السلام عليكم أيها الأطائب ورحمة الله وبركاته..
طابت أوقاتكم بكل ما تحبون وأهلاً بكم في حلقة اليوم من هذا البرنامج العقائدي نتابع فيها الإجابة عن سؤال عرضناه في سابقتها وردنا من الأخ سعيد الأحمد يقول فيه: ما الذي يميز علوم أهل البيت – عليهم السلام – عن غيرهم من حملة العلوم النبوية أو رواتها؟
وقد هدتنا النصوص الشريفة إلى أنهم – عليهم السلام – عندهم علم القرآن كله وليس بعضه الذي سمعه الرواة من رسول الله صلى الله عليه وآله.
كما أن علومهم – عليهم السلام – وراثة نبوية فهم مدينة علم رسول الله وفهمه – صلى الله عليه و آله – وعلومهم لا يمكن أن يتطرق إليها الخطأ والإشتباه والنسيان كما يحدث لغيرهم وذلك بحكم كمال ملازمتهم للقرآن الكريم.
مستمعينا الأفاضل، ويستفاد من النصوص الشريفة أيضاً أن علم أهل بيت الرحمة المحمدية يستجيب لمتطلبات وتطورات الحياة بالكامل إذ تتفتح من كل باب من أبوابه أبواب كثيرة من العلوم اليقينية التي تعطي للناس ما يحتاجونه من العلوم والمعارف في كل زمان ومكان وفيما يرتبط بكل واقعة.
وإلى هذه الميزة يشير الحديث الشريف المتواتر والمروي عن عدة من الصحابة، كعبد الله بن مسعود، كما في الإرشاد للشيخ المفيد، وعبد الله بن عمر وغيرهما والمروي من طرق أهل السنة كما في حلية الأولياء وكنز العمال وغيرهما.
ونحن ننقله أولاً من كتاب الكافي برواية الإمام جعفر الصادق – عليه السلام – حيث قال:
"قال رسول الله – صلى الله عليه وآله – في مرضه الذي توفي فيه: إدعوا لي خليلي، فأرسلنا إلى أبويهما فلما نظر إليهما رسول الله – صلى الله عليه وآله – أعرض عنهما ثم قال: إدعوا لي خليلي، فأرسل إلى علي فلما نظر إليه أكب عليه يحدثه، فلما خرج لقياه فقالا له: ما حدثك خليلك؟ فقال – عليه السلام -: حدثني ألف باب يفتح لي كل باب ألف باب".
وروى الشيخ المفيد في كتاب الإرشاد بسنده عن عبد الله بن مسعود قال:
"إستدعى رسول الله علياً فخلى به، فلما خرج إلينا سألناه: ما الذي عهد إليك؟ فقال: علمني ألف باب من العلم، فتح لي كل باب ألف باب".
أيها الإخوة والأخوات، وهذا الحديث الشريف من الأحاديث الشريفة التي احتج بها أميرالمؤمنين علي – عليه السلام – على طلحة الذي خرج عليه في حرب الجمل.
أجل، فقد روي في كتاب (سليم بن قيس) ضمن حديث طويل أنه – عليه السلام – قال "إن رسول الله أسر إلي في مرضه مفتاح ألف باب من العلم يفتح من كل باب ألف باب ولو أن الأمة منذ قبض الله نبيه – صلى الله عليه وآله – إتبعوني وأطاعوني لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم رغداً إلى يوم القيامة".
وفي نهاية هذا الحديث إشارة مهمة إلى أن اختصاص أئمة العترة المحمدية – عليهم السلام – بهذا النمط من العلم يمثل ضمانة إستجابة الإسلام لمتطلبات جميع العصور وحل مشاكل البشر في كل زمان ومكان وبالتالي الفوز بالحياة الكريمة الطيبة.
وفي هذا يكمن أحد أسرار تأكيد النصوص الشريفة وخاصة حديث الثقلين المبارك على أن النجاة من الضلالة تكمن في التمسك بالقرآن والعترة معاً، لأن لدى العترة العلم القرآني الكامل الذي تتفتح منه أبواب كل ما يحتاجه البشر للفوز بالسعادة والهداية.
أعزاءنا المستمعين وإدراك الحقيقة المتقدمة يهدينا إلى معرفة خصوصية أخرى تميز علوم أئمة العترة المحمدية – عليهم السلام – عن غيرهم من العلماء أو رواة السنة النبوية، وهذه الخصوصية هي أن ما لديهم هو من خاص العلم الإلهي الذي يمن الله به على من يشاء.
وقد أمر بذلك كثير من علماء السنة أمثال إبن حجر في كتاب الصواعق وقد نقلنا كلامه في حلقة سابقة، ومنهم أحد أعلامهم البارزين ومؤلف كتاب (إحياء علوم الدين) الإمام محمد الغزالي فقد قال في رسالة (العلم اللدني):
"قال علي – رضي الله عنه - : إن رسول الله – صلى الله عليه [وآله] وسلم، أدخل لسانه في فمي فانفتح في قلبي ألف باب من العلم فتح لي كل باب ألف باب"، وقال – رضي الله عنه - : لو ثنيت لي وجلست عليها لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم".
ثم علق الغزالي على ذلك قائلاً: "وهذه المرتبة لا تنال بمجرد التعليم، بل يتمكن المرء في هذه المرتبة بقوة العلم اللدني".
والحديث عن خصوصية إمتلاك أئمة العترة المحمدية – عليهم السلام – للعلم اللدني الذي يقذفه الله جلت قدرته في قلوبهم إلهاماً يفتح الباب لمعرفة خصوصية أخرى تميزهم عن سائر العلماء أو رواة السنة النبوية وهو إستزادتهم المستمرة من العلم الإلهي النقي الخالي من كل شائبة، وهذا ما سنتناوله بإذن الله عزوجل في الحلقة المقبلة من برنامجكم (أسئلتنا وأجوبة الثقلين).
نشكر لكم طيب المتابعة ولكم دوماً من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران خالص الدعوات.
دمتم بكل خير وفي أمان الله.