عنوان الحكاية: هذه الفقرة لم ترد عنا

يا صاحب القلب الذي هو كعبة

لملائك حفت بروح ملهم

هو بيتها المعمور تعبد ربها

فيه فرادي أو بوفد الموسم

فرضاً تؤم القطب يحي سرها

طيب العلي لولاه لم تتنسّم

في ليلة التقدير تنزل فوجها

قدراً تنزّل كل أمر محكم

فتدبّر الامر الخفيّ وأمرها

طوع لأمرك نازلٌ بمحتـّ

تأتيك تطلب أمنها وأمانها

منك السلام تزفة لمتيّم

فرجاً يحرر روحه من غمها

فجراً يبدّد كلّ غمّ مرغم

*******

بسم الله وله الحمد والمجد إله العالمين والصلاة والسلام علي سيد الخلائق أجمعين رحمة الله الكبري للعالمين المصطفي الأمين وآله الطاهرين.
كان مطلع هذه الحلقة مقطعاً آخر من قصيدة غراء في حقائق معرفة إمام العصر وآداب التمسك بولايته (جل الله فرجه) وهي لأحد أدباء الولاء.
- لنا وقفة عند الحقائق المستفادة من المقطع المتقدم ضمن الفقرة التالية تحت عنوان: الإسلام مع إمام الزمان
- يليها اتصال هاتفي بخبير البرنامج وإجابة عن سؤال بشأن منتظري الظهور المهدي من غير الإنس
- وفي الفقرة الأخيرة ننقل لكم حكاية موثقة أخري من حكايات الفائزين بروية الطلعة المهدوية الرشيدة وقد وضعنا لها عنواناً هو: هذه الفقرة لم ترد عنا

*******

الفقرة التالية وفيها وقفة تحليلية للمقطع الشعري الذي إفتتحنا به اللقاء. عنوان الفقرة مستلهم من القرآن الكريم وهو:

الإسلام مع إمام الزمان

ينطلق الأديب الولائي في هذا المقطع من الأحاديث الشريفة التي وردت في تفسير سورة القدر المباركة، فيما يرتبط بدور إمام العصر (عليه السلام) في تنفيذ الخطط الالهية لتدبير شؤون الخلق في كل عصره والتي تنزلها الملائكة في ليلة القدر من كل عام.
يصور الأديب هذا المعني ببلاغة لطيفة في مطلع هذا المقطع حيث يقول:

يا صاحب القلب الذي هو كعبة

لملائك حفت بروح ملهم

هو بيتها المعمور تعبد ربها

فيه فرادي أو بوفد الموسم

فرضاً تؤم القطب يحيي سرّها

طيب العلي لولاه لم تتنسم

هنا نلتقي بأحدي كبريات الحقائق الولائية التي ينبغي لكل من يطلب الفلاح والفرج الحقيقي أن يعرفها وهي: إن إمام العصر وفي كل زمان هو وسيلة كل العابدين - من الإنس والجن والملائكة - وبالاستعانة به تحقق العبادة التوحيدية الحقة لله جل جلاله وقد اشارت الي هذا المعني كثير من الآيات الكريمة نظير آيه «يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا»، أو آية «وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ» أو آية «وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» وغيرها.
كما أن وصف الامام الحجة المهدي (أرواحنا فداه) بأنه البيت المعمور منطلق من الوصف القرآني لبيوت النور الالهي التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه.
من هنا نستفيد أن علي المؤمنين أن يستعينوا بامام زمانهم (عليه السلام) ويستشفعوا به للفوز بتوفيق العبادة الخالصة.
ونشير هنا الي استفتاء معروف من المرجع الزاهد آية الله الشيخ محمد تقي بهجت (رضوان الله عليه) سئل فيه عن السبيل للحصول علي حالة حضور القلب والتوجه الي الله عزوجل في أثناء الصلاة والتخلص من حالة الشرود الذهني فيها، فأجاب (قدس سره) بأن ذلك يحصل إذا اهتم المصلي بالتوسل باخلاص بصاحب الزمان (عجل الله فرجه) والتوجه إليه مستشفعاً به قبل أن يكبر تكبيرة الاحرام ويدخل في الصلاة.
وفي الأبيات اللاحقة من المقطع إشارة الي بعض الأساليب الملكوتية التي يرعي الإمام المهدي (أرواحنا فداه) المؤمنين والمستعدين للهداية ويعينهم علي الوصول الي آمالهم الخيرة، وأهم هذه الأساليب تنفذها له (عليه السلام) جنود الغيب أي ملائكة الله الموصوفة بوصف (المدبرات أمراً)، يقول الأديب:

في ليلة التقدير تنزل فوجها

قدراً تنزل كل أمر محكم

فتدبر الأمر الخفي وأمرها

طوع لامرك نازل بمحتم

تأتيك تطلب أمنها وأمانها

منك السلام تزفه لمتيم

فرجاً يحرر روحه من غمها

فجراً يبدّد كل غم مرغم

وعلي ضوء الحقيقة المتقدمة ينبغي أن يهتم المؤمنون بدوام الإستشفاع الي الله عزوجل بامام زمانهم (أرواحنا فداه) لطلب الأمن والأمان والسلام الحقيقي وغير ذلك من الحاجات المشروعة.
فبذلك يحصل المؤمن علي الفرج الحقيقي الذي تكمن فيه سعادة الدنيا والآخرة، أي الفرج الذي يحرره من أسر جميع العبوديات الزائفة ويؤهله لأن يكون عبداً خالصاً لله عزوجل وبالتالي يكون نصيراً صادقاً من أنصار بقية الله المهدي (عجل الله فرجه الشريف) وهذا ما يطلبه أديبنا الولائي في ابياته الدعائية والاستشفاعية التي يختم بها هذا المقطع فيخاطب مولانا إمام العصر بقوله:

مولاي فآختر ما تشاء مدبراً

أمري بتدبير الرؤوف الأحكم

لك أسلمت روحي وعقلي قائم

ببراءة من حولي المتهشم

لا أبتغي فرجاً سوي فرج أتي

برضاك عنّي فهو سر تبسمي

*******

ندعوكم الآن الي الفقرة التالية من برنامج شمس خلف السحاب وهي الخاصة بالإجابة عن اسئلتكم للبرنامج:

منتظري الظهور المهدي من غير الإنس

المحاور: بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم احبائنا وسلام على سماحة الشيخ علي الكوراني.
الشيخ علي الكوراني: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته اخي.
المحاور: سماحة الشيخ، الاخ احمد من اليمن يوجه السلام اليكم ويضمن رسالته السؤال التالي يقول الامام المهدي (عليه السلام) هو كسائر الائمة تشمل امامته الانس والجن فهل ان الجن ينتظرون قيام وظهور الامام المهدي (عليه السلام) كما ننتظره نحن ثم هل له انصار بينهم، هل ان هؤلاء الانصار من العدة المخصوصة، عدة اهل بدر اي ثلاثمئمة وثلاثة عشر، هل بينهم من الجن؟ تفضلوا سماحة الشيخ
الشيخ علي الكوراني: بسم الله الرحمن الرحيم وعليكم السلام و(عليه السلام) ورحمة الله وبركاته، الذي اعتقده ان النظام الاجتماعي للجن يختلف عنا، لاحظوا من سورة الجن، سورة الجن كأن دور النبي (صلى الله عليه وآله) في نبوته وفي رسالته الى الجن ليس مباشراً بشكل شمولي مثل مباشرته للانس لأن الله عزوجل يقول: «صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ» يعني النبي (صلى الله عليه وآله) لما امره الله عزوجل ان يتكلم وان يقرأ القرآن تخرج الجن «إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ» يعني معناه ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) جعل لهم دوراً بأن يكونوا منذرين في قومهم، هذه مسألة مهمة، هذا يفتح المجال للقول ان نمط حياة الجن وانظمتهم فيها فروقات، نعم رسول الله (صلى الله عليه وآله) واهل البيت (سلام الله عليهم) النبي رسول للانس والجن والائمة ايضاً هم ائمة للانس والجن لكن نمط تعاملهم، يمكن تعاملهم فقط مع المنذرين في الجن واما انه مجتمع الجن له مراحل من الممكن انه يكون انهاء الظلم في المجتمع البشري يرافقه ايضاً ادارة وقيادة الامام المهدي (سلام الله عليه) الى الجن بشكل ينتهي الظلم من مجتمعهم، المعلومات في ذلك عندنا قليلة ولكن الاساس ان النبي واهل بيته صلوات الله وسلامه عليهم حجج على العالمين وشكراً.
المحاور: سماحة الشيخ وشكراً لكم ايضاً، بالنسبة لأنتظار قيام الدولة المهدوية يعني هل هذا الانتظار الاخ يسأل، الجن هل ينتظرون قيام دولته (عليه السلام)، هل له انصار من الجن؟
الشيخ علي الكوراني: هناك مؤشرات تدل على ان انتظار ظهور الامام المهدي (سلام الله عليه) يشمل الجن ايضاً وهناك نصوص تؤكد على ان انصار من غير اهل الارض وحتى من مخلوقات اخرى غير الجن ايضاً وهناك نص ان «حديدهم ليس من نوع حديدكم»حتى يتكلم النص عن اسلحتهم ونوع الحديد الذي يستعملونه، هذا انا اتصور انه كله متروك لظهور الامام (سلام الله عليه) والآيات التي سيريها للعالم عن الكواكب الاخرى وعن مجتمعات المخلوقات الاخرى ومنهم مجتمع الجن.
المحاور: سماحة الشيخ الاخ ايضاً له سؤال فيما يرتبط بطبيعة حياة الامام المهدي في غيبته نوكله لو سمحتم الى الحلقة المقبلة ان شاء الله.

*******

في الفقرة التالية ننقل لكم حكاية أخري من الحكايات الموثقة للفائزين برؤية الطلعة المهدوية الرشيدة والغرة الحميدة، إخترنا للحكاية العنوان التالي:

هذه الفقرة لم ترد عنّا

نقلت الحكاية التالية عدة من المصادر عن العلامة الجليل السيد الميرجهاني وكان من المقربين من آية الله المرجع الديني التقي السيد أبي الحسن الإصفهاني رضوان الله عليه.
وملخص الحكاية التي يعود تأريخها الي أواسط القرن الهجري الرابع عشر، هو أن المرجع الديني السيد الإصفهاني أرسل العلامة الميرجهاني الي مدينة سامراء لتوزيع معونات مالية علي طلبة حوزتها الدينية وخدمة المشهد المشرف لمرقد الإمامين علي الهادي والحسن العسكري سلام الله عليهما.
وقد قام العلامة الميرجهاني بهذه المهمة وقام خدمة المشهد الطاهر بالإحتفاء به فوجد الوضع مناسباً لكي يطلب من سادن المشهد ما يعينه علي المزيد من التعبد لله عزوجل أثناء مدة إقامته في سامراء قال العلامة الميرجهاني: طلبت من سادن الحرم أن يسمح لي بالبقاء في الحرم لإحياء الليالي فيه، فوافق وأحييت عشر ليال الي جوار مرقد الإمامين المعصومين عليهما السلام بالعبادة والتفرغ الي الله عزوجل.
في تلك الأيام كان مشهد العسكريين (عليهما السلام) يغلق بعد وقت قصير من صلاتي المغرب والعشاء ولا يسمح لأحد بالبقاء فيه، فكان ما حظي به هذا العبد الصالح مظهراً من مظاهر التوفيق الإلهي الخاص للعبادة، لكن في فجر اليوم العاشر من تلك الأيام العشرة فاز بما أعظم من التوفيق السابق.
قال العلامة الميرجهاني: في أول فجر يوم العاشر - وكان يوم جمعة - توجهت بشوق شديد الي سرداب الغيبة المقدس، ومع نزولي من السلم شاهدت منوراً بنور ساطع رغم أن الإنارة الكهربائية لم تصل بعد الي المشهد يومذاك.
كان النور أشبه بنور القمر المؤنس وقد أنار السرداب بالكامل ثم شاهدت سيداً جالساً هناك وهو مقبل علي الذكر والدعاء والعبادة مررت من إمام السيد ووقفت عند باب الصفة في السرداب وتلوت هناك زيارة مولاي إمام العصر (عجل الله فرجه) ثم وقفت للصلاة، أمام ذلك السيد، وبعد أن أتممت الصلاة شرعت في تلاوة دعاء الندبة ولما وصلت الي فقرة: )وعرجت بروحه الي سمائك( من هذا الدعاء قال ذلك السيد: هذه الفقرة لم ترد عنا والذي ورد عنا هو: )وعرجت به الي سمائك( ثم قال: لماذا لم تراع الواجب إذ صليت أمام الامام؟!
لكن العلامة الميرجهاني لم ينتبه في تلك اللحظات الي هوية هذا السيد الذي صحح له هذا الدعاء المهم ونهاه عن الصلاة أمام إمام زمانه، قال: لقد غفلت عن هاتين الآيتين الكبريين وأتممت الدعاء ثم سجدت، وأثناء السجود خطر في ذهني السؤال التالي: من هذا السيد الذي قال: هذه الفقرة لم ترد عنا ولماذا تصلي أمام الإمام؟
هزني هذا السؤال ورفعت رأسي من السجود لكي أتمسك بأذيال مولاي ومطلوبي، لكنني وجدت السرداب مظلماً ولا أحد فيه، فأيقنت بالفوز العظيم الذي حظيت به وفقدته بسرعة في غفلة!

*******