الفنية والهندسية والمعمارية هو الأسطى (صالح) الذي عرفه الناس بهذا الاسم وقد قيل في بعض الروايات أن الأسطى صالح أصيب بهوس و جنون بعد أن انتهى من بناء الجسر حيث لم يستوعب عقله أنه قام بإنجاز شبه مستحيل تمثل في بناء الجسر ولم يصدق أنه من أنجز هذا البناء الأعجوبة بهذا الشكل بدون استخدام لأي من الوسائل الحديثة التي تستخدم في عصرنا الحالي ، ويتداول الناس هناك الكثير من القصص والحكايات حول الجسر وشهرته.
وتشير المصادر أيضاً إلى أن بناء جسر شهارة استغرق ثلاثة أعوام وأن كلفة بنائه بلغت ۱۰۰ ألف ريال ذهب (ريال فرنسي) العملة المتداولة حينها،
وهو مبلغ يعد كبيراً جداً وقتها.. ويعد الجسر أشهر قناة برية معلقة وتحفة معمارية رائعة وعملاً هندسياً استثنائياً يمتاز بطابع معماري فريد على مستوى الجزيرة العربية، كما يتميز بدقة البناء والتكوين الملائم لطبيعة المنطقة الجبلية التي شيد فيها،
خاصة أن الشق الفاصل كبير للغاية حيث يصل إلى حوالي ۲۰ مترا والهوة السحيقة إلى أسفله تبلغ حوالي ۲۰۰ متر تقريبا والبناء في شكله الهندسي معجزة نادرة بالفعل والجسر هذا بني بتكاليف وأشياء محلية بسيطة وغير مستوردة لا مواد أسمنتية ولا غيرها.
وحسب المصادر التاريخية فإن الجسر أقيم في الأساس لاختصار الطريق من خلال وصل الجبلين وتوفير الكثير من الجهد والوقت على السكان على الجانبين والذين كانوا يضطرون إلى النزول إلى الوادي الذي يفصل الجبلين ثم يصعدون إلى الجبل الآخر وكان يتعذر عليهم نقل الكثير من الأشياء فجاء بناء هذا الجسر للوصل بين السكان الموزعين على ضفتي الجبلين ويوحد المدينة بقسميها.
نباتات سحرية :
توجد بجوار جسر شهارة نباتات سحرية يندر أن توجد في مكان آخر.. ومن هذه النباتات السحرية نبتة تشبه البرسيم بأوراقها وزهورها البيضاء التي تنفث عبيرها،
وتسمى هذه النبتة «مسكر القطط» فما إن ترى القطط هذه النبتة الفواحة حتى تخرج عن طبيعتها وتتحول - بفعل ذلك السحر الذي تنفثه هذه النبتة السحرية - إلى حيوان نباتي.. فتراها تلتهم تلك النبتة بشره عجيب لا تلبث أن تترنح بعده يميناً وشمالاً.. ولا تصحو من سكرتها هذه، إلا بعد أن تخبط رأسها في كل جدار يصادفها.
والبعض من هذه القطط لا يستطيع المشي من الإفراط في تناول هذه النبتة، ولو أنك أخذت بعضاً من أوراق هذه النبتة وزهورها وخبأتها في جيبك لوجدت نفسك محاطاً بعشرات القطط وكأنها تهم بافتراسك، ولن تخلي سبيلك حتى تمنحها تلك النبتة السحرية التي في جيبك.
شهارة سياحيا:
وتتميز مدينة شهارة إلى جانب ذلك بمقومات سياحية لا تقل أهمية وجذباً ومنها سور المدينة المزود بحصون دفاعية وسبعة أبواب رئيسية تفتح في الصباح وتغلق في المساء،
بحيث لا يستطيع أحد الدخول إلى المدينة أو الخروج منها، وهي تقاليد تعود إلى القرن الرابع عشر الميلادي، بالإضافة إلى ذلك هناك عدد من المساجد والقلاع التاريخية التي تضم آلاف المخطوطات القديمة.
وتشير الإحصاءات إلى تزايد عدد السياح الذين يقصدون شهارة سنوياً، وبناء عليه تم تحويل عدد من المباني الأثرية بطابعها المعماري المتميز إلى استراحات وفنادق
تستضيف السياح وتقدم لهم الوجبات الشعبية الشهية وفقاً لأصول الضيافة التقليدية وتهيئ لهم أيضاً فرصة التعرف على العادات والتقاليد الاجتماعية من خلال تنظيم زيارات لبعض الأسر وحضور مقايل وجلسات تعاطي القات والاختلاط بالناس في حوار ثقافي حميم، كما قامت إلى جوار الجسر العديد من الحوانيت والمحلات التي توفر متطلبات الزوار من التحف والحلي الشعبية والمقتنيات الأخرى.