البث المباشر

تفسير موجز للآيات 1 الى 6 من سورة الإنسان

السبت 24 أغسطس 2024 - 13:12 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 1050

 

بسم الله وبالله والحمد لله حمداً كما هو أهله والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.. مستمعينا الأكارم في كل مكان سلام من الله عليكم ورحمة منه تعالى وبركات وأهلاً وسهلاً ومرحباً بكم في حلقة جديدة من برنامج "نهج الحياة" حيث سنشرع فيها تفسير سورة الإنسان أو الدهر المباركة فابقوا معنا على بركة الله..

ندعوكم الآن، أيها الأفاضل، الى الإستماع الى تلاوة الآيتين الأولى والثانية من سورة الإنسان المباركة..

بسم الله الرحمن الرحيم.. هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً{1} إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً{2}

"الدهر" أيها الكرام، بمعنى الزمان والوقت، و"أمشاج" جمع "مشيج" بمعنى المخلوط، وحول الآية الأولى فقد جاء عن إمامنا الباقر (ع): (كان شيئاً لم يكن مذكوراً) وعن الإمام الباقر (ع): (كان شيئاً مقدراً ولم يكن مكوّناً) وفي هذه الآية كلمة (هل) هي بمعنى (قد) أي أنه قد جاء على كل إنسان وقت لم يكن فيه شيئاً مذكوراً.

ومن تعاليم هاتين الآيتين الكريمتين أولاً: يجب أن يفكر الإنسان في منشأ وجوده.

ثانياً: تذكير الإنسان بضعفه، يزيل غروره ويجعله مسلماً لله عزوجل.

ثالثاً: الإنسان مخلوق مسؤول ومكلف، والإبتلاء دليل على التكليف.

ورابعاً: تخضع كل أعضاء الجسم للإمتحان، وذكر حاستي السمع والبصر هو من باب المثال.

أما الآن، إخوتنا الأفاضل، ننصت وإياكم خاشعين الى تلاوة الآيتين الثالثة والرابعة من سورة الإنسان المباركة..

إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً{3} إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَا وَأَغْلَالاً وَسَعِيراً{4}

أيها الكرام، للهداية أنواع عدة؛ فقد تكون هداية فطرية، كما يقول القرآن الكريم (فألهمها فجورها وتقواها) والنوع الآخر هو الهداية التي تتحصل عن طريق الدراسة والتعقل والمشاورة والتجربة والمطالعة، والنوع الثالث هو الهداية عن طريق تبليغ الأنبياء والأولياء وإرشادهم.

وقد ورد عن الإمام الصادق (ع) في تفسير (إما شاكراً وإما كفورا): أي (عرّفناه، إما آخذ وإما تارك).

و(سَلَاسِلَا وَأَغْلَالاً) تعني سلاسل في الأقدام وأغلالاً على الرقبة. و(سعير) تعني النار المتأججة.

ومما نستقيه من منهل هاتين الآيتين أولاً: إمتحان الإنسان يكون على أساس العلم والحرية؛ العلم الداخلي بواسطة الحواس والفطرة، والهداية الخارجية وحرية الإختيار التي أعطيت لكل البشر.

ثانياً: الهداية، نعمة تستحق الشكر؛ فاتباع طريق الدين هو شكر، والإنحراف عنه جحود وكفران.

وثالثاً: يلعب التحذير دوراً أكبر من التبشير في تربية الإنسان، لذا فإن القرآن يبشر في البدء ثم يحذر.

أما الآن، إخوة الإيمان، نستمع وإياكم الى تلاوة الآيتين الخامسة والسادسة من سورة الإنسان المباركة..

إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً{5} عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً{6}

كلمة "الأبرار" عزيزي المستمع، إما تكون جمعاً لبَرّ (مثل أرباب جمع رب) وإما أن تكون جمع بار (مثل أشهاد جمع شاهد) على أي حال فإن "برّ" صفة لصاحب النفس الواسعة والمنفتحة والذي يقوم بالأعمال لأجل حسنها، ولا يكون هدفه هو الوصول إلى المال والمقام، بل يفكر بأبعد منهما.

و"الكافور" نبتة طيبة الرائحة ويضرب المثل في بياضها وبرودتها.

وبناء على الروايات، فإن المقصود من الأبرار في هذه الآيات هم أهل البيت عليهم السلام، الذين صاموا وفاءً لنذرهم وأعطوا إفطارهم لليتيم والمسكين والأسير، وسيأتي ذكرهم في الآيات اللاحقة؛ فقد حاز أهل البيت على لقب (أبرار) لإعتنائهم بالمحرومين ولقبوا بعباد الله لإطاعتهم لله تعالى، كما يحسن عباد الله إلى الآخرين والمحسنون هم عباد الله.

أيها الأطائب، مع أن بعضاً اعتبر أن هذه السورة مدنية، إلا أن بعض المخالفين والمغرضين يقولون إن سورة الإنسان مكية، وقد ولد الحسنان في المدينة، ولم تنزل هذه الآيات في أهل البيت (ع)، لأن مرضهم وعيادة النبي لهم وصيام والديهم كان في المدينة!

نقول في الجواب، بأن توجد العديد من الآيات المدنية في السور المكية وأفضل شاهد على ذلك كلمة (أسير) التي جاءت في الآيات المكية، فلم يكن ثمة أسارى في مكة ويعود الأسر إلى الحروب التي وقعت بعد الهجرة؛ وسنتناول حول هذا الموضوع في حلقات قادمة إن شاء الله، فحتى ذلك الحين تقبلوا تحياتنا من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران والسلام خير ختام.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة