وتوفي المترجم العراقي محمد درويش، بعد معاناة طويلة مع المرض. رحل عن الدنيا بعدما أثرى المكتبة العراقية والعربية بنماذج رائعة من الأدب العالمي، والذي يعد أحد أبرز رموز الثقافة العراقية خلال السنوات الماضية وصاحب الترجمات الأدبية والنقدية التي أغنت المكتبة العربية منذ السبعينيات بأهم الكتب والروايات العالمية.
بدأ درويش نشاطه الإبداعي منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي مع دار المأمون العراقية، وترجم العديد من الكتب النقدية والروايات والقصص، كما صدرت له عدد كبير من المقالات المترجمة الى اللغتين العربية والانكليزية من عام 1970 وحتى يومنا هذا ونشرت جميعها في معظم الصحف والمجلات العراقية الثقافية كما انه تقلد منصب رئيسا للهيئة الاستشارية للمجلات الصادرة عن دار المأمون وهي كلكامش والمأمون وبغداد.
وكان كتاب "فن الرواية" لكولن ويلسون أول الكتب التي ترجمها، ثم تبعته ترجمات أخرى كان النصيب الأكبر منها للرواية وتبلغ العشرات، نذكر منها رواية “السقوط الحر” التي صدرت عام 1991، وهي واحدة من تحف وليام كولدينغ الحائز جائزة نوبل للآداب، ونالت ترجمته لها من الصدى ما نالته نسختها الأصلية وسط ثقافتها الأم فأعيد طبعها في إحدى دور النشر العربية.
الدكتور محمد درويش، قامة إبداعية عراقية شامخة هو المترجم الفذ البارع؛ أثرى المكتبة العراقية والعربية بنماذج رائعة من الأدب العالمي نقلها بترجمة مقتدرة ووضع مقدمات ثمينة لبعضها.
نتاجات المترجم محمد درويش، هذه القامة الإبداعية العراقية الكبيرة، من الكتب المترجمة من الانكليزية الى العربية وبالعكس، كثيرة وكبيرة، يربو عددها على الثلاثين كتابا، أو ربما هي أكبر من هذا العدد بكثير. وهي في نهاية الأمر نتاج متميز بنوعه وكميته.
محمد درويش المنحاز دوماً الى الأدب لم يقتصرعلى ترجمة الرواية والقصة بل توسع بترجماته الى المسرح والشعروالنقد الأدبي ولم يمنعه ذلك الميل من ترجمة كتب اللسانيات والنقد الترجمي ودراسات الأدب المقارن.
لم يكن موضوع ترجمته نماذج من الأدب العراقي الى الانكليزية مسألة تكليف بل اختيار أنتج على ضوئه صورة لكمِ من التراجم التي عكست نماذج رئيسة في المشهد الأدبي في العراق.. فقد ترجم رواد الشعر العراقي مثل بدر شاكر السياب وأبناء جيله كما ترجم لمحدثيه كعبد الزهرة زكي وآخرين ثم أضافت ترجمته رائعة المسرح العراقي ” النخلة والجيران” لغائب طعمه فرمان رصيدا آخر لتراجمه المنقولة إلى الإنكليزية.