بسم الله وله الحمد حمد الشاكرين إذ هدانا للإيمان ثم الصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله الأطيبين الأطهرين، حضرات المستمعين الكرام سلام من الله عليكم ورحمة من لدنه تعالى وبركات وأهلاً ومرحباً بكم أينما كنتم وأنتم تستمعون الى حلقة أخرى من برنامج "نهج الحياة" حيث سنكمل فيها بإذنه تعالى تفسير ما تبقى من آيات سورة الإنسان المباركة بدءً بالإستماع الى تلاوة الآيات الثالثة والعشرين حتى الخامسة والعشرين منها..
إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنزِيلاً{23} فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً{24} وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً{25}
مفردة "بكرة" أيها الأكارم، تطلق بين طلوع الفجر وطلوع الشمس، و"الأصيل" هو الفترة بين العصر والمغرب وآخر اليوم، ويمكن أن يكون المقصود من هاتين الكلمتين ذكر الله في بداية اليوم ونهايته وإقامة الصلاة.
ومن تعاليم هذه الآيات المباركات يمكن القول أولاً: عليكم بمقاومة إتهام القرآن بالسحر والكهانة.
ثانياً: قد نزل القرآن الكريم بالتدريج بدليل قوله تعالى (نزلنا عليك القرآن).
ثالثاً: إطاعة أوامر القرآن الكريم تستلزم الصبر والثبات.
رابعاً: الثبات والصبر على أداء الأوامر الإلهية له قيمة، لا الإصرار لأجل الأهواء الشخصية.
خامساً: الأوامر الإلهية هي لرشد الإنسان.
سادساً: يحتاج الأنبياء إلى الموعظة الإلهية.
سابعاً: يسعى المخالفون والمذنبون للنفوذ في قيادة المسلمين.
ثامناً: يجعل ذكر الله الإنسان مقاوماً وصبوراً.
وتاسعاً: أول اليوم ونهايته، من الأوقات المناسبة لذكر الله.
أما الآن، إخوة الإيمان، ننصت وإياكم خاشعين الى تلاوة الآيتين السادسة والعشرين والسابعة والعشرين من سورة الإنسان المباركة..
وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً{26} إِنَّ هَؤُلَاء يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً{27}
أيها الأحبة، الأمر بالعبادة وتكرار كلمة (الليل) في آية قصيرة، فيه إشارة إلى أهمية الليل في العبادة ودوره؛ فقد سألوا الإمامين الصادق والرضا عليهما السلام عن المقصود من (وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً) فقالا عليهما السلام: (صلاة الليل).
ومما تعلمه إيانا هاتان الآيتان الكريمتان أولاً: حب الدنيا والتعلق بها هو رأس كل ذنب وكفر، وهو من علائم المذنبين.
ثانياً: الدنيا عابرة وفانية، بإشارته سبحانه عزوجل الى (العاجلة).
ثالثاً: حب الدنيا والنفور من الآخرة، عامل ممهد للذنب.
رابعاً: يوم القيامة، يوم صعب جداً وثقيل.
وخامساً: من العوامل التي تساعد على التقليل من حب الإنسان للدنيا، الإلتفات إلى أن الدنيا دار ممر وأن يوم القيامة يوم صعب وثقيل.
أيها الإخوة الأفاضل، ندعوكم الآن، للإستماع الى تلاوة الآيات الثامنة والعشرين حتى الحادية والثلاثين وهي آخر آيات سورة الإنسان المباركة..
نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلاً{28} إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً{29} وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً{30} يُدْخِلُ مَن يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً{31}
"الأسر" أيها الأطائب، بمعنى القبض على الشيء، و"الأسير" هو الشخص المقبوض عليه، والمقصود من (وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ) أي جعلنا مفاصل الإنسان محكمة.
ومن معطيات هذه الآيات الكريمة أولاً: الكفر والطغيان سببان في هلاك الإنسان.
ثانياً: قدرة الله على خلق الإنسان، دليل على إهلاكه.
ثالثاً: لقد أتم الله الحجة على الناس.
رابعاً: القرآن وسيلة للتذكير والتنبيه.
خامساً: طريق الله ليس إجبارياً، من يريد أن يصل إلى السعادة، يجب عليه أن يختار هو الطريق ويتبعه.
سادساً: إرادة الإنسان ليست مستقلة عن إرادة الله وليست أعلى منها، ولكن أي شيء يريده الإنسان، إن كان مطابقاً لإرادة الله فإنه يتحقق.
سابعاً: مشيئة الله عالمة وحكيمة وليست عابثة.
ثامناً: يدخل الله تعالى، بناءً على مشيئته الحكيمة، من يشاء في رحمته.
وتاسعاً: الأشخاص البعيدون عن الرحمة الإلهية، هم من اختاروا طريق الظلم.
مستمعينا الأكارم، مع ختام تفسير سورة الإنسان المباركة وصلنا وإياكم الى نهاية هذه الحلقة من برنامجكم القرآني "نهج الحياة" فحتى لقاء آخر وتفسير سورة أخرى من سور القرآن العظيم نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمته تعالى وبركاته.