سلام من الله عليكم أيها الإخوة والأخوات..
أطيب تحية ملؤها من الله الرحمة والبركات نحييكم بها ونحن نلتقيكم بتوفيق الله في حلقة اليوم من برنامجكم العقائدي هذا.
السؤال الذي نعرضه على مناري الهداية الإلهية في لقاء اليوم هو:
ما هي أبرز الثمار التي تذكرها الأحاديث الشريفة للإيمان بالمعاد؟
بالحصول على إجابة هذا السؤال تكمل الإجابة عن السؤال الذي عرضناه في حلقة سابقة عن الثمار التي يذكرها القرآن الكريم للإيمان بالبعث والنشور والحياة الآخرة.
إذن فلنتوجه معاً الى الأحاديث الشريفة للإجابة عن سؤال هذه الحلقة، تابعونا مشكورين.
المراجع للأحاديث الشريفة المروية في المصادر المعتبرة بشأن الإيمان بالمعاد يلاحظ كثرتها أولاً وثانياً أن كثيراً منها تشتمل على البيان للثمار التي ذكرها القرآن الكريم في هذا الباب.
كما نلاحظ أيضاً – مستمعينا الأفاضل – أن الأحاديث الشريفة تبين المصاديق العملية للحصول على الثمار والبركات التي ذكرها القرآن الكريم للإعتقاد بالمعاد والحياة الأخروية.
وهذه المصاديق ستأتي إشارات إليها في حلقات آتية بإذن الله عزوجل فيما نكتفي هنا ببيان أهم هذه المصاديق بما يتسع له وقت البرنامج.
ونبدأ بأحد الأحاديث الشريفة الشهيرة المنقولة مصادره وأسانيده الكثيرة في (موسوعة الإمام علي عليه السلام) وهو حديث المعراج المحمدي المبارك فقد جاء فيه ما ذكره الصادق الأمين – صلى الله عليه وآله – بشأن ما رآه مكتوباً على أبواب الجنة حيث قال: "وعلى الباب الرابع منها مكتوب: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليكرم ضيفه، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليبر والديه، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو يسكت".
وتتضح من التأمل في النص المتقدم عدة من ثمار الإيمان باليوم الآخر، منها أنه وسيلة لنشر الخير والصلاح على الصعيد الإجتماعي برمته.
ومنها أن الإعتقاد بالحياة الأخروية هو المظهر العملي لإكتمال الإيمان بالتوحيد والنبوة والولاية، فهو إذن وسيلة للحصول على كمال الإيمان.
وتهدينا الأحاديث الشريفة الى من ثمار الإيمان بالمعاد والحساب والدار الآخرة الإستقواء على مجاهدة الشيطان والنجاة من وساوسه وإضلاله، والى هذه الثمرة يشير الحديث الشريف الذي رواه الشيخ الجليل الحسين بن سعيد الكوفي في كتاب (المؤمن) عن رسول الله – صلى الله عليه وآله – أنه قال:
"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس في مجلس يسب فيه إمام أو يغتاب فيه مسلم، إن الله عزوجل يقول: "وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ"".
ونستفيد أيضاً من الأحاديث الشريفة أن من ثمار الإعتقاد بالآخرة تأهيل القلب للإستجابة للمواعظ الإلهية وبالتالي الإقبال على صالحات الأعمال وما يحبه الله عزوجل، فمثلاً جاء في وصية النبي الأكرم للصحابي الجليل معاذ بن جبل المروية في كتاب (تحف العقول) قوله – صلى الله عليه وآله -:
"وذكر الناس بالله واليوم الآخر وأتبع بالموعظة فإنه أقوى لهم على العمل بما يحب الله".
وفي المقابل فإن ترسيخ الإيمان بالمعاد يثمر تقوية روح التقوى والورع عن المحارم في قلب المؤمن كما يشير لذلك الإمام علي الرضا – عليه السلام – في الحديث المروي عنه في كتاب (علل الشرائع) وغيره أنه قال:
"حرم الله عزوجل الخمر لما فيها من الفساد ومن تغييرها عقول شاربيها وحملها إياهم على إنكار الله عزوجل والفرية عليه وعلى رسله وسائر ما يكون منهم – أي من شاربي الخمر – من الفساد والقتل والقذف والزنا وقلة الإحتجاز عن شيء من المحارم، فبذلك قضينا على كل مسكر من الأشربة أنه حرام ومحرم لأنه يأتي من عاقبته ما يأتي من عاقبة الخمر، فليجتنب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتولانا وينتحل مودتنا كل مسكر فإنه لا عصمة بيننا وبين شاربيه".
كما أن من ثمار ترسيخ الإيمان بالمعاد الإجتهاد في السعي المؤكد لإعمار الدار الآخرة والإقتداء بأئمة الهدى – عليهم السلام – فمثلاً جاء في جانب من وصية أميرالمؤمنين الإمام علي – عليه السلام – المروية في الجزء السابع من كتاب الكافي قوله – عليه السلام – فيما يرتبط بصدقاته وموقوفاته لصالح المسلمين:
"هذا ما قضى به علي بن أبي طالب في أمواله.. إبتغاء وجه الله والدار الآخرة والله المستعان.. ولا يحل لأمريءٍ مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقضي في شيء قضيته في مالي ولا يخالف فيه أمري من قريب أو بعيد".
ونخلص، أيها الإخوة والأخوات، مما تقدم الى أن الأحاديث الشريفة تبين لنا أن ثمار الإيمان بالمعاد تشمل المؤمن نفسه في دنياه وأخراه مثلما تشمل الآخرين فهي خير للفرد والمجتمع.
وبهذه النتيجة نصل الى ختام حلقة أخرى من برنامجكم (أسئلتنا وأجوبة الثقلين) إستمعتم له مشكورين من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.
شكراً لكم وفي أمان الله.