رغم ظروف الحرب وحالة النزوح المستمرة، حرص سودانيون على إقامة “زفة المولد النبوي”، والمحافظة على العادة السنوية بنصب الخيام ورفع الرايات الملونة في ساحات وميادين داخل المدن البعيدة عن القتال الراهن.
ومنذ منتصف أبريل/ نيسان الماضي، يخوض الجيش وقوات “الدعم السريع” حرباً خلَّفت أكثر من 5 آلاف قتيل، فضلاً عمّا يزيد عن 5 ملايين نازح ولاجئ داخل وخارج إحدى أفقر دول العالم، بحسب الأمم المتحدة.
و”زفة المولد النبوي” من التقاليد المتجذرة في السودان، وتصحبها موسيقى القوات المسلحة والشرطة وطبول الطرق الصوفية، احتفالاً بذكرى المولد النبوي، التي توافق هذا العام الأربعاء 27 سبتمبر/ أيلول الجاري.
ومع مطلع شهر ربيع الأول من كل عام، تنطلق يومياً مواكب “الزفة” من الميادين العامة عقب صلاة العصر، مصحوبة بموسيقى وطبول شعبية، حتى تستقر في أماكن مخصصة للاحتفاء بالمناسبة الدينية.
وتتخلل “الزفة” أناشيد دينية وأهازيج صوفية على إيقاعات طبول ودفوف ومنها “النوبة”، وهي آلة إيقاعية شعبية، فيما تنشد الفرق الصوفية مدائح نبوية يتمايل على إيقاعاتها المريدون.
وتتشكل تشكيلات الزفة من مختلف الجماعات الإسلامية، وعلى رأسها الطرق الصوفية التي ترتفع راياتها ذات الألوان الغالب عليها الأخضر والأسود والأحمر.
قصف ورصاص متطاير
وذكرى “المولد النبوي” تشكل فرصة كبيرة للقاء العائلات والأصدقاء والترويح عن النفس، وتناول الحلويات ونسيان الهموم ورهق الحياة اليومية.
وحسب موقع الأناضول، قال المواطن عبد الباسط يوسف إن الحرب حرمت آلاف السودانيين داخل العاصمة الخرطوم من نصب الخيام وتناول الحلويات؛ بعد إغلاق مصانع الحلويات بسبب القتال المستمر.
وتابع: “حصرنا الاحتفالات في ميدان صغير داخل الحي بمدينة أم درمان (غربي الخرطوم)؛ خوفاً من الرصاص المتطاير والقصف العشوائي”.
يوسف أضاف أن “زفة المولد بالنسبة إلينا فسحة للأمل والراحة النفسية والصلاة على النبي الكريم، لذلك حرصنا على إحيائها رغم الظروف الاقتصادية”.
ويتبادل الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات “الدعم السريع” بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، اتهامات بالمسؤولية عن بدء القتال وارتكاب انتهاكات خلال الهدنات المتتالية.
طقوس وعادات جميلة
وفي ولايات السودان الأخرى الآمنة، شارك المئات في احتفالات المولد النبوي عبر طقوس وعادات مختلفة ابتهاجاً وفرحاً بالذكرى الشريفة.
ويذكر المصدر قول عبد الفتاح الطيب إن “زفة المولد” في عطبرة (شمال)، انطلقت في المدينة مع تحوطات أمنية كبيرة فرضتها شرطة ولاية نهر النيل لتأمين الاحتفالات ومحاصرة أي انفلات أمني.
الطيب أوضح أن “مجموعة كبيرة احتفلت بزفة المولد النبوي، وتناولت الحلويات والشاي، في طقوس دينية جميلة”.
وتداول نشطاء على منصات التواصل الاجتماعي في السودان صوراً ومقاطع فيديو تظهر مشاركة المئات في احتفالات ومواكب لطرق صوفية في عدد من ولايات البلاد المترامية الأطراف.
مقار الطرق الصوفية
وفي مدينة مدني، حاضرة ولاية الجزيرة (وسط)، قررت السلطات اقتصار الاحتفالات بذكرى المولد النبوي داخل مقار الطرق الصوفية.
بينما قررت سلطات مدينة سنار (جنوب شرق) عدم إقامة احتفالات هذا العام؛ بسبب “الظروف الأمنية والاستثنائية التي تمر بها البلاد”.
أما في مدينة ربك، حاضرة ولاية النيل الأبيض (جنوب)، فانطلق المحتفلون من أمام المساجد وطافوا على الشوارع الرئيسية، وصولاً إلى ساحة المولد النبوي وسط المدينة.
وقال أحمد عيسى للمصدر إن “الاحتفالات انطلقت بأريحية من أمام المساجد، في أجواء روحانية جميلة، واحتفلنا بالمولد النبوي الشريف رغم مآسي الحرب والنزوح”.
عيسى أردف: “افتقدنا المفرقعات والألعاب النارية خلال احتفالات المولد النبوي، بسبب ظروف الحرب التي أدخلت الهلع في نفوس المواطنين”.