البث المباشر

تفسير موجز للآيات 20 الى 40 من سورة المرسلات

السبت 24 أغسطس 2024 - 13:13 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 1054

 

بسم الله الرحمن الرحيم وبه تبارك وتعالى نستعين ثم أفضل الصلاة وأتم التسليم على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.. أعزاءنا المستمعين الأكارم سلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، تحية طيبة قرآنية نقدمه لحضراتكم وأنتم تتابعون برنامجكم "نهج الحياة" حيث سنواصل في حلقتنا هذه تفسير سورة المرسلات المباركة بعد الإستماع الى تلاوة آياتها العشرين حتى الرابعة والعشرين فابقوا معنا مشكورين..

أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّاء مَّهِينٍ{20} فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ{21} إِلَى قَدَرٍ مَّعْلُومٍ{22} فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ{23} وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ{24}

كلمة "مهين" أيها الأفاضل، بمعنى ضعيف والحقير والقليل و"مكين" بمعنى المحكم والثابت. وتشير الآيات إلى أنه ثمة مواد وظروف لازمة لصناعة أي منتج، من بينها: تعيين الهدف وتأمين المواد والدراسة والتخطيط وتعيين جدول زمني لمراحل العمل وخدمة الصيانة بعد التصنيع والترميم والإصلاح؛ ولقد أخذت كل هذه المراحل بعين الإعتبار وأجريت عند خلق الإنسان.

ومما نتعلمه من هذه الآيات الكريمات أولاً: يدل خلق الإنسان من ماء مهين على العظمة والقدرة الإلهية ويدل كذلك على المعاد وإحياء الإنسان مرة أخرى.

ثانياً: يُذهب غرور الإنسان وتكبره عند ذكر ضعفه وهوان قيمته.

ثالثاً: عند الدعوة والتبليغ يمكن استخدام الأمور المحسوسة.

ورابعاً: من أصول الخُلق الإلهي، التقدير والجدول الزمني.

أما الآن، أيها الأكارم، ندعوكم للإستماع الى تلاوة الآيات الخامسة والعشرين حتى الرابعة والثلاثين من سورة المرسلات المباركة..

أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتاً{25} أَحْيَاء وَأَمْوَاتاً{26} وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُم مَّاء فُرَاتاً{27} وَيْلٌ يوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ{28} انطَلِقُوا إِلَى مَا كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ{29} انطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ{30} لَا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ{31} إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ{32} كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ{33} وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ{34}

"كفات"، مستمعينا الأكارم، هو المكان الذي يوضع ويجمع فيه الشيء، وجاء في الروايات أن الإمام الصادق عليه السلام نظر إلى القبور وقال: (هذه كفات الأموات) ونظر إلى البيوت وقال: (هذه كفات الأحياء).

والمقصود من (ظل ذي ثلاث شعب) هو الظل الذي يتكون على أثر الدخان العظيم لنار جهنم، ومن الجلي أن هذا الظل ليس غير مريح وحسب، بل إنه مؤذ وحارق، يتراكم هذا الدخان ويتعاظم لدرجة أنه يتشعب إلى ثلاث شعب، شعبة تحيط بأهل جهنم من فوقهم وشعبة عن شمالهم وشعبة عن اليمين وتدخلهم في جوفها.

والشعب التي تخرج من نار جهنم شبيهة بقصور الدنيا العالية وبالجمال صفر اللون، وكأن القرآن يهدد ساكني القصور وكانزي الذهب بأن انتبهوا ألا يأكلكم لهب جهنم الشبيه بالقصر. و"الظل الظليل" هو الدائم و"لا ظليل" يعني الظل عديم الفائدة لا يحمي من الحرارة.

كما تشير الآيات المباركة إلى خلق الله تعالى الأرض على أنسب وجه من حيث السعة وطريقة الحركة وتأمين الأمن عن طريق الجبال وتأمين الماء الذي يحتاجه الإنسان والنباتات والحيوانات وجعل التراب أفضل طريقة للتخلص من النفايات ومياه الصرف ودفن الأموات وجعل فيها خاصية قتل الجراثيم فأصبحت كمصفاة تأخذ الماء المعكر وتحوله إلى ماء زلال.

إخوة الإيمان، أما الآن، ننصت وإياكم خاشعين الى تلاوة الخامسة والثلاثين حتى الأربعين من سورة المرسلات المباركة..

هَذَا يَوْمُ لَا يَنطِقُونَ{35} وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ{36} وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ{37} هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ{38} فَإِن كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ{39} وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ{40}

أيها الأطائب، تشير هذه الآيات المبينات إلى أن للقيامة مواقف متعددة، في أحد المواقف، يختم على الأفواه فلا يستطيع الشخص أن يتكلم، وفي مواقف أخرى ثمة تحاور، ولقد بينت آيات عدة في القرآن الكريم هذه الحوارات وشكوى المجرمين يوم القيامة. وقد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام: (الله أجل وأعدل من أن يكون لعبده عذر لا يدعه يعتذر به؛ ولكنه فلج من لم يكن له عذر).

كما يستطيع الإنسان في الدنيا أن يخدع نفسه أو أن يخدع الآخرين عن طريق المال والقوة والتزوير أو عن طريق الرشوة والتهديد والوعيد أو أن ينتفع من أقاربه ومعارفه ولكن في يوم القيامة يُسد الطريق أمام كل هذه الأمور.

ومما نتعلمه من هذه الآيات المبينات يمكن الإشارة أولاً: لا ينطق المجرمون يوم القيامة إما بسبب الخوف، أو لعدم وجود فائدة، أو أنه قد خُتم على أفواههم، أو لأن الأمور واضحة.

ثانياً: لا ينبغي أن يتعب المربي أو المبلغ من تكرار التحذير، فتكررت آية (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ) عشر مرات في هذه السورة.

وثالثاً: يكون المجرمون يوم القيامة عاجزين ومتحيرين ولا يملكون أي سبيل.

أيها الإخوة والأخوات، الى هنا نصل الى نهاية حلقة أخرى من حلقات برنامجكم القرآني "نهج الحياة" فحتى لقاء آخر وتفسير ميسر لآي الذكر الحكيم دمتم في رعاية الله ونسألكم الدعاء.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة