السلام عليكم أحبتنا ورحمة الله؛ تحية مباركة طيبة نهديها لكم أيها الأطائب في مطلع لقاء اليوم من هذا البرنامج. وسؤالنا فيه هو (ما هي أهمية المعرفة الدينية في حياة الإنسان؟)
نبحث معا عن إجابته في مناري الهداية آيات الذكر الحكيم وأحاديث أهل بيت النبوة _عليهم السلام_، تابعونا على بركة الله.
نبدأ بالآيات الكريمة فنجدها تصرح بأن المعرفة الدينية هي نعمة إلهية بها نبلغ الكمال وننجو من الضلال، قال تبارك وتعالى في الآية ۱٦٤ من سورة آل عمران: "لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ".
فالمعرفة الدينية نور يفتح عيني الإنسان على حقائق الوجود وتسير به على الصراط المستقيم، أي بها النجاة من عمى الغواية، قال تبارك وتعالى في الآية ۱٦ من سورة الرعد: "قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاء لاَ يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ".
وقال عزّ وجل في الآية ۱۹ من سورة الرعد أيضا: "أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ". وفي هذه الآية إشارة إلى أن العقل السليم يدرك ضرورة الحصول على المعرفة الدينية، كما تؤكد ذلك آيات أخرى كقوله تعالى في الآية التاسعة من سورة الزمر: "أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ".
ويقول جل جلاله في الآية الخمسين من سورة الأنعام: "قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ".
وفي الآية الأخيرة إشارة لطيفة إلى أن التفكر السليم يهدي الإنسان إلى أن نجاته وفلاحه وصلاحه في المعرفة الدينية المعبر عنها بالوحي الإلهي.
مستمعينا الأفاضل أما الأحاديث الشريفة فهي تفصل بركات الحصول على المعرفة الدينية، فهي مفتاح الفوز بخير الدنيا والآخرة، كما يصرح بذلك رسول الله – صلى الله عليه وآله – في حديث رواه عنه أئمة عترته - عليهم السلام – منقول في كتاب (روضة الواعظين) ؛ قال – صلى الله عليه وآله –: "أما علمت أن الله يطاع بالعلم ويعبد بالعلم وخير الدنيا والآخرة مع العلم، وشر الدنيا والآخرة مع الجهل".
وقال وصيه المرتضى – عليه السلام – كما في كتاب (تحف العقول) في وصيته لكميل بن زياد: "يا كميل ما من حركة إلا وأنت محتاج فيها إلى معرفة". وفي هذا الحديث إشارة إلى أن المعرفة تجعل كل حركات الإنسان بالإتجاه السليم وبما يخدمه في دنياه وأخراه. ولذلك قال – عليه السلام – في إحدى حكمه المروية في كتاب الغرر (العلم أصل كل خير).
وبالمقابل فإن الإنسان يدفع عن نفسه الشر ببركة معرفته الدينية وبها ينجو من الغفلة وتضيع عمره بالبطالة. روي في كتاب (تحف العقول) عن مولانا إمامنا الباقر – عليه السلام – قال: "إدفع عن نفسك حاضر الشر بحاضر العلم، واستعمل حاضر العلم بخالص العمل وتحرز على خالص العمل من عظيم الغفلة بشدة التيقّظ".
وعن إنقاذ المعرفة الدينية للإنسان من تضيع عمره، يقول إمامنا الباقر في الحديث المروي عنه في كتاب المحاسن. قال – عليه السلام –: "أغد عالما أو متعلما وإياك أن تكون لاهيا متلذذا".
وقال مولانا أمير المؤمنين – عليه السلام – كما في كنز الفوائد:"أغد عالما أو متعلما ولا تكن الثالث فتعطب". وبالمعرفة الدينية يحصل الإنسان على الحياة الطيبة معنويا وماديا كما يبين ذلك إمامنا جعفر الصادق – عليه السلام – كما في الحديث المروي عنه في أمالي الشيخ الصدوق: قال – عليه السلام –: "تعلموا العلم فإن تعلمه حسنة ومدارسته تسبيح والبحث عنه جهاد.. وهو أنيس في الوحشة وصاحب في الوحدة، وسلاح على الأعداء وزين الأخلاء، يرفع الله به أقواما يجعلهم في الخير أئمة يقتدى بهم.. لأن العلم حياة القلوب وقوة الأبدان من الضعف.. بالعلم يطاع الله ويعبد".
إذن ملخص الجواب الذي نحصل من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة بشأن سؤال هذه الحلقة عن أهمية المعرفة الدينية هو: أن في المعرفة الدينية خير الإنسان وصلاحه ماديا ومعنويا وفلاحه في الدنيا والآخرة.
وبهذه النتيجة ننهي أعزائنا مستمعي إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران حلقة اليوم من برنامجكم (أسئلتنا وأجوبة الثقلين).
شكرا لكم ودمتم بكل خير.