وإن سورة "الكافرون" المباركة هي السورة الـ109 من القرآن الكريم ولها 6 آيات وتُصنّف ضمن الجزء الـ30 من المصحف الشريف وهي سورة مكية وترتيبها الـ18 بحسب نزول السور القرآنية على رسول الله (ص).
والسبب في تسمية هذه السورة باسم سورة الكافرون هو أنه ورد كلمة "الكافرون" في مستهل السورة، كما يُطلق عليها أيضاً العديد من الأسماء مثل سورة الدِّين وسورة العبادة.
وسبب نزول هذه السورة المباركة هو أنَّ كفار قريش عرضوا على رسول الله (ص) أن يعبدوا الله تعالى ويؤمنوا بما جاء به رسول الله(ص) شريطة أن يشارك رسول الله (ص) كفار قريش في عبادة آلهتهم من الأصنام التي لا تضرُّ ولا تنفع ولا تتحرَّك، فنزل هذه السورة لإنهاء هذه المفاوضات، فلا مساومة ولا نقاش في عبادة الواحد الأحد.
وسُميّت السورة لتطرقها إلى مقترح تقدم به عدد من الكفار إذ قالوا لرسول الله أن ينتهج دينهم لفترة ثم ينتهجون دينه فأمر الله تعالى رسوله الكريم برفض ذلك وأمره بالقول "قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون".
وقال الله تعالى في سورة الكافرون: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ * وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}.
ففي الآية الأولى أسلوب أمر ونداء، حيث يأمر الله تعالى رسوله (ص) أن ينادي الكافرين باسم الكافرين وليس المشركين، لأنَّ هذه الآية تقصد الكافرين سواء أظهروا الكفر أو أخفوه، فهي بهذا شملت المنافقين والمشركين بشكل صريح.
وفي الآية الثانية المقصود من النداء ومن أمرِ الله تعالى رسوله(ص) أن يقول للكافرين إنَّه لا يعبد ما تعبدون من الآلهة الزائفة، وفي هذا نفيٌ قاطع لعبادة أي شيء من دون الله تعالى، وكلمة تعبدون تعني ما تعبدون اليوم وغداً من دون الله سبحانه.
وأمَّا الآية الثالثة فمن مقاصد سورة الكافرون أيضًا في هذه الآية أن ينكر رسول الله على الكافرين عبادتهم لهذه الآلهة من غير الله تعالى، فلستم تعبدون ما أعبد طالما أنكم مداومون على عبادة هذه الآلهة التي لا تغني عنكم من الله شيئاً.
وتكررت الآية الكريمة " وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ؛ وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ" مرتين وقيل إن التكرار جاء تأكيداً للرسالة التي تحملها السورة المباركة.
وتنتهي السورة بالآية الكريمة " لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ" وهي الآية التي اعتبرها البعض موافقة الدين الإسلامي لظاهرة التعددية الدينية بينما هذا تحليل غير صائب لأن الدين الإسلامي جاء لهداية الناس إلى الإسلام والتوحيد.
ويرى بعض المفسرين أن كلمة "الدين" في هذه الآية "لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ" لاتعني الدين والمذهب، بل تعني الثواب والعقاب؛ ولذلك فإن معنى هذه الآية أن كل فئة سينال عقابها أو ثوابها على حسب دينها وطريقها.