سلام من الله عليكم مستمعينا الأطائب ورحمة منه وبركات..
أطيب تحية نحييكم بكم مرحبين بكم في لقاء اليوم من هذا البرنامج نستكمل في هذا اللقاء الإجابة عن سؤال وردنا من الأخ فيصل البدري عن المقصود بالإمام في قوله عزوجل (يوم ندعو كل أناس بإمامهم).
وقد هدانا التدبر في هذا النص القرآني إلى أن المقصود في هذه الآية الكريمة وهي الإحدى والسبعين من سورة الإسراء، هو الإمام الذي يأتم به أهل كل عصر سواء كان من أئمة الهدى أو من الأئمة المضلين.
وأن المراد هو تمييز أتباع الأئمة المنصوبين من الله عزوجل عن أشياع الأئمة المضلين في كل زمان.
وقد وعدناكم في نهاية الحلقة السابقة بنقل نماذج من الأحاديث الشريفة المروية من طرق الفريقين والتي تؤيد هذا المعنى المستفاد من التدبر في الآية الكريمة نفسها، تابعونا على بركة الله.
نبدأ أعزاءنا بما رواه جلال الدين السيوطي من علماء أهل السنة في تفسيره الدر المنثور حيث أورد في تفسير الآية الكريمة عن رسول الله – صلى الله عليه وآله –وكذلك الثعلبي في تفسيره أنه قال: "يدعى كل قوم بإمام زمانهم وكتاب ربهم وسنة نبيهم".
وهذا المعنى مروي أيضاً من طرق أهل البيت – عليهم السلام – في كتاب عيون أخبار الرضا وغيره.
وقال ابن جرير الطبري كبير مفسري أهل السنة في تفسيره جامع البيان بعد عرض الأقوال المختلفة للمفسرين في معنى الآية المذكورة:
"وأولى هذه الأقوال عندنا بالصواب قول من قال: معنى ذلك يوم ندعو كل أناس بإمامهم الذي كانوا يقتدون به ويأتمون به في الدنيا، لأن الأغلب من إستعمال العرب [لكلمة] الإمام [هو] فيما أئتم به وأقتدي به، وتوجيه معاني كلام الله إلى الأشهر أولى ما لم تثبت حجة بخلافة يجب التسليم لها".
والمعنى نفسه قال به الراغب الإصبهاني في معجم مفردات القرآن وغيره من المؤلفين في ألفاظ القرآن.
أما من طرق أهل البيت – عليهم السلام – فقد روي في تفسير علي بن إبراهيم وتفسير العياشي وغيرهما عن الإمام الباقر – عليه السلام – قال في تفسير هذه الآية: "يجيء رسول الله – صلى الله عليه وآله – في قومه وعلي في قومه والحسن في قومه والحسين في قومه وكل من مات بين ظهراني – أي عصر – إمام جاء معه".
إلا أن في أحاديث أهل البيت – عليهم السلام – إشارات جميلة إلى كون النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – هو إمام أئمة الهدى جميعاً، فقد روي في تفسير البرهان عن الإمام الصادق – عليه السلام – قال:
"ألا تحمدون الله؟ إنه إذا كان يوم القيامة يدعى كل قوم إلى من يتولونه وفزعنا – يعني أئمة الهدى جميعاً – إلى رسول الله – صلى الله عليه وآله – وفزعتم أئتم – يعني شيعتهم – إلينا".
وروي في تفسير العياشي عنه – عليه السلام – قال: "لا تترك الأرض بغير إمام يحل حلال الله ويحرم حرامه وهو قول الله [يوم ندعو كل أناس بإمامهم] ثم قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وآله -: من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية".
وقال – عليه السلام – أيضاً كما في تفسير العياشي: "إذا كان يوم القيامة قال الله: أليس العدل من ربكم أن يولوا كل قوم من تولوا؟ قالوا: بلى، فيقول سبحانه: تميزوا فيتميزون"... يعني يتميز أتباع أئمة الهدى عن أشياع الأئمة المضلين.
أيها الإخوة والأخوات وأصرح تعبير نبوي في تحديد مصداق الإمام الآية المذكورة وكونه لا ينحصر بالنسبة للإمامة المحمدية على سيد الرسل هو ما صرح به بكل وضوح الصادق الأمين – صلى الله عليه وآله – فقد روي في كتاب المحاسن عن إمامنا الباقر – عليه السلام – قال:
"لما أنزلت [يوم ندعو كل أناس بإمامهم] قال المسلمون: يا رسول الله ألست إمام الناس كلهم أجمعين؟ فقال رسول الله – صلى الله عليه وآله -: أنا رسول الله إلى الناس أجمعين ولكن سيكون بعدي أئمة على الناس من أهل بيتي من الله – يعني منصوبون للإمامة من الله عزوجل – يقومون في الناس فيكذبونهم ويظلمهم أئمة الكفر والضلال وأشياعهم".
ثم قال – صلى الله عليه وآله -: "ألا فمن والاهم وأتبعهم وصدقهم فهو مني ومعي وسيلقاني، ألا ومن ظلمهم وأعان على ظلمهم وكذبهم فليس مني ولا معي منه بريء".
وفي هذا الحديث الشريفة إشارة لطيفة إلى أن جميع مصاديقه (بإمامهم) من أئمة الهدى يرجعون إلى النبي الأكرم فهو – صلى الله عليه وآله – إمام أئمة الهدى عليه السلام.
وبهذا ننهي أيها الأكارم حلقة أخرى من برنامجكم (أسئلتنا وأجوبة الثقلين) إستمعتم له من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.
نشكر لكم كرم المتابعة ودمتم بكل خير وبركة.