سلام من الله عليكم أعزائنا ورحمة الله وبركاته.
طبتم وطابت أوقاتكم بكل ما يحبه الله لكم ويرضاه. أهلا بكم في لقاء اليوم من هذا البرنامج، نعرض فيه على كتاب الله عزوجل وعترة رسوله وحفظة سنته – صلى الله عليه وآله – السؤال التالي: كيف نعبد الله عزوجل لكي نحقق الغاية التي خلقنا من أجلها ولنفور بالتالي بنعيم الأبد؟
للحصول على إجابة سؤالنا نبدأ بالقرآن الكريم فنتدبر في الايات التالية: قال عز من قائل في الآية الخامسة من سورة البينة المباركة: "وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ" وقال جل جلاله في الآية ۱۳۲ من سورة (طه) أيضا " {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى" وفي الآية الستين من سورة غافر نتأمل في قوله جل جلاله "وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ{٦۰}".
ونقرأ في السورة نفسها قوله سبحانه وتعالى "هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ{٦٥} قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَمَّا جَاءنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِن رَّبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ{٦٦}" وأخيرا نقرأ أيها الأحبة قول الله: "وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا".
مستمعينا الأفاضل، ولنتأمل الآن في بعض ما جاء في نصوص أهل بيت النبوة – عليهم السلام – مما نلتمس فيه الجواب عن سؤال هذه الحلقة من البرنامج وهو: كيف نعبد الله؟
فنقرأ أولا ما روي في كتاب الإحتجاج أن زنديقا سأل الإمام الصادق – عليه السلام – قائلا: لأي علة خلق الله الخلق وهو غير محتاج إليهم ولا مضطر الى خلقهم ولا يليق به العبث بنا؟ فأجاب عليه السلام عن هذه الشبهة قائلا: [بل] خلقهم لإظهار حكمته وإنفاذ علمه وإمضاء تدبيره. فسأل الزنديق: وكيف لا يقتصر على هذه الدار [يعني الدنيا] فيجعلها دار ثوابه ومحبس عقابه. فقال الإمام عليه السلام: إن هذه دار بلاء ومتجر الثواب ومكتسب الرحمة ملئت آفات ليختبر فيها عباده بالطاعة، فلا يكون دار عمل دار جزاء.
أيها الإخوة والأخوات ونقرأ في كتاب الصواعق المحرقة لابن حجر ما رواه من أن أحدهم رأى الإمام الحسن الزكي العسكري – عليه السلام – وفي رواية أخرى الإمام محمد الجواد – سلام الله عليه – وهو صبي ينظر إلى الصبية وهم يلعبون. فظن الرجل – وهو لا يعرف الإمام – أنه يتحسر على ما في أيدي الصبيان من اللعب فقال له: أشتري لك ما تلعب به؟ فأجابه الإمام – عليه السلام –: ما للعب خلقنا. فسأله الرجل وقد علم أنه ليس كسائر الصبيان: فلماذا خلقنا؟ أجاب عليه السلام: للعلم والعبادة خلقنا. فقال الرجل: من أين لك ذلك؟ فقال – عليه السلام –: من قول الله عزوجل " {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ"(سورة المؤمنون۱۱٥).
أيها الإخوة والأخوات وقبل أن نلخص الإجابة عن سؤال هذا اللقاء نتأمل معا في الفقرات التالية من الزيارة الجامعة المروية عن مولانا الإمام الهادي – عليه السلام – والتي يزار بها جميع أئمة العترة – عليهم السلام – فقد جاء في بعض فقراتها: السلام على الدعاة إلى الله والأدلاء على مرضاة الله والمستقرين في أمر الله والتامين في محبة الله والمخلصين في توحيد الله والمظهرين لأمر الله ونهيه وعباده المكرمين الذين لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ورحمة الله وبركاته. أشهد أنكم الأئمة الاشدون المهديون المعصومون.. أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وأمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر وجاهدتم في الله حق جهاده حتى أعلنتم دعوته وبينتم فرائضه وأقمتم حدوده ونشرتم شرائع أحكامه وسننتم سنته وصرتم في ذلك منه إلى الرضا وسلمتم له القضا وصدقتم من رسله من قد مضى فالراغب عنكم مارق واللازم لكم لاحق والمقصر في حقكم زاهق.. من أراد الله بدأ بكم ومن وحده قبل عنكم ومن قصده توجه بكم..
وختاما نلخص أيها الأحبة الإجابة التي نستفيدها من النصوص المتقدمة بالقول: ان العبادة التي توصلنا إلى الغاية من خلقنا هي التي تكون قرينة العلم والمعرفة وهي التي يتوفر فيها الإخلاص لله عزوجل وذكره المستمر والتضرع له ودعاؤه وهي التي تكون مقترنة بالعمل بما أمر وترك ما نهى عنه كالزكاة وغيرها وهي التي نأخذ أحكامها وآدابها من رسول الله وعترته الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين. وبهذا ينتهي أعزاءنا مستمعي إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران لقاء اليوم من برنامجكم (أسئلتنا وأجوبة الثقلين).
دمتم بكل خير. في أمان الله.