موضوع البرنامج:
حذار من الرد على الامام
الوفاء بالعهد
حوار مع الشيخ علي الكوراني حول القضية المهدوية
أيا ابن الميامين الذين وجوههم
توقد عن نور من الله زاهر
هلم بنا واجبر قلوباً كسيرة
فليس لها إلاك يا خير جابر
فسارع لها يا ابن النبي بوثبة
فما طالب ذحلاً سواك بثائر
هناك نروي الصدر من كل غاشم
ونأخذ ثأر السبط من كل غادر
هناك نرى التوفيق بالبشر صادحاً
وتقدمه ام العلى بالبشائر
هناك نرى نور النبوة ساطعاً
منوطاً بنور للامامة زاهر
ويحي به الله العباد جميعها
فمن رابح فيه هناك وخاسر
جواد إذا ما انهل وابل كفه
به غني العافون عن كل ماطر
له المعجزات الغر يبهرهن للحجى
فأكرم بها من معجزات بواهر
مكارم فضل لا تحدُّ لواصف
وآيات صدق لا تعد لحاصر
*******
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على صفوة الله محمد رسول الله وآله الهداة الى الله ازكى التحية والسلام على مولانا خاتم الاوصياء امام زماننا المهدي (أرواحنا فداه).
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلاً بكم في لقاء آخر من برنامج شمس خلف السحاب كان مطلعه أبيات في التشوق لفرج الله الاكبر مولانا المهدي من قصيدة غراء للسيد باقر العطار (رضوان الله عليه). نصطحبكم أعزاءنا في هذا اللقاء مع رواية تشتمل على وصايا مهدوية مهمة ضمن فقرة عنوانها:
- حذار من الرد على الامام
- وحكاية من حكايات الفائزين بالالطاف المهدوية عنوانها: الوفاء بالعهد
- ويتخلل ذلك اتصال هاتفي مع خبير البرنامج وإجابة عن اسئلتكم بشأن القضية المهدوية
*******
ندعوكم اولاً الى الفقرة الخاصة بوصايا امام العصر جعلنا وإياكم من العاملين بوصاياه (عليه السلام)، عنوان الفقرة هو:
حذار من الرد على الامام
روى الشيخان الجليلان، الكليني في كتاب الكافي والصدوق في كتاب كمال الدين بأكثر من سند عن الحسن بن الفضل اليماني قد قصد سامراء طالباً ما يبدو الفوز بزيارة مولاه ومولانا صاحب الزمان (عجل الله فرجه)، فجاءه رسول من الامام (عليه السلام) وهو يحمل له صرة فيها دنانير وثوبان، وكان الحسن بن الفضل ثرياً، فردّ مع الرسول ما ارسله له امامه (ارواحنا فداه) قال الحسن بن الفضل: «فرردتها، وقلت في نفسي: أنا عندهم بهذه المنزلة، فأخذتني العزة ثم ندمت بعد ذلك، وكتبت رقعة [يعني للامام (عليه السلام)] أعتذر وأستغفر وأنا أحدث نفسي: والله لأن ردت اليّ الصرة لم احلها ولم انفقها حتى أحملها الى والدي فهو أعلم مني».
وبعد ارسال الحسن بن الفضل اليماني رسالته الى مولانا المهدي أجاب (عليه السلام) برسالتين، الاولى للرسول الذي أوصل هديته (عليه السلام) للحسن اليماني وقال فيها له: «أخطأت إذ لم تعلمه أنا ربما فعلنا ذلك بموالينا وربما سألونا يتبركون به».
أما رسالته لليماني فقد قال ـ (عليه السلام) ـ فيها: «أخطأت بردك يدنا، وإذ استغفرت الله فالله يغفر لك وإذا كان عزيمتك وعقد نيتك أن لا تحدث فيها حدثاًَ ولا تنفقها في طريقك فقد صرفناها عنك، وأما الثوبان فلا بد منهما لتحرم فيهما».
