وأكدت آيات سورة الليل أن المال لا ينفع في الأخرة، وإنما إنفاقه بالخير في الدنيا، يعم عليك النعيم في الأخرة، وبينت السورة أن الناس إنما ينقسمون إلى قسمين:
أما الفريق الأول: هم المؤمنون بالله، ورسوله، وبكتابه، يأتون ما أمر، وينهون ما نهى، وينفقوا، ويزكوا من أموالهم، ابتغاء مرضاة الله تعالى، لهم ما وعدهم في الأخرة من نعيم الجنان، ونعم الوعد والأجر والثواب.
والفريق الثاني: وهم المشركون، الذين خالفوا الله ورسوله، وأنفقوا في سبيل الطغيان، والطاغوت، ودخلوا في طريق الله، والمؤمنين، هؤلاء لهم النار، بئس ما صنعوا بأنفسهم، والله لا يخلف الميعاد.
وسورة "الليل" المباركة هي السورة الـ 92 من القرآن الكريم ولها 21 آية وتُصنف ضمن الجزء 21 من المصحف الشريف وهي سورة مكية وترتيبها تاسع بحسب نزول السور على رسول الله (ص).
ووردت مادة "ليل" في القرآن الكريم 92 مرة، وإن سبب تسمية سورة الليل بهذا الاسم هو لأن الله جل وعلا افتتحها بالقسم بالليل، فقال تعالى في الآية الأولى من سورة الليل: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ}.
وتتحدث السورة عن فئتين من الناس الأولى هم الكرماء الذين يُنفقون من مالهم مرضاة الله وفي سبيله والأخرى هم البخلاء الذين لا ينفقون مالاً ويعدهم الله تعالى بالزوال.
وتهدف السورة المباركة إلى تحذير وترهيب أصحاب الفئة الثانية الذين لا ينفقون في سبيل الله تعالى وتصف وضع المنفقين بأنهم سُعداء يعيشون حياة مرح خالدة عند ربهم.
وغرض السورة هو الإنذار كما تُشير على اختلاف مساعي الناس فمنهم من أنفق واتقى فسيمكنه الله من حياة خالدة سعيدة، ومنهم من بخل واستغنى فسيسلك الله به إلى شقاء العاقبة، كما تركّز السورة على القيامة وعلى ما في ذلك اليوم من الثواب والعقاب، كما تذكر السورة في نهايتها من يدخل النار ومن ينجو منها، مع ذكر أوصاف الفريقين.
ويُقسم الله تعالى بالليل والنهار إنَّ عمل الناس مختلف بين خير وشر، فمن عمل خيرًا وصدَّق وآمن بالله تعالى فإنَّ الله سييسر أمره للخير، وأمَّا من بخل في العطاء وكذب بنعم الله تعالى فسوف يعسِّر ويضيِّق الله تعالى عليه، ولن ينفعه ماله ولن يغنيه عن الله شيئًا.
وتشير هذه السورة إلى أنَّ الحياة الدنيا والآخرة ملك لله تعالى وبأمره، وقد أنذر المشركين من نار جهنم وعذابها، وبعد هذا التحذير والإنذار لن يصلى النار ولن يذوقها إلَّا الشقي، وسوف يتجنبها التقي الذي ينفق من ماله في سبيل الله تعالى ومقصده رضا الله تعالى.
ويقول المفسر القرآني الراحل العلامة الطباطبائي في تفسير الميزان لدى شرحه معنى الآية 12 من سورة الليل المباركة وعبارة "إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى" إن الهداية تعني تبيين الطريق وهداية الإنسان.