السلام عليكم أيها الأحبة وأهلا بكم في أولى حلقات هذا البرنامج الذي نسعى فيه للحصول على أجوبة الثقلين عن أسئلتنا المصيرية التي تحدد أجوبتها الصحيحة مسيرتنا بالإتجاه الصحيح الضامن للسعادة المنشودة.
ومن أولى من الثقلين بتقديم الإجابات الصحيحة، وهما القرآن، كتاب الله الذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، بل هو كلمة الله الفصل، هذا هو الثقل الأول، أما الثقل الثاني فهم أهل بيت النبوة الذين حفظوا علوم وسنة جدهم المصطفى – صلى الله عليه وآله -.
حفظوها – عليهم السلام – نقية من كل تحريف وزيادة ونقصان ونشروها بين الناس لتكون منارات للنجاة من الضلالة.
ونحن نرجع إليها للحصول على إجابات أسئلتنا المصيرية عملا بوصية رسول الله الخالدة والتي روتها متواترة جميع مذاهب المسلمين وفيها قال – صلى الله عليه وآله -:
"إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ما إن تمسكتم بهما فلن تضلوا بعدي أبدا وقد أخبرني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما".
وأول الأسئلة المصيرية لنا ولكل إنسان هو: لماذا خلقنا؟
نرجع إلى الثقلين لننظر بماذا يجيبان.
ونبدأ بكتاب الله المجيد، فنقرأ فيه قوله عز وجل في سورة الأحقاف الآية الثالثة:
"مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى".
وقال عزّ من قائل في الآية الثانية والعشرين من سورة الجاثية:
"وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ".
ونصغي بقلوبنا وأسماعنا لما يقوله جل جلاله في الآيتين الثامنة والتاسعة والثلاثين من سورة الدخان:
"وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ * مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ".
أعاذنا الله وإياكم مستمعينا الأكارم من أن نكون من الذين لايعلمون، ونستمر في تعلمنا من القرآن فنقرأ الآية ۳٦ من سورة القيامة.
نعم ففيها يجيب الله عزوجل عن سؤالنا المتقدم وهو لماذا خلقنا، يجيب عنه بلغة الموعظة البليغة غير المباشرة قائلا "أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى".
ومثلها الآية ۱۱٥ من سورة المؤمنون، حيث يقول العزيز الحكيم جل جلاله: "أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ".
ومن القرآن الكريم ننتقل إلى عدله الحكيم فنقرأ في كتاب إعتقادات الإمامية للشيخ الصدوق ما رواه أئمة العترة عن جدهم المصطفى – صلى الله عليه وآله – أنه قال:
ما خلقتم للفناء، بل خلقتم للبقاء، وإنما تنقلون من دار إلى دار.
ونقرأ في كتاب مكارم الأخلاق للشيخ الطبرسي، وضمن وصية رسول الله لإبن مسعود قوله – صلى الله عليه وآله -:
يا ابن مسعود؛ لاتلهينك الدنيا وشهواتها فإن الله تعالى يقول: "أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ".
مستمعينا الأكارم ونقرأ في الجزء التاسع عشر من كتاب شرح نهج البلاغة للعالم المعتزلي ابن أبي الحديد قوله:
وروي أنه – أي الوصي المرتضى أمير المؤمنين عليه السلام – اعتدل به المنبر، إلا قال أمام خطبته.
أي أنه – عليه السلام – كان يكرر الموعظة التالية مرارا كلما صعد المنبر وقبل أن يخطب المسلمين.
وهذه الموعظة هي أنه – عليه السلام – كان يقول:
أيها الناس؛ اتقوا الله، فما خلق امرؤ عبثا فيلهو، ولا ترك سدى فيلغو، وما دنياه التي تحسنت له بخلف من الآخرة التي قبحها سوء المنظر عنده، وما الغرور الذي ظفر من الدنيا بأعلى همته، كالآخر الذي ظفر من الآخرة بأدنى سهمه...
وأخيرا نقرأ في كتاب تحف العقول عن آل الرسول للعلامة ابن شعبة البحراني قول مولانا الإمام علي الهادي عاشر أئمة العترة المحمدية عليهم السلام:
إن الله عزّ وجل لم يخلق الخلق عبثا ولا أهملهم سدى ولا أظهر حكمته لعبا، وبذلك أخبر جل وعز في قوله: "أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا".
من النصوص الشريفة المتقدمة نحصل – مستمعينا الأفاضل – على إحابة إجمالية بينة على سؤالنا المصيري: لماذا خلقنا؟
فنصوص الثقلين تجيبنا بكل وضوح؛ أولا بنفي أن يكون خلقنا عبثا أو لعبا بل هو خلق على أساس الحق والحكمة، ثانيا وبأننا خلقنا للخلود والبقاء لا للعيش مدة محدودة يليها الفناء.
وهذه النصوص تصرح بأن الله خلقنا وإننا إليه راجعون، وإنه لايتركنا وحالنا سدى بعد إذ خلقنا.
وهنا نسأل إذا ما هي الحكمة من خلقنا؟ وكيف نحققها بحيث يكون بقاءنا في ظل حياة كريمة سعيدة طيبة، بعيدة عن البؤس والشقاء؟
في الحلقة المقبلة من برنامجكم (أسئلتنا وأجوبة الثقلين) نعرض هذه الأسئلة عليهما لنعرف أجوبتهما ونستنير بها في رحلة الخلود.
إلى لقائنا المقبل نودعكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران ولكم أطيب المنى.