وحول آخر التطورات المتعلقة بسياسة إيران الخارجية في المنطقة والساحة الدولية، تطرق وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان الي القضية السورية، موضحاً بأن هذه القضية توجد فيها ظاهرتان إحداها هي أن العالم العربي بموقفه الجديد تجاه سوريا يفتح الأبواب امام سوريا ويعيدها الى جامعة الدول العربية وايضا يستأنف العلاقات معها ويفتح السفارات مجددا بالاضافة الى اقامة تعاون على مختلف المستويات مع سوريا.
واستطرد في هذا السياق بأن زعماء العالم العربي والدول الإسلامية والمنطقة يدركون موقف سوريا جيداً، ويعلمون أن سوريا ليست دولة يمكنهم إخراجها من المعادلات الإقليمية، ولكن بقدر ما تسارعت هذه الظاهرة الإيجابية في سوريا فإن الناشطين الاجانب وأعداء سوريا ومن بينهم الأمريكين يزيدون ضغوطهم على الشعب والحكومة السورية.
وافاد امير عبد اللهيان انه سمع من السلطات السورية خلال زيارته الأخيرة، على سبيل المثال في منطقة شرق الفرات في منطقة إدلب، أن القوات الأجنبية وأجهزة الأمن الأجنبية تسعى الى إعادة بناء الجماعات الإرهابية لممارسة المزيد من الضغط على سوريا ، كما يسعى الجانب الأمريكي ايضا الى تشديد العقوبات في اطار ما يسمى بقانون "قيصر".
وفي اشارة الى ان الاحداث التي تشهدها سوريا حاليا، اعتبر امير عبداللهيان بأنها من مخططات أعداء هذا البلد ضد عملية اعادة استئناف علاقات العالم العربي ودول المنطقة مع سوريا.
وتطرق امير عبد اللهيان الى مسألة الحدود المشتركة وامنها بين تركيا وسوريا،موضحا بأن السلطات السورية قد ابلغت الجانب الايراني بأن لديها الإمكانيات والاستعدادات اللازمة لضمان أمن الحدود المشتركة مع تركيا من داخل الأراضي السورية.
وتابع امبر عبد اللهيان بأنه في لقاء الجولة الأخيرة من اجتماع وزراء خارجية الدول الأربع ايران وسوريا وروسيا وتركيا في موسكو، طرحت ايران فكرة أن تركيا وسوريا تتفقان مع بعضهما البعض على سحب القوات العسكرية التركية من الأراضي السورية، لكن هذه المعادلة لها جانبان.
وفي هذا الصدد، اوضح امير عبداللهيان بأن الجانب الثاني من المعادلة هو من المهم لتركيا تأمين حدودها من الأراضي السورية حتى لا تتعرض لتهديد من التيارات المزعزعة للاستقرار في المنطقة وهذا ما تؤكد عليه تركيا ايضا. ولذلك وانطلاقا من الفكرة التي طرحتها ايران في الاجتماع الرباعي، افاد امير عبداللهيان بأن سوريا وتركيا قد اتفقتا فيما بينهما على أن تتعهد تركيا أولا بسحب قواتها العسكرية من الأراضي السورية، وبالمقابل تتعهد سوريا بمنع أي اعتداء على أمن الأراضي التركية من خلال نشر قواتها العسكرية على الحدود، ويمكن لإيران وروسيا أن تلعبا دورا كضامنتين في هذا الأمر.
كما صرح وزير الخارجية الى ان ايران تتطلع الى التشاور مع الأشقاء الأتراك لمعرفة ما هي السبل المتاحة لتحقيق حدود آمنة ومستقرة بين تركيا وسوريا بما يقلل مخاوف تركيا ويحافظ على وحدة الأراضي السورية.
وفي اشارة الى ان بعض وسائل الإعلام قد ذكرت بأن أمريكا تبحث عن عمل عسكري لإغلاق الحدود السورية-العراقية في البوكمال، افاد امير عبد اللهيان بأن التحقيقات التي أجرتها ايران تشير الى أنه لم تحدث أي تحركات أو أحداث ميدانية من شأنها أن تؤكد تحقق هذا الرأي.
واوضح بأنه سواء كان الأميركيون يتطلعون في الوقت الراهن حقا الى قطع خطوط التواصل في هذه المنطقة أم لا، الا انهم كانوا في الماضي يطمحون الى قطع خطوط التواصل في هذه المنطقة ، مذكرا بأن تنظيم "داعش" كان تحت تصرف الأجهزة الأمنية الأمريكية لإغلاق البوكمال عندما كان العراق وسوريا في قتال ضد هذا التنظيم.
واشار امير عبداللهيان الى ان البوكمال هي الحدود الحقيقية للصداقة والتعاون الاقتصادي السوري-العراقي ، موضحا انه في الواقع و في وقت من الأوقات مارست القوات الأمريكية ضغوطا كبيرة لإبقاء هذه الحدود مغلقة لكن تم إعادة فتحها بتصميم يتماشى مع المصالح المشتركة لسوريا والعراق.
وفي هذا السياق اضاف امير عبداللهيان بأن اليوم ليس هو الوقت المناسب الذي يستطيع فيه طرف واحد قطع الحدود وطرق التواصل بين الدول، مشيرا الى ان هذا النقاش قد اثير أيضا فيما يتعلق بممر زانغزور، حيث تم التوصل الى مرحلة أنه يتم تشكيل خطط في منطقة القوقاز، وأن الطريق التاريخي لإيران إلى أرمينيا والعكس مغلق، لذلك أعلنا أننا لن نسمح بعرقلة أو تقييد المسار التاريخي لإيران مع هذه المنطقة من القوقاز تحت تأثير مخططات أخرى.
وأشار الى أن هذا الأمر ينطبق على سوريا والعراق أيضا، مضيفا بانه "حتى هذه اللحظة لم نر تأكيدا لعمليات نقل مادية بهدف إغلاق حدود البوكمال من الجانب الأمريكي".
وفي الاطار نفسه، لفت امير عبد اللهيان الى انتظار التطورات القادمة سواء كانت لدى الأمريكيين مثل هذه النية، او اتخذوا بالفعل إجراء، وما إذا كانوا سيفعلون ذلك إذا أتيحت لهم مثل هذه الفرصة ، موضحا بأن العراق وسوريا لن يسمحا لأي جهة او يرضخا لأي سلطة من اجل اغلاق الحدود.
كما صرح وزير الخارجية بأن الاهتمام بمحور المقاومة هو السياسة المبدئية للجمهورية الإسلامية الإيرانية، مؤكدا على دعم ايران الدائم للمقاومة من اجل استقرار وأمن المنطقة ودفاعا عن المظلومين والمستضعفين.
وبخصوص الادعاء حول مسألة ان روسيا تستخدم الطائرات المسيرة الإيرانية ، لفت امير عبد اللهيان الى انه طلب من مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل في اخر اتصال له معه ألا يكرر هذا التصريح الذي لا أساس له من الصحة ، مؤكدا على ان مواقف ايران بهذا الخصوص واضحة تماما وان سياستها الخارجية لا تجامل اي طرف.
واضاف بأنه قد صرحت ايران مرارا وتكرارا بأنها لم تسلم روسيا أي طائرات مسيرة لاستخدامها في حربها ضد اوكرانيا، وفي المقابل فيما يتعلق بالمقاومة الفلسطينية واللبنانية وبالرغم مما يترتب على ذلك من تبعات علي ايران فقد اعلنا وبكل صراحة ووضوح بأننا الى جانب المقاومة.
كما صرح امير عبد اللهيان بأن المقاومة هي احدى الابعاد المهمة في سياسة الجمهورية الاسلامية الايرانية مشيرا الى انه يتم التعامل مع الشرق والغرب في العالم على اساس تأمين المصالح الوطنية وانطلاقا من استقلال ايران السياسي.
واوضح انه عندما يتم الحديث عن المقاومة فهذا يعني المقاومة ضد أطماع واعتداءات الكيان الصهيوني، والمقاومة ضد مخططات الجماعات الإرهابية في المنطقة، مشيرا الى ان دعم هذه المقاومة يعني دعم الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة.
واردف وزير الخارجية انه خلال الزيارة لأخيرة الى لبنان، بأنه أتيحت لنا الفرصة لعقد اجتماع ثلاثي مع قادة المقاومة، وكان لنا لقاء منفصل مع السيد حسن نصر الله.
وفي سياق الاجتماع الثلاثي مع قادة المقاومة اضاف أمير عبد اللهيان بأن الشيء المثير للاهتمام الذي سمعته سواء من كلام قادة المقاومة الفلسطينية أو من تصريح الأمين العام لحزب الله هو أنهم في أفضل حال من حيث الروح المعنوية والقدرة ، مشيرا الى انه وكنتيجة لذلك أحدث الكيان الصهيوني ضجة نابعة من خوفه ويأسه وقلقه.
وتابع وزير الخارجية انه بقدر ما حاولت بعض الدول تطبيع علاقاتها مع الكيان الصهيوني الذي تجاهل سيادة تلك الدول، مشيرا الى ان الأجهزة الأمنية الايرانية لديها وثائق مفصلة تفيد بأن الكيان الصهيوني يتجاهل سيادة هذه الدول ويتخذ إجراءات ضد أمن المنطقة دون علمها.
واضاف بأن الاجهزة الامنية الايرانية قامت بإطلاع بعض السلطات المعنية على تلك الوثائق ولذلك فإن تصور أن تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني يعود بالنفع على العالم الإسلامي ودول المنطقة أمر بعيد عن الحقيقة.
وتابع انه سواء في اللقاءات الدبلوماسية أو عن طريق الاعلام صرحت ايران بوضوح انها لن تتراجع عن سياستها بالدفاع عن المقاومة بكل قوتها وقدرتها لأن المقاومة تعني ضمان أمان المنطقة التي نعيش فيها حتي ولو افترضنا ان كل الدول العربية والاسلامية سعت للتطبيع مع هذا الكيان المحتل الغاصب المزيف .
وفي النهاية أشار امير عبد اللهيان الى الاقتراح الذي طرحه سلطان عمان عن كيفية عودة جميع الأطراف الى التزاماتها في خطة العمل المشترك الشاملة (الاتفاق النووي)، و قال، اذا تمكنا من الوصول الي نقطة ايجابية سنعلن عن ذلك.