موضوع البرنامج:
طول الغيبة وإيمان أهلها
حوار مع الشيخ علي الكوراني حول أدب طلب الحاجات من الإمام
أنا منشغل بتلاوة زيارة عاشوراء
بضعة ٌ من آل بيت المصطفي
قاب قوسين تدلي فدني
أشبه الخلق بطاها جده
و له الصرح المعلّي والمُني
حجة الله علي كل الوري
ختم الباري به قادتنا
مطلع الشمس لدي مغربها
كوكبٌ قرت به أعيننا
هو آمال الوري والمرتجي
ليزيل الظلم من كل الدُني
مجمع الطهر وأحلام المُني
يملأ الكون سروراً وهنا
*******
بسم الله ولله الحمد والمن والفضل حبيب قلوب الصادقين والصلاة والسلام علي ينابيع وحيه المبين الصادق الامين واله الطيبين الطاهرين.
من قصيدة للأديب السيد جواد الحسيني إخترنا لمطلع هذا اللقاء أبياتاً رقيقة في مدح خاتم الأوصياء الذي يحقق الله علي يديه أحلام الانبياء بقية الله المهدي (أرواحنا فداه). ولنا في هذا اللقاء فقرات ثلاث أخري:
- الأولي وقفة عند حديث لمولانا الإمام زين العابدين (عليه السلام) عن بعض خصائص عصر الغيبة؛ تحت عنوان: طول الغيبة وإيمان أهلها
- يليها إتصال هاتفي بضيف البرنامج سماحة الشيخ علي الكوراني يجيب فيها عن سؤال بشأن أدب طلب الحاجات من الإمام
- ثم حكاية معاصرة من حكايات الفائزين برؤية الطلعة المهدوية المنيرة عنوانها هو: أنا منشغل بتلاوة زيارة عاشوراء
*******
هذه الفقرة التربوية والعقائدية التي تحمل العنوان التالي:
طول الغيبة وإيمان أهلها
قال مولانا الإمام زين العابدين : تمتدُ الغيبة بولي الله الثاني عشر من أوصياء رسول الله - صلي الله عليه وعلي الأئمة من بعده -. إن أهل زمان غيبته القائلين بأمامته، والمنتظرين لظهوره أفضل من أهل كل زمان، فإن الله تبارك وتعالي أعطاهم من العقول والافهام والمعرفة ما صارت به الغيبة [عندهم] بمنزلة المشاهدة، وجعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله (صلي الله عليه وآله) بالسيف أولئك هم المخلصون حقاً وشيعتنا صدقاً والدعاة الي دين الله عزوجل سراً وجهراً.
الكلام المتقدم رواه الثقة الجليل ابو محمد الفضل بن شاذان وهم من أجلاء أصحاب الأئمة الكرام من الجواد الي العسكري (عليهم السلام). في كتاب الذي صنفه في غيبة الإمام المهدي قبل وقوعها وولادته (عجل الله فرجه)؛ ضمن حديث طويل، والفقرة التي إنتخبناها منه تبين لنا عدة من الخصوصيات المهمة لعصر غيبة خاتم الأوصياء المهدي الموعود "أرواحنا فداه"
الخصوصية الأولي: طول مدة هذه الغيبة وهذا أمرٌ أخبرت عنه مسبقاً أحاديث أخري عن أئمة العترة المحمدية (عليهم السلام) ويعد الأخبار المسبق عنه وتصديق الواقع التأريخي له من الدلائل الوجدانية لإمامتهم سلام الله عليهم وإرتباطهم بعلام الغيوب تبارك وتعالي.
ولمعرفة هذه الخصوصية أهمية تربوية وعقائدية تُضاف الي أثرها في ترسيخ إيمان المؤمنين بصدق أئمتهم سلام الله عليهم وإرتباطهم بعالم الغيب الذي لا يطلع علي غيبه إلا من ارتضاه تبارك وتعالي من عباده كما أشرنا آنفا.
هذه الأهمية التربوية والعقائدية تكمن في أن المعرفة التصديقية بطول الغيبة تعين المؤمن علي محاربة الشكوك التي يثيرها الشيطان تجاه صحة الغيبة وصحة الوعد الإلهي بحتمية ظهور بقية الله المنتظر (عجل الله فرجه).
فلا يقع المؤمن ببركة المعرفة المسبقة بطول الغيبة فيما يقع فيه كثيرٌ من الناس من ضعف إرتباطهم العملي وإنتظارهم الحقيقي لإمامهم وظهوره بسبب طول الغيبة، حيث تتلجلج في صدورهم تشكيكات في صورة أسئلةٍ إنكارية لا يجدون جواباً لها من قبيل اين ولي الأمر؟ وبأي وادٍ سلك؟
ولماذا يظهر؟ كما أخبرت عن ذلك عدة من الأحاديث الشريفة ومسبقاً أيضاً.
فلو كان هؤلاء علي معرفة تصديقية بالإخبار المسبق من سادات الصادقين (عليهم السلام) بشأن طول الغيبة، لوجدوا الإجابة الواضحة عن نظائر هذه الأسئلة من هذا الإخبار المسبق نفسه ولبقوا علي إيمانهم العملي بأمام زمانهم وإرتباطهم وإنتظارهم الصادق له مهما تأخر ظهوره "عجل الله فرجه"
أما الخصوصية الثانية: من خصائص عصر الغيبة التي ذكرها أمامنا زين العابدين (عليه السلام) في حديثه المتقدم، فهي أن مؤمني هذا العصر بحاجة ماسة الي توسيع إنفتاحهم علي عالم الغيب الإلهي وتقوية إيمانهم بالغيب والحقائق الغيبية التي ثبتت عندهم بالأدلة النقلية والعقلية الصحيحة.
والسر في ذلك هو أنّ عصر الغيبة بطبيعته لا يسمح بالإتصال الظاهري المشهود بالإمام الغائب، الأمر الذي يستدعي أن يكون إيمانهم به (عليه السلام) كالإيمان بسائر الحقائق الغيبية التي لا يرونها بالعين المألوفة بل يشاهدونها بعين القلب والبصيرة.
وقد صرحت الأيات الأولي من سورة البقرة بأن أولي صفات المتقين الذين يمكنهم الحصول علي الفوائد المطلوبة من هدي القرآن الكريم وبمراتبها العالية هي كونهم يؤمنون بالغيب.
أي أن عليهم أن يقوّوا بصيرتهم وعينهم القلبية ولا يجعلوا إيمانهم مرهوناً بالإحساس المادي المباشر.
فاذا تحقق ذلك فيهم صاروا أفضل من مؤمني أي زمان لأنهم كما يصفهم الإمام زين العابدين (عليه السلام) في كلامه المتقدم قد أعطاهم الله من العقول والأفهام "ما صارت به الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة، أولئك هم المخلصون حقاً وشيعتنا صدقاً والدعاة الي دين الله عزوجل سراً وجهراً"
*******
نشكر لكم أعزاءنا طيب المتابعة لبرنامج شمس خلف السحاب وندعوكم للإستماع للفقرة التالية منه:
أدب طلب الحاجات من الإمام
المحاور: بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم معكم ومع ضيف البرنامج سماحة الشيخ علي الكوراني يتفضل مشكوراً بالاجابة عن اسئلتكم للبرنامج معنا على خط الهاتف، سماحة الشيخ سلام عليكم.
الشيخ علي الكوراني: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المحاور: سماحة الشيخ الاخت خديجة جواد من البحرين تسلم عليكم وتشكركم على اجاباتكم عن اسئلة سابقة كانت قد بعثتها للبرنامج، هذه الاخت الكريمة بعثت في رسالتها الاخيرة سؤال لو سمحتم انا اقرأ نص عبارة الاخت تقول اتمنى من سماحة الشيخ توضيح ادب السؤال من الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف وطلب الحوائج منه؟ سماحة الشيخ تفضلوا.
الشيخ علي الكوراني: بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، طبيعي ان معنى السؤال من النبي والائمة (عليهم السلام) ليس كما يتخيل البعض من مخالفينا، معنى الطلب والسؤال منهم في حقيقته هو طلب من الله عزوجل، نحن لا ندعو غير الله وطلبنا الاساسي منه وعندما نطلب من النبي او الائمة (عليهم السلام) فمما اعطاهم الله سبحانه وتعالى ولأن الله عزوجل امرنا «وَابْتَغُواْ إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ»، كيف نطلب من النبي والائمة (عليهم السلام)؟ هناك صيغ في الادعية وردت مثل "يا وجيهاً عند الله اشفع لنا عند الله" مثل "اللهم اني اتوجه اليك بنبيك محمد واهل بيته الطاهرين" وامثالها هذه صيغ للطلب واردة ولابد ان الاخت تسأل عن الادب الذي يدعو الله بالتوسل بهم صلوات الله عليهم، ادبه في نفسه، كيف يخاطبهم؟ بأعتقادي انه لابد ان يخاطبهم بما يتناسب مع مقامهم، بعض الاشخاص وخاصة العوام يبدأون بالقسم ويقسمون، اقسم عليك بظلامة الزهراء (سلام الله عليها)، اقسم عليك بدم الحسين، اقسم عليك بكذا، اقسم عليك، ويستعملون هذه ايضاً مع الائمة (عليهم السلام) وهذا اسلوب غير محبب، لماذا تلح وتقسم هذا القسم، انت اطلب بأدب وكذلك في الحاحهم على الله سبحانه وتعالى قد يخرجون عن الادب ايضاً، ادب السؤال من الامام والتوسط به الى الله عزوجل انه تحفظ مقامه، تحفظ اسلوب خطابك له ويكون طلبك عرضاً وليس الزاماً، عرض انه ياسيدي ومولاي اي انت مقامك عند الله عظيم وكبير وانا ارجو انه تشفع لي في هذه الحاجة، هذا امر جيد اما انه الاصرار والالزام وانواع القسم ومثل يستعمل المشاطرة، الانسان كأنه يتشاطر على انسان عادي او في معاملة تجارية هذا ما افضله للمؤمن ابداً.
عندنا مسألة اخرى اساسية هي الحالة الروحية للذي يسأل، حالة التوجه وفي النصوص عندنا "توجهوا الى الله" "توجهوا بنا الى الله" "توجهوا الينا لتخاطبونا" هذه موجودة ايضاً، اذن حالة التوجه القلبي وحالة الاضطرار والانقطاع نوع من الخطاب، خطاب الاستغاثة هذا لااشكال انه مؤثر ويشعر به ويحس به المعصوم صلوات الله عليه.
المحاور: نعم سماحة الشيخ السؤال من الامام المهدي ان يدعو له الله تبارك وتعالى يعني المؤمن يزور الامام سلام الله عليه ويطلب منه ان يدعو له، هل في ذلك اشكال معين؟
الشيخ علي الكوراني: لا لا او يطلب منه هو، هو يطلب منه مباشرة، يا سيدي انا اريد منك ان يرضى الله عني، اريد منك ان الله يغفر لي، اريد منك ان الله يرزقني هذا لامانع فيه، يطلب منه ايضاً لكن مما اعطاه الله او يطلب منه مثل اشفع لي عند الله عزوجل، يدعو لي ربه سبحانه وتعالى وهذا امر جيد.
*******
أما الآن، فقد حان موعدكم أيها الأعزاء مع حكاية هذا اللقاء من الحكايات الموثقة للفائزين بالألطاف المهدوية الخاصة، العنوان الذي إخترناه لحكاية اليوم هو:
أنا مشغول بتلاوة زيارة عاشوراء
من الجزء الثاني من كتاب (عشاق الإمام المهدي) المطبوع في ايران بالفارسية، ننقل لكم ملخصاً لحكاية نقلها مؤلف الكتاب حجة الاسلام القاضي الزاهدي عن صديقه العالم المتعبد والفاضل حجة الاسلام الشيخ محمد علي البرهاني، وهي حكاية تحمل عبرة بل وأكثر من عبرة.
تأريخ الحكاية الأولي يرجع الي اليوم العشرين من الشهر الثالث من السنة الهجرية الشمسية أربع وخمسين وثلاثمائة والف، وكان يوم جمعة، وفيه ذهب الشيخ البرهاني برفقة صديقه العبد المخلص السيد مجتبي الهاشمي (رحمه الله) وهو من خدام المنبر الحسيني الي أطراف مسقط رأسه وهي بلدة (أفوس فريدن) حيث يقع جبل إسمه جبل القبلة.
وكان برنامجهما كل يوم جمعة أن يذهبا الي هذا الجبل صباحاً للعبادة فيتلوا أولاً دعاء الندبة، وبعد إقامة صلاتي الظهر والعصر يزوران الإمام الحسين (عليه السلام) بالزيارة المعروفة بزيارة وارث، وفي الساعة الأخيرة من نهار الجمعة يتلوان دعاء السمات المعروف.
يقول الشيخ البرهاني: في ذلك اليوم قمنا بهذه الأعمال علي وفق هذا الترتيب، وأثناء قراءة دعاء السمات حصل لدينا توجه خاص لصاحب الزمان (أرواحنا فداه) فتوسلنا به الي الله عزوجل بتضرع وفي غضونها ناداني السيد مجتبي بحماس بالغ ولهفة عجيبة قائلاً: يا شيخ برهاني، من هو هذا السيد الجليل الذي يقف في تلك الجهة؟ هل يريد منك شيئاً؟
ويتابع سماحة الشيخ البرهاني نقل حكايته قائلاً: رفعتُ رأسي ونظرت الي الجهة التي أشار إليها رفيقي فشاهدت علي بعد ما بين إثني عشر الي خمسة عشر متراً سيداً جليلاً ذا طلعة بهية ونورانية للغاية، واقفاً وهو يذكر الله عزوجل، كان معتماً بعمامة لفّ طرفيها تحت حنكه من أسفل حنجرته، وقد أخرج يديه من كمّ عبائته وتحزّم بشالٍ أخضر.
ظننت للوهلة الأولي أنه أحد السادة من العلماء الذين جاؤوا الي قريتنا في العام الماضي، فتقدمت نحوّه وسلمت عليه وقلت له: تفضل يا سيدي، الشاي جاهز، سنكمل قراءة دعاء السمات ونكون في خدمتكم.
أجاب: أتموا قراءة الدعاء، فأنا مشغولٌ أيضاً بتلاوة زيارة عاشوراء.
ونبقي مع هذا العالم المتعبد سماحة الشيخ البرهاني وهو يروي لنا بقية حكايته قائلاً: أطعت قول السيد، وإستأنفت تلاوة دعاء السمات، لكن شوق النظر الي جمال طلعته جعلني أقرأ بقية الدعاء بسرعة حباً في التفرغ له، وأثناء ذلك قال له السيد مجتبي الهاشمي مثل قولي فأجابه بالجواب نفسه ولم تمر سوي دقائق معدودة حتي أتممنا تلاوة الدعاء، ولما أردنا تقديم الشاي له وإستضافته لم نر أحداً، بحثنا في المنطقة عنه فلم نعثر عليه فأدركنا فوراً أنه مولانا الحجة بن الحسن إمام العصر (أرواحنا فداه)، فتفجرت عيوننا بدموع الشوق وإختلطت أصواتنا بنشيج البكاء ونحن نناديه: أيها العزيز اين ذهبت؟ وقد نالنا من الأسف ما نالنا لعدم تعرفنا عليه قبل غيابه المفاجئ.
وفي هذه الحكاية إشارة الي أهمية زيارة عاشوراء التي أوصي بها الإمام المؤمنين في حكايات أخري، كما أن فيها عبرة مهمة في سرعة إستجابته (أرواحنا فداه) للمتوسلين به بصدق الي الله عزوجل.
*******