السيد الكشميري: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين من عينات الصادقين حشرنا الله معهم يوم القيامة هو الشهيد ناصر الحسيني عليه الصلاة والسلام، الشهيد البطل مسلم بن عوسجة الاسدي، هو من الكوفة من بني اسد وقبيلة بني اسد من القبائل المناصرة للامام علي بن ابي طالب وللامام الحسين ومن القبائل التي ذاقت الوبال تلو الوبال من بني امية، معظم رجالاتهم كانوا في السجون. مسلم بن عوسجة هو من الشخصيات اللامعة في هذه القبيلة وكان شخصية متكلمة، متكلمة يعني رجل مسلح بالعلم يتكلم في شرح سيرة اهل البيت، سيرة رسول الله ويدافع عن معتقدات محبي اهل البيت، يدافع عن اهل البيت بلسانه فيقال فلان متكلم يعني يناقش او يقابل الحجج الضالة بالحجج المحقة فهو كان من هذه الشخصيات وهو ايضاً معروف بأنه من قيادات العرب لأن الكوفة ليست كالبصرة، الكوفة فيها من الزوايا، الكوفة اقليات يعرفون بحمراء ديلم، يعرفون بالنضض، يعرفون بالموالي هؤلاء كان يؤتى بهم من الحروب وقضيتهم طويلة، هؤلاء كانت تستخدمهم السلطة باعتبار ضعفاء لن ينتسبوا الى قبائل، يستغلهم الوالي، يستغلهم الحاكم ويدفع بهم الى بؤر النزاعات ومعظم هؤلاء سيقوا الى قتال الحسين عليه السلام لذلك تأتي مقولة يرددها اعداء اهل البيت في الاوراق الصفراء كل سنة ان الحسين قتله اهل الكوفة فأذن قتله شيعة ابيه وقتل بسيف جده، هذه المقولة المنافقة المضللة في حين ان شيعة الامام علي ومن كانوا على خط النبي كان معظم في السجون، ليس في ايام ابن زياد بل قبل هذا بