ومع ذلك، مثل الأرض، فإن كوكب المشتري يتغير باستمرار، وهناك الكثير عن الكوكب الذي لم نتعلمه بعد.
ويكشف تلسكوب جيمس ويب الفضائي التابع لناسا عن بعض هذه الألغاز، ويكشف عن ميزات جديدة لكوكب المشتري لم نرها من قبل، بما في ذلك نفاثات عالية السرعة تنطلق فوق خط استواء الكوكب.
وفي حين أن التيار النفاث ليس واضحا بصريا إلا أنه يمنح العلماء فكرة عن كيفية تفاعل طبقات الغلاف الجوي للكوكب بعضها مع بعض.
وبفضل خلية المرايا المطلية بالذهب ومعدات الأشعة تحت الحمراء، مثل كاميرا الأشعة تحت الحمراء القريبة (NIRCam)، أظهرت الصور التي التقطها التلسكوب للعملاق الغازي العام الماضي بيانات جديدة تماما عن أقماره وغلافه الجوي وحلقاته.
وبعد فحص الصور التي التقطها التلسكوب، أدرك العلماء أن هناك تيارا نفاثا عالي السرعة على الكوكب يمتد بعرض أكثر من 4800 كيلومتر (3000 ميل)، يقع فوق خط استواء المشتري فوق الأسطح السحابية الرئيسية، ويتحرك بسرعة نحو 515 كم في الساعة (320 ميلا في الساعة) وهذا شيء لم يسبق له مثيل من قبل.
وقال ريكاردو هويسو من جامعة إقليم الباسك في بلباو بإسبانيا والمؤلف الرئيسي لورقة تصف النتائج في بيان "لقد فاجأنا ذلك تماما".
وقال لي فليتشر من جامعة ليستر في المملكة المتحدة، وهو عضو في الدراسة الجديدة، في البيان: "إنه لأمر مدهش بالنسبة لي أنه بعد سنوات من تتبع سحب ورياح كوكب المشتري من مراصد عديدة، ما يزال أمامنا المزيد لنتعلمه".
ووفقاً للفريق، فإن هذا التيار النفاث المكتشف حديثا على كوكب المشتري - والذي ينفجر بسرعة تبلغ نحو ضعف سرعة إعصار من الفئة 5 على الأرض ويقع مباشرة فوق خط الاستواء - قد يلقي بعض الضوء على الغلاف الجوي المضطرب للكوكب. وفي الواقع، كل تلك الصور لكوكب المشتري لعام 2022 قد تساعد العلماء على استنتاج ما يحدث في سماء الجرم السماوي المخطط.
وأوضح هويسو: "ما رأيناه دائما على أنه ضباب غير واضح في الغلاف الجوي لكوكب المشتري، يبدو الآن كميزات واضحة يمكننا تتبعها جنبا إلى جنب مع الدوران السريع للكوكب".
ويشتهر كوكب المشتري بطقسه القاسي، والأهم من ذلك بالنسبة للدراسات العلمية، أن الغلاف الجوي للكوكب عبارة عن طبقات، مثل الغلاف الجوي للأرض. وهذا يعني أن سرعات الرياح في الطبقات المختلفة ربما تساهم في المناخ المضطرب للكوكب العملاق.
ولهذا السبب أيضا يأمل هويسو وزملاؤه في مقارنة ما شاهدته رؤية الأشعة تحت الحمراء لتلسكوب جيمس ويب بين طبقات الغلاف الجوي عالية الارتفاع لكوكب المشتري - والتي كشفت عن التيار النفاث الجديد عبر بعض الميزات المتعلقة بالسحابة، مع ما شاهده تلسكوب هابل الفضائي بالفعل في الطبقات الأعمق. ويأمل الفريق أن يمنحهم هذا صورة واضحة جدا عن رياح المشتري.
وأشار مايكل وونغ من جامعة كاليفورنيا، بيركلي، الذي قاد عمليات رصد هابل، وكان عضوا في الدراسة الجديدة، في البيان: "كنا نعلم أن الأطوال الموجية المختلفة لويب وهابل ستكشف عن البنية ثلاثية الأبعاد للسحب العاصفة، لكننا تمكنا أيضا من استخدام توقيت البيانات لمعرفة مدى سرعة تطور العواصف".
بمعنى آخر، يشرح الفريق أن هذه المقارنة يمكن أن تساعدنا في فهم كيفية تغير سرعات الرياح على كوكب المشتري مع الارتفاع وتوليد ما يعرف باسم "مقصات الرياح"، والتي تشبه إلى حد ما تدرجات سرعة الرياح على مسافات قصيرة.
وتقع النفاثات السريعة للغاية على ارتفاع نحو 40 كيلومترا (25 ميلا) فوق قمم سحب الكوكب، لذلك إذا أظهرت الرياح المنخفضة سرعات أقل بكثير، فمن المحتمل أن تكون "مقصات الرياح" هي النتيجة.
وقال فليتشر: "لدى المشتري نمط معقد ولكنه متكرر من الرياح ودرجات الحرارة في طبقة الستراتوسفير الاستوائية، مرتفعة فوق الرياح في السحب والضباب المقاسة عند هذه الأطوال الموجية. إذا كانت قوة هذه النفاثات مرتبطة بهذا النمط الستراتوسفيري المتذبذب، فقد نتوقع أن تختلف النفاثات بشكل كبير خلال السنتين إلى الأربع سنوات القادمة. وسيكون من المثير حقا اختبار هذه النظرية في السنوات القادمة".