وجاء كلام قائد الثورة الاسلامية لدى استقباله حشدا من المبلغين وطلاب الحوزة العلمية في البلاد، صباح اليوم الاربعاء في حسينية الامام الخميني في طهران، حيث أعرب سماحته عن القلق الذي يساوره تجاه قضية الدعاية الدينية، معتبرا إياها حاجة ملحة تأتي في مقدمة الأعمال والمهام التي يجب أن تؤديها الحوزات العلمية.
وشدد سماحته ايضا "نحتاج الى الدعاية، وايضا الى الوعظ، وايضا الى البحث. ان النظرة السائدة اليوم في الحوزات العلمية هي ان الدعاية تأتي في المرتبة الثانية من الاهمية، وان المرتبة الاولى هي للقضايا الاخرى مثل المقامات العلمية وغيرها. علينا ان نتجاوز هذه النظرة، فالدعاية تتصدر القضايا".
واشار قائد الثورة الاسلامية الى رقي مستوى الفكر لدى الشباب وغيرهم من الفئات العمرية بالنسبة للماضي، رغم ان المستوى الفكري لدى الاجيال السابقة كان جيدا ايضا ، قائلا ان المستوى الذي بلغه الفكر الان لا يمكن مقارنته بالماضي وان مستوى الفكر قد ارتقى لدى شبابنا واليافعين والمخاطبين، لكن هناك آفة في سوق الاصوات المزدحمة الافتراضية والاعلامية المتكدسة، وهذه الآفة هي تهميش صوت نقل المعارف من جيل الى جيل وفي داخل الأسرة ، ففي السابق كان الآباء والأمهات يعلمون ابناءهم الكثير لكن في هذا الضوضاء الاعلامية فان هذا الصوت أصبح ضعيفا.
كما شدد سماحته ان التبليغ ليس الرد على الشبهات حصرا وليس موقفا دفاعيا رغم ضرورة الدفاع، بل ان من يهاجمنا يملك مبادئ فكرية ويجب مهاجمة مبادئه، ففي التبليغ يجب اتخاذ موقع هجومي ، وهذا يستلزم معرفة ساحة المواجهة، فعندما نرى استهداف اذهان الشباب بهذا الحجم الهائل من الشبهات يجب ان نعلم من يقف خلف هذا كله، فهناك احتمال قوي بوجود كواليس خلف هذا المشهد.
واضاف سماحته ان ما يحدث اليوم في عصرنا الراهن هو أمر غير مسبوق منذ أكثر من ألف عام ومنذ عصر صدر الاسلام ، وهو سيادة وحاكمية الاسلام وتشكيل مؤسسة سياسية تدير البلاد انطلاقا من الاسلام، هذا أمر غير مسبوق وبالطبع سيشتد العداء للاسلام. ولذلك فان للتبليغ أهمية مضاعفة في زماننا نظرا لأن دعائم النظام الاسلامي هي الشعب وايمانه ، واذا لم يكن الشعب لن يكون هناك نظام اسلامي، وايضا نظرا الى أن عصرنا الراهن هو عصر التطور العلمي وهناك اليوم اساليب لنشر وبث الرسائل لم يخطر على بال أحد في الماضي، بدءا من أجهزة التلفاز والقنوات الفضائية وصولا الى الانترنت ومرحلة ما بعد الانترنت، والظواهر الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي وما شابه.
وتساءل سماحة قائد الثورة الاسلامية " في هذه الاوضاع التي يسل العدو سيوفا مسنونة وتارة لسفك الدماء، ماذا نريد ان نفعل ؟ هنا تحظى الدعاية الإسلامية بأهمية قصوى ".
المواجهة بين جبهة الجمهورية الاسلامية وجبهة الليبرالية الغربية في ساحة الحرب الدعائية
ونوه آية الله العظمى الخامنئي الى ان حرب اليوم هي حضارية وعالمية ولحسن الحظ فان الغرب اليوم معرّض للاضرار أكثر من أي وقت مضى ، مؤكدا ان المواجهة اليوم هي بين جبهتين اولهما جبهة الجمهورية الاسلامية ، والأخرى هي جبهة الكذب والتضليل والتي تنتحل اسم "الليبرالية الديمقراطية" وهي بعيدة كل البعد عن الليبرالية وعن الديمقراطية . فاذا كنتم ليبراليون لماذا استعمرتم. استعمار قديم واستعمار حديث واستعمار حديث جدا، وأي ليبراليون انتم ... وأي دعاة للحرية وحرية التفكير أنتم ... عندما تستعمرون شعبا يبلغ عديده مئات الملايين مثل الشعب الهندي لسنوات مديدة تفوق المئة عام وتبقونه تحت تصرفكم وتستولون على كل ثرواته وتحولونه الى شعب فقير، هل انتم ليبراليون ؟ أهذه هي الليبرالية؟.
واضاف سماحته " الفرنسيون ارتكبوا المجازر في الجزائر اكثر من مئة عام وقتلوا البشر ، وربما عشرات آلاف القتلى في عدة سنين، انهم ليسوا ديمقراطيين بل يكذبون من اجل فرض بعض الانظمة على بعض البلدان ، انهم يعارضون مئة بالمئة الديمقراطية التي لا تخدمهم ، ان الذي قام بتلك الافعال في الجزائر والهند لازال يملك الخصال ذاتها ".
واعتبر قائد الثورة الاسلامية اوضاع الشعب الاوكراني الاعزل والمسكين مثالا اخر لنوازع الغرب في الاستعمار والنهب وقال " ان هؤلاء مستعدون لتعريض شعب مسكين ودون مأوى مثل الشعب الاوكراني الى الخطر من اجل ملء جيوب شركات الاسلحة الاميركية، ليقاتل هو ويقتل، من أجل بيع الاسلحة وملء جيوب شركات صنع الاسلحة".
واشار آية الله العظمى الخامنئي ايضا الى تواجد الاحتلال الاميركي في سوريا ، قائلا " ان حكومة مثل اميركا ، تسرق النفط السوري على مرأى الجميع، ان هؤلاء هم كما هم ، ولم يتغيروا ، ان هؤلاء جبهة واحدة ، وفي مواجهتم يقف النظام الذي يتكئ على الاسلام ويستلهم من الاسلام، ليناهض الاستكبار والاستعمار والتدخل في مصالح الشعوب العديدة، والان فان هاتين الجبهتين تقفان وجها لوجه".