التدبر في هذه الرواية يوصل الى معرفة عدة وصايا مهدوية مهمة، نشير الى بعضها بأختصار:
الوصية الاولى: هي المستفادة من كلمة الامام المهدي ارواحنا فداه لموصل هديته الى الحسن اليماني وهي ان يكون ايصاله لهدية الامام بالصورة التي لا توقع المرسلة له في سوء الفهم خاصة وأن الواضح من كلمته (عليه السلام) أن الرسول كان عارفاً بسنة الامام فيما يرتبط بهذا الامر.
ويمكن أن نستفيد مما تقدم وصية في اطار أوسع وهي ان يهتم كل من يبلغ الآخرين شيئاً عن امام العصر (أرواحنا فداه) من وصايا وغيرها، أن يكون ذلك بصورة لا توقعهم في سوء الفهم.
أما الوصية الاخرى: فهي التي ترتبط برد الحسن بن الفضل لهدية الامام؛ فواضح من رسالته (عليه السلام)، أنه لا ينبغي للمؤمنين أن يردوا ما يأتيهم من امام زمانه (أرواحنا فداه) وإن لم يعرفوا الحكمة في ذلك، فهو (عليه السلام) لا يتصرف الا عن أمر الله ولذلك فالرد عليه رد على الله جل جلاله ورسوله (صلى الله عليه وآله).
والوصية الثالثة: هنا هي أنه اذا وقع المؤمن في احد مصاديق هذا الرد أن يبادر للاستغفار لكي يغفر الله له.
وثمة عبر ودروس مهدوية أخرى في تتمة هذه الواية ننقلها لكم احباءنا عن كتابي الكافي وكمال الدين حيث نقل فيها عن الحسن بن الفضل اليماني استلامها لهدية الامام (عليه السلام)، قال (رحمه الله): «وسألت طيباً فبعث (عليه السلام) الي بطيب في خرقة بيضاء فكانت معي في المحمل، فنفرت ناقتي بعسفان وسقط محملي وتبدد ما كان معي فجمعت المتاع وافتقدت الصرة واجتهدت في طلبها حتى قال بعض من معنا ما تطلب؟
فقلت: صرة كانت معي.
قال: وما كان فيها؟
فقلت: نفقتي.
قال: رأيت من حملها، فلم ازل اسأل عنها حتى ايست منها، فلما وافيت مكة حللت عيبتي [يعني رحله] وفتحتها فاذا أول ما بدا عليّ منها الصرة...».
*******
حان الآن موعدكم مع الفقرة الخاصة بالاجابة عن اسئلتكم بشأن قضية صاحب الزمان (رواحنا فداه) نستمع معاً الى الاتصال الهاتفي التالي الذي أجراه زميلنا:
القضية المهدوية
المحاور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شكراً لكم على جميل متابعتكم لفقرات هذه الحلقة من برنامج شمس خلف السحاب، معنا مشكوراً على خط الهاتف سماحة الشيخ علي الكوراني يجيب مشكوراً على اسئلتكم للبرنامج، سماحة الشيخ قيس الكاظمي بعث لنا برسالة عبر البريد الالكتروني يقول فيها ما هو تفسير سماحة الشيخ علي الكوراني لما روي عن الامام الصادق سلام الله عليه ان قيام دولة اهل البيت عليهم السلام قد اقترب مرتين في عهد امامته، سلام الله عليه ثم اخره الله، كيف يتلاءم ذلك مع احاديث ان هذه الدولة لا تكون الا في عصر المهدي الموعود عجل الله تعالى فرجه؟
الشيخ علي الكوراني: بسم الله الرحمن الرحيم، نعم هذا الحديث موجود ولكن لا يعني ان هذه الدولة اقتربت هي ظهور الامام سلام الله عليه دولة ممهدة، وعندنا اقتربت نظرياً لما اخبر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وآله بانه لا تكون دولة لاهل البيت الا على يد الامام المهدي سلام الله عليه، معناها انها تقترب لكن لا تكون، لان اهل البيت عليهم السلام عندهم موقف يعبر عنه الامام الصادق صلوات الله وسلامه عليه يقول: لما.
قال له: ابو بصير كيف تقعد لا يحل لك القعود يا بن رسول الله ولك انصار؟
يقول له (سلام الله عليه): أين انصاري وكم هو عددهم خمسة الاف عشرة الاف، بعد ذلك يقول له نصف الدنيا.
قال له: او يخف عليك ان تذهب معنا الى ينبع.
قال: نعم، مشو فنزلنا صلينا في مكان، فنظر الى جداء يرعاها ولد، فقال: يا ابا بصير لو كان لي اصحاب بعدد هذه الجداء ما حل لي القعود، يقول ذهبت اعددتهم وجدتهم سبعة عشرة ما معناها، معناه ان الامام سلام الله عليه يرى من شروط قيام المعصوم ان يكون له بضعة عشر كادر انصار بايمان ابي بصير بشجاعة الاشتر بكفاءة ابو مسلم الخراساني يحتاج الى كوادر، اذن هم اشترطوا لنهضتهم بالكوادر وكانوا يعدون ويهيئون عملهم الطبيعي، وفي زمان الامام الكاظم (عليه السلام) كان الامر مهيئاً اذاعوا فاخره الله، مهيئاً لا يعني انه كل الانصار المطلوبين تامين لكن قربى هذا الامر، الامام الرضا سلام الله عليه شرط على المأمون انه لا يتدخل في شيء لانه لا يعترف بشرعية هذه الدولة، معنى ذلك ان المسار الطبيعي لجهود الائمة عليهم السلام كانت ستثمر كوادر وجواً مناسباً ولكن بسوء تصرف البعض فوتوا الفرصة، هذه الفرصة لا يمكننا ان نقول انها فرصة لدولة العدل الالهي على الارض، هذه لدولة يقيمها احد الائمة ممكن، حتى لو قلنا انها كانت فرصة لدولة العدل الالهي معناه مجرى التاريخ يجري بشكل اخر وهذا لا يمنع منه، ولكنه لا يمكن ان نقول ان دولة العدل الالهي تكون قبل الامام المهدي سلام الله عليه، يعني الدولة الموعودة.
المحاور: سماحة الشيخ ما هو الهدف الذي ابتغاه الائمة سلام الله عليهم من التنبيه الى مثل هذه الامور يعني اقترب الامر وتأخر؟
الشيخ علي الكوراني: اولاً عند الائمة عليهم السلام خط عام يريدون ان يبعثون الامل، وهو يجب على المعصوم ان ينهض ويصحح بشكل من الاشكال اذا تم له انصار من نوعيات خاصة كوادر، مسألة الامل هي انه يجب على كل معصوم ان ينهض اذا توفرت له الكوادر اللازمة فهو يحثهم على ان يكونوا تلك الكوادر اللازمة لاصلاح ما وليس لدولة العدل الالهي.
المحاور: سماحة الشيخ سؤال اخير، بالنسبة للحديث الذي اشرتم اليه المروي عن مولانا الكاظم صلوات الله وسلامه عليه قضية اذاعوا فاخره، من المقصود من اذاعه؟
الشيخ علي الكوراني: هنا فعاليات يقوم بها الائمة عليهم السلام هذه الفعاليات مخفية وتكشف يمكن متعلقة باشخاص ويمكن متعلقة بعلي بن يقطين، علي بن يقطين ضربوه وجاءوا البرامكة يمكن متعلقة بوزراء او يمكن متعلقة بوضع الامام وانه ما كان ليسجن او ما شابه ذلك، يتعلق بالمسار العام للوضع السياسي في عصره.
المحاور: سماحة الشيخ علي الكوراني شكراً لكم، وشكراً لاحبائنا وهم يتابعون ما تبقى من البرنامج.
*******
نتابع احبتنا تقديم هذه الحلقة من برنامج شمس خلف السحاب بحكاية مؤثرة من حكايات الفائزين بالالطاف المهدوية عنوانها هو:
الوفاء بالعهد
نقلت الحكاية التالية عن طريق عدة من الثقات عن العالم الرباني اية الله السيد محمد الحجة التبريزي )قدس سره) وهو احد كبار العلماء في حوزة قم ومراجعها اواسط القرن الهجري الرابع عشر، وملخص الحكاية هو ان هذا السيد مرّ في ايام دراسته في ازمة مالية شديدة، وذات يوم اخبرته زوجته وهو يهم بالخروج الى درسه بأن ليس لديهم اي طعام، فخجل السيد وذهب الى درسه ولما عاد الى المنزل آذاه ما شاهده من ضرر الجوع وآثاره على عائلته فدخل غرفته وصلى ركعتين أهدى ثوابهما الى مولاه امام العصر (عجل الله فرجه) ثم توجه اليه بالقول: يا مولاي يا صاحب الزمان، فديتك، السنا طلاب مدرستك وجنودك، ندرس ونتعلم وندرس ونعلم الآخرين في طريق نهضتك؟
إذا كنا كذلك فأعنا على لقمة العيش كي نواصل السير في طريقك.
ثم دعا الله عزوجل متوسلاً اليه بوليه المهدي، وبعد أن اتم الصلاة والدعاء طرقت باب داره، يقول السيد محمد الحجة: ذهبت وفتحت الباب، فسلم علي الطارق وسلمني ظرفاً وقال: كل شهر آتيك بمثل هذا، في مثل هذا اليوم بشرط ان لا تخبر أحداً ثم ودعني وذهب ولم استطع أن اكلمه.
وعندما دخل المنزل فتح الظرف فوجد فيه مالاً يكفي مؤونة عائلة مرفهة لمدة شهر كامل!
بقي السيد محمد الحجة التبريزي يوفر ما تحتاجه عائلته من هذا المال، والتزم بالعهد الذي أخذه منه الرجل ولم يخبر أحداً بالامر، وفي اليوم نفسه من الشهر التالي، جاءه الرجل وقدم له مثل ما اعطاه في الشهر السابق، واستمر الامر على ذلك اربعة شهور، وفي الشهر الرابع سأل عن اسمه وعنوانه، فأخبره وأعطاه عنوان محل عمله في سوق طهران الكبير.
يقول السيد محمد الحجة التبريزي: ذات يوم كنت جالساً مع شقيق زوجتي وهو العالم الكبير آية الله الشيخ مرتضى الحائري ابن مؤسس حوزة قم الشيخ عبد الكريم الحائري (قدس سره)؛ فبحت له بالسر؛ وكان ذلك لشدة ثقة السيد بالشيخ الحائري الذي عُرف بالزهد والصلاح ولكن صلاح الشيخ ووثاقته لم تحيلا دون ما جرى بعد ذلك!
لقد حل اليوم الذي اعتاد فيه السيد محمد مجئ ذلك الرجل ومع الهدية المهدوية، ولكن الرجل لم يأت ولم يأت في اليوم نفسه من الشهر المقبل! فما الذي منعه من المجئ.
وعادت ايام الضنك الى السيد محمد الحجة التبريزي واشتد به الحال، ففكر في سبل للخلاص، قال (رضوان الله عليه): تذكرت ان هذا الرجل أعطاني عنوانه، فقلت في نفسي: لماذا لا اذهب اليه واستفسر عن سبب انقطاعه، وبالفعل، ذهبت اليه في محل عمله فدخلت عليه وسلمت وجلست وكان عنده بعض الناس فلما ذهبوا دنوت منه وسألته عن حاله وكنت اود ان يفاتحني بالموضوع ولكنه لم يفعل.
فاضطررت أن اقول له بخجل: يا حاج، لقد انتظرتك في الموعد المحدد في الشهور الثلاثة المنصرمة فلم اتشرف باللقاء، خيراً إن شاء الله!
أطرق الرجل هنيئة، ثم نظر الي نظرة الآسفين، وقال: إن الذي أمرني أن اعطيك هو الذي أمرني بالتوقف! وصمت الرجل!
يقول السيد محمد الحجة: هنا عرفت ما خسرته من لطف الامام وكرمه عند خالفت الشرط بأن لا ابوح بالسر لأحد ولو كان مثل آية الله الشيخ مرتضى الحائري!!
*******