السيد الكشميري: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
ومن اقطاب الصادقين والشهداء المجاهدين هو البطل عبد الله بن عفيف الازدي رضوان الله تعالى عليه، مارواه السيد ابن طاووس اعلا الله مقامه ان عبيد الله بن زياد بعدما ارسل سبايا الحسين عليه الصلاة والسلام الى الشام واعتبر نفسه انتهى من المسألة وان القضية اغلقت صعد المنبر في مسجد الكوفة وهذا من غرائب الزمن وعجائب الايام ان مسجد الكوفة صاحب هذا التاريخ وصاحب هذا المجد وهذا الموقع يوماً على منبره صوت الامام علي بن ابي طالب يدوي ويوماً على نفس المنبر ونفس المكان عبيد الله بن زياد بن مرجانة، هذا بالنسبة للشخص اما لمضمون الكلام هذا هم من عجائب الزمن ان على منبر مسجد الكوفة وصوت امير المؤمنين وهو يصدع بالدعوة الى الله وبناء الانسان وتهذيب الانسان واذا بعبيد الله بن زياد يصعد المنبر واول ما يفتتح كلامه يقول "الحمد لله الذي اظهر الحق واهله ونصر امير المؤمنين يزيد واشياعه" ، طيب اكتفى بهذا؟ لا واذا به يقول "وقتل الكذاب بن الكذاب" يقصد بذلك الحسين واباه امير المؤمنين، هذه مقاييس الزمن وصنيعة الايام وصنائع الدنيا ان يصبح بن مرجانة المتكلم وصاحب القرار ويصبح امير المؤمنين مولى الموحدين وولده الحسين سيد شباب اهل الجنة يصبحون كذابين، هذه المعادلة!
طيب هنا ماهو تكليف الناس لما يصير تمادي الى هذه الدرجة يعني استهتار الى هذه الدرجة، واذا يشكر الله الذي اظهر الحق ويعتبر الحق بما يفسره هو يزيد بن معاوية ويفسره عبيد الله بن زياد والناس مجتمعة في المسجد ولم يتحرك احدأ ولا اي استنكار الا من شخصين فقط، من الشخصين؟ احدهم المختار بن ابي عبيدة الثقفي الذي نهض وفوراً الشرطة اخذوه اما عبد الله بن عفيف هذا الشخص الثاني كان مكفوف البصر فنهض وكان هذا الرجل له تاريخ جهادي قاتل بين يدي امير المؤمنين، مناصر للامام علي وفقد احدى عينيه في حرب الجمل والثانية فقدها يوم النهروان. على اي حال كان يأتي الى المسجد صباحاً حيث تأتي به ابنته الوحيدة وينشغل بعبادة الله وتأتي الغروب ترجعه، وعلى مايبدو انه كان يصوم.
في المسجد ورغم انه كفيف البصر لكن بصيرته قوية وبصيرة فاعلة فسمع هذا التمادي وسمع هذا الاستهتار فرد وهو بمكانه صاح يابن زياد "ان الكذاب وابن الكذاب انت وابوك ومن استعملك هذا وابوه، يالعين أتقتلون ابناء النبيين وتتكلمون بهذا الكلام على منابر المسلمين" فكانت هذه شبه مفرقعة او قنبلة بوجه هذا الطاغية فأنشطرت نفسه نصفين وهو يقول من هذا المتكلم؟ فصاح عبد الله بن عفيف "انا المتكلم ياعدو الله، أتقتل الذرية الطاهرة الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً وتزعم انك على دين الاسلام، واغوثاه اين ابناء المهاجرين والانصار، لاينتقمون من طاغية اللعين بن اللعين على لسان رسول رب العالمين" طبعاً هذا هو جهاد، هذا جهاد بأرقى معانيه، الامام الصادق صلوات الله وسلامه عليه لما صار الكلام عن اصناف الجهاد فقال الامام الصادق "وافضله كلمة حق امام سلطان جائر" ، متمادي، مستهتر، ينتهك الحرمات بهذه الوقاحة وهذا الصلف ولايرد عليه احد، أليس من واجبات الاسلام، من فروع الاسلام، من واجبات الانسان النهي عن المنكر؟ أي منكر اشد من هذا المنكر ان يوصف الامام علي بالكذاب والحسين بالكذاب ويوصف يزيد بن معاوية بأمير المؤمنين ويوصف بصفة الحق او المحق؟
على كل حال قال انا واكد "أتقتلون ابناء النبيين" هنا امر بن زياد الجلاوزة فتبادرت اليه الجلاوزة ولكن كان في المسجد مجموعة من بني الازد من افراد قبيلته فأخذتهم الغيرة القبلية لهذا انت ترى ان الامام امير المؤمنين سلام الله عليه يقول للامام الحسن بأبي هو وامي "واكرم عشيرتك فأنهم جناحك الذي به تطير واصلك الذي اليه تصير ولسانك الذي به تقول ويدك التي بها تصول" هؤلاء لم يسمحوا لشرطة بن زياد ان يقتربوا منه لكن بعد ذلك ارسل عبيد الله بن زياد ليلاً مجموعة من الاوباش بقيادة محمد بن الاشعث وامرهم بالهجوم على بيته وصارت مواجهة منتصف الليل بين بني الازد المدافعين عن عبد الله بن عفيف وبين هذه المجموعة التي ارسلها عبيد الله بن زياد فكانت مواجهة وقحة جداً وقاسية وبالتالي هجم الاوباش على بيت عبد الله بن عفيف وكسروا الباب وما كان في البيت احد غير عبد الله بن عفيف وابنته فلما وجد نفسه بين هؤلاء الاراذل خاطب ابنته "بنيه ناوليني سيفي فناولته السيف جعل يذب عن نفسه وهو يرتجز:
انا بن ذي الفضل عفيف الظاهري
عفيف شيخي وابن امي عامري
كم دارع من جمعكم
وحاسر وبطل جدلته مغامر
وكانت ابنته تنظر اليه محاطاً وهو يرد هؤلاء الذين احتوشوه وكانت البنت مرتبكة وتصيح:
"ليتني يا ابه كنت اخاصم بين يديك هؤلاء الغدرة الفجرة وقاتلي العترة البررة" الى ان سقط على الارض فأحاطوا به واوثقوه قيداً وجاءوا به وابنته تمشي خلفه وهي تردد "الله اكبر أيحاط بأبي وليس له ناصر ولامعين يستعين به" فكان يرتجز ويقول:
والله لو فرج لي عن بصري
ضاق عليكم موردي ومصدري
اخيراً جاءوا به الى ابن زياد فأستعمل اللهجة التي هي دائماً على طرف لسانه مع امثال عبد الله فقال الحمد لله الذي اخزاك فقال عبد الله فبماذا اخزاني؟ والله لو فرج لي عن بصري لكني كفيف البصر فكان يسأله الى هدده بالقتل فقال له "لاتهددني سألت الله ان يرزقني الشهادة من قبل ان تولد وسألت ربي ان تكون شهادتي على يدي ابغض الخلق عند الله والعنهم لديه وقاتلت مع مولاي امير المؤمنين ولم ارزق الشهادة وخصوصاً بعدما كف بصري فيأست لكن سبحان الله سبحانه وتعالى عرفني انه سيستجيب في النهاية لدعائي، اشكر الله الذي عرفني الاجابة منه في قديم دعائي من قبل سنين" فأمر بن زياد فضربوا عنقه وصلب في منطقة تسمى السبخة، كان العرب القرويون ليلاً يسمعون انيناً فيخرجون واذا بأبنته جالسة عند ذلك المكان تبكي اباها.
نسأل الله لهذا المجاهد الشهيد الرحمة والرضوان والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******