السلام عليكم مستمعينا الأكارم ورحمة الله وبركاته...
أطيب تحية هي تحية الإسلام والأمن والسلامة نحييكم بها أيها الأطائب ونحن نلتقيكم في حلقة اليوم من برنامجكم العقائدي هذا.
أيها الإخوة والأخوات، قبل أن نتابع تناول الآيات الكريمة الدالة على إمامة أئمة العترة المحمدية – عليهم السلام – نتناول في هذا اللقاء الإجابة عن سؤال يتردد كثيراً، يقول:
لماذا لم يذكر القرآن الكريم أسماء أئمة العترة المحمدية – عليهم السلام – كما ذكر إسم سيدهم النبي المصطفى صلى الله عليه وآله؟
ولماذا أوكل أمر تعريف المسلمين بهم إلى الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله؟
نبحث عن الجواب في النصوص الشريفة فتابعونا على بركة الله.
أيها الأفاضل، عندما نراجع الأحاديث الشريفة نجد أن هذا السؤال قد أثير منذ القرن الهجري الثاني وأجاب عنه أئمة الهدى – عليهم السلام – بجواب قرآني بليغ فقد روى ثقة الإسلام الكليني رحمه الله في كتاب الأصول من الكافي بسنده عن أبي بصير – رضوان الله عليه – قال:
سألت أبا عبد الله [الصادق] عليه السلام عن قول الله عزوجل "أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ".
فقال – عليه السلام -: نزلت في علي بن أبي طالب والحسن والحسين عليهم السلام.. فقلت له: إن الناس يقولون: فمما لم يسم علياً وأهل بيته في كتاب الله عزوجل؟
فقال – عليه السلام -: قولوا لهم: إن رسول الله – صلى الله عليه وآله – نزلت عليه الصلاة [يعني الآيات الآمرة بالصلاة] ولم يسم الله لهم ثلاثاً ولا أربعاً [أي صلاة الثلاث ركعات وصلاة الأربع ركعات] حتى كان رسول الله – صلى الله عليه وآله – هو الذي فسر ذلك لهم.
ثم قال عليه السلام: ونزلت عليه – صلى الله عليه وآله – [آيات] الزكاة، ولم يسم لهم من كل أربعين درهماً حتى كان رسول الله – صلى الله عليه وآله – هو الذي فسر ذلك لهم ونزل الحج فلم يقل [الله] لهم: طوفوا أسبوعاً حتى كان رسول الله – صلى الله عليه وآله – هو الذي فسر ذلك لهم.
أعزاءنا المستمعين، وبعد أن ذكر الإمام الصادق – صلوات الله عليه – هذه النماذج من أهم أركان الإسلام التي نزل القرآن الكريم بآيات فرضها دون أن يحدد الله عددها وكيفيتها وأوكل ذلك إلى نبيه المصطفى – صلى الله عليه وآله – بعد ذلك أتى – عليه السلام – إلى جريان هذه السنة القرآنية في أمر الأئمة وأولي الأمر فقال: ونزلت "أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ". نزلت في علي والحسن والحسين، فقال رسول الله – صلى الله عليه وآله – في علي: من كنت مولاه فعلي مولاه، وقال: أوصيكم بكتاب الله وأهل بيتي فإني سألت الله أن لا يفرق بينهما حتى يوردهما علي الحوض فأعطاني ذلك، وقال – صلى الله عليه وآله - : لا تعلموهم فإنهم أعلم منكم، وقال: إنهم لن يخرجوكم من باب هدى ولن يدخلوكم في باب ضلالة.
إذن مستمعينا الأفاضل، فالنبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – قد بين بأبلغ البيان مصداق آية طاعة أولي الأمر لكي يتم الحجة على العباد في لزوم إتباعهم ويقطع الطريق على الأدعياء وصدع بذلك في أحاديث كثيرة رواها المسلمون بمختلف إتجاهاتهم.
هذا أولاً وثانياً فإن القرآن الكريم نفسه قد صدق في آيات أخرى تلك الأحاديث النبوية، قال مولانا الصادق – عليه السلام – في تتمة حديثه:
"فلو سكت رسول الله – صلى الله عليه وآله – ولم يبين من [أمر] أهل بيته لإدعاها آل فلان وآل فلان، ولكن الله عزوجل أنزل في كتابه تصديقاً لنبيه – صلى الله عليه وآله – [قوله] "إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً" فكان علي والحسن والحسين وفاطمة عليهم السلام فأدخلهم رسول الله – صلى الله عليه وآله – تحت الكساء في بيت أم سلمة ثم قال: اللهم إن لكل نبي أهلاً وثقلاً وهؤلاء أهل بيتي وثقلي، فقالت أم سلمة: ألست من أهلك، فقال: إنك إلى خير ولكن هؤلاء أهل بيتي وثقلي".
وهكذا مستمعينا الأفاضل نلاحظ أن القرآن الكريم قد ذكر أئمة الهدى – عليهم السلام – بأبلغ من ذكر أسمائهم وذلك بذكر صفاتهم وكونهم المعصومين الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
وفي ذلك تنبيه إلهي لطيف إلى حقيقة أن أمر الله عزوجل بطاعة أئمة العترة المحمدية – عليهم السلام – ليس لكونهم مجرد أهل بيت حبيبه المصطفى – صلى الله عليه وآله – بل لكونهم أهل العصمة والطهارة وأصحاب أعلى مراتب الإيمان بالله عزوجل.
وقد قال الإمام الصادق – عليه السلام – في نهاية هذا الحديث الشريف معلقاً على آية التطهير من الرجس "الرجس هو الشك؛ والله لا نشك في ربنا أبدا".
ويتابع الصادق – عليه السلام – حديثه مشيراً إلى تمامية الحجة بهذا البلاغ القرآني والنبوي المتكامل لهوية خلفاء النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله -:
"فلما قبض رسول الله – صلى الله عليه وآله – كان علي أولى الناس بالناس لكثرة ما بلغ فيه رسول الله وإقامته للناس وأخذه بيده، فلما مضى علي لم يكن يستطيع علي – ولم يكن ليفعل – أن يدخل [إبنه] محمد بن علي ولا العباس بن علي ولا واحداً من ولده، إذا لقال الحسن والحسين: إن الله تبارك وتعالى أنزل فينا كما أنزل فيك فأمر بطاعتنا كما أمر بطاعتك وبلغ فينا رسول الله – صلى الله عليه وآله – كما بلغ فيك وأذهب عنا الرجس كما أذهبه عنك... فلما مضى علي – عليه السلام – كان الحسن أولى بها.."
وخلاصة الجواب هو أن أحد أهم أسرار دعم ذكر أئمة العترة المحمدية في القرآن بأسمائهم هو أن ذلك يجري في السنة القرآنية التي توكل أمر تفصيل مجمل القرآن للنبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – كما هو الحال في بيان تفصيلات الصلاة والزكاة وسائر الفرائض وثانياً لأن ما يريده القرآن هو التنبيه إلى أن سر الأمر الإلهي باتباع وطاعة أهل البيت – عليهم السلام – هو كونهم أهل العصمة الإلهية وأولى الناس بأمر الإمامة وخلافة رسول الله – صلى الله عليه وآله - .
وبهذا ننهي حلقة اليوم من برنامج (أسئلتنا وأجوبة الثقلين) إستمعتم له من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، شكراً لكم وفي أمان الله.