وعبر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن استيائه من عدم تحديد موعد نهائي لانضمام بلاده إلى الناتو، ووصف ذلك بأنه "أمر عبثي".
من جانبها، قالت مستشارة البيت الأبيض للشؤون الأوروبية أماندا سلوت للصحفيين اليوم الأربعاء "إنها تشير إلى التزام مشترك طويل الأمد لبناء قوة تأمين دفاعي قوية لأوكرانيا"، موضحة أن "هذا الإعلان متعدد الأطراف سيرسل إشارة مهمة إلى روسيا بأن الوقت ليس لمصلحتها".
وأعلن البيت الأبيض اليوم أن الولايات المتحدة ستبدأ قريبا مفاوضات مع أوكرانيا بشأن المساعدة الأمنية طويلة الأمد.
لكن واشنطن نفت أمس الثلاثاء إمكانية انضمام أوكرانيا إلى الناتو خلال الحرب، وقالت المتحدثة باسم الخارجية إليزابيث ستكني -في مقابلة مع الجزيرة أمس- إن عضوية أوكرانيا خلال الحرب غير مطروحة، وإن أولوية واشنطن في قمة الناتو تشمل استمرار تقديم الدعم لكييف.
وفي اليوم الثاني من قمة الناتو قدم أعضاء مجموعة السبع خطة التزامات طويلة الأمد لأمن أوكرانيا، لكن ذلك سبّب خيبة أمل للرئيس الأوكراني الذي كان يأمل في الحصول على جدول زمني محدد لانضمام بلاده إلى الحلف.
وتناول زيلينسكي -الذي انتقد بشدة قادة دول الناتو بسبب "نقص" إرادتهم في انضمام أوكرانيا- العشاء معهم مساء أمس بعيد تحيته حشدا كبيرا وسط العاصمة الليتوانية.
وحتى قبل نشر بيان الحلف وصف زيلينسكي عدم تحديد موعد نهائي لانضمام بلاده بأنه "أمر عبثي"، وقال "عدم اليقين ضعف".
وسيجري الرئيس الأوكراني محادثات مع قادة الحلف في وقت لاحق اليوم الأربعاء.
وفي محاولة لطمأنته يفترض أن تنشر دول مجموعة السبع (ألمانيا وكندا والولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا واليابان والمملكة المتحدة) بيانا مشتركا بشأن دعم كييف خلال السنوات القادمة من أجل مساعدتها في حربها مع روسيا ومواجهة "أي اعتداءات" في المستقبل.
من ناحيته، قال رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك "بينما تحرز أوكرانيا تقدما إستراتيجيا في هجومها المضاد (..) نزيد جهودنا لحماية أوكرانيا على الأمد الطويل".
وأضاف "لا نريد أن نرى تكرارا لما حدث في أوكرانيا، وهذا البيان يؤكد مجددا التزامنا بضمان ألا تصبح أوكرانيا مجددا ضعيفة أمام العدوان الذي ارتكبته روسيا".
كما أكدت ثورديس كولبرون وزير خارجية آيسلندا أن انضمام أوكرانيا إلى الناتو مهم للحلف ولكييف ويجعل أوروبا أكثر أمنا، وقالت "يجب أن نستمر في دعمنا حتى تكسب أوكرانيا الحرب".
وسيشكل البيان إطارا لإبرام اتفاقات ثنائية في وقت لاحق بين هذه الدول وكييف تتضمن تفاصيل الأسلحة التي ستمدها بها لمدة 10 سنوات.
مؤتمر صحفي
بدوره، قال زيلينسكي في مؤتمر صحفي مشترك مع الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ إن أوكرانيا تركت بمفردها رغم وجود وثيقة بودابست "وأفضل ضمان للأمن هو انضمامنا للناتو"، مشيرا إلى أن "ضمانات مجموعة السبع لا تحل محل عضوية أوكرانيا في الناتو".
وأضاف أن الناتو يحتاج أوكرانيا بقدر احتياجها له، وقال "سنصبح أعضاء بعد الحرب وسنتخذ الخطوات الضرورية لذلك"، وقال "نتفهم أن شركاءنا يدعموننا بالسلاح كي ندافع عن أنفسنا وأننا لن نتمكن من الانضمام للناتو خلال الحرب".
وأكد زيلينسكي أن "أوكرانيا كانت وستكون مصدرا لأمن أوروبا، وبلادنا لن تحتاج إلى خطة خاصة للانضمام إلى الناتو"، مشددا على أن "كييف ستصبح عضوا متساويا مع بقية أعضاء الناتو".
من جهته، قال الأمين العام للناتو إن أوكرانيا الآن أقرب إلى الحلف من أي وقت مضى، مضيفا "أتطلع إلى اليوم الذي نجتمع فيه كحلفاء".
وأشار ستولتنبرغ إلى أن المهمة الأكثر إلحاحا الآن هي تزويد أوكرانيا بالسلاح الكافي، مؤكدا أن انتصار روسيا سيكون كارثة بالنسبة إلى أوكرانيا وسيجعل الحلف أكثر هشاشة، مضيفا أن "أوكرانيا هي التي ستقرر متى تنضم للناتو وليس روسيا".
اختصار عملية الانضمام للناتو
ووعد قادة الدول الأعضاء في هذا التحالف العسكري -خلال اليوم الأول من قمتهم- بأن "مستقبل أوكرانيا" هو "في الناتو"، واختصروا العملية التي يتعين على كييف اتباعها للانضمام إلى الحلف.
وقد ألغى الحلف مطلبا من أوكرانيا بالوفاء بما تسمى خطة عمل العضوية، مما يزيل فعليا عقبة كانت في طريق كييف للانضمام إليه.
وقال بيان لحلف الناتو "سنكون قادرين على توجيه دعوة لأوكرانيا للانضمام إلى الحلف عندما يقرر الحلفاء وتتحقق شروط ذلك"، لكن هذا الإعلان لا يذهب أبعد من التزام قُطع عام 2008 بشأن الانضمام في المستقبل.
وقد أرسل المانحون الغربيون حتى الآن أسلحة بقيمة عشرات المليارات من اليوروهات إلى أوكرانيا لمساعدتها في الحرب مع روسيا.
وقالت ألمانيا أمس الثلاثاء إنها ستقدم مزيدا من الدبابات وصواريخ باتريوت الدفاعية والعربات المدرعة بقيمة 700 مليون يورو إضافية.
وأعلنت فرنسا عن إرسال صواريخ طويلة المدى من طراز "سكالب"، فيما أكد تحالف يضم 11 دولة أنه سيبدأ تدريب الطيارين الأوكرانيين على طائرات "إف-16" (F-16) اعتبارا من أغسطس/آب المقبل.
لكن هذه الوعود الضرورية للقوات الأوكرانية لا تلبي تطلعات زيلينسكي الذي أراد وضع بلاده تحت مظلة الدفاع الجماعي للحلف الأطلسي.
روسيا والصين تنتقدان
على صعيد آخر، شدد المتحدث باسم الرئاسة الروسية (الكرملين)، دميتري بيسكوف، على أن تقديم أي ضمانات أمنية لأوكرانيا أمر خاطئ للغاية وخطير جدا، فهي تتعدى على أمن روسيا.
وأردف قائلا "لأنه بتقديم أي نوع من الضمانات الأمنية لأوكرانيا، ستتجاهل هذه الدول المبدأ الدولي الذي يقول إن الأمن غير قابل للتجزئة. وبتقديم ضمانات لأوكرانيا فإنها ستؤثر على أمن روسيا الاتحادية".
وصرح بيسكوف: "الناتو ليس تحالفًا تم إنشاؤه وتصميمه من أجل ضمان الاستقرار والأمن. إنه تحالف هجومي. إنه تحالف يجلب عدم الاستقرار، ما يؤدي إلى العدوان. ولكن مع ذلك، لم تكن العلاقات الروسية - الصينية موجهة ضد أحد".
وقالت أماندا سلوت، مديرة شؤون أوروبا في مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، اليوم الأربعاء، إن البيت الأبيض سيجري سلسلة من المحادثات الثنائية بين زعماء مجموعة السبع وأوكرانيا للتوصل إلى ضمانات أمنية ثنائية.
وقال وزير الدفاع الأوكراني أليكسي ريزنيكوف إنه قلق بشأن الضمانات الأمنية التي ستقدمها مجموعة السبع وأراد معرفة ثمن هذه الوعود.
كما انتقدت الخارجية الصينية بشدة ما صدر من بيانات عن حلف شمال الأطلسي ووصفتها بالباطلة والاستفزازية.
وطالب "وانغ ون" المتحدث باسم الوزارة الناتو بالتوقف عن الاتهامات التي لا أساس لها والتصريحات الاستفزازية ضدها، كما طالبهم بالتوقف عما سماه العبث بأوروبا ووقف محاولات إفساد منطقة آسيا والمحيط الهادي، على حد تعبيره.
وجاءت تصريحات المتحدث ردا على سؤال بخصوص بيان مشترك لحلف شمال الأطلسي وجه انتقادات شديدة إلى الصين منها أن بكين تشكل تحديا أمام مصالح التكتل العسكري وأمنه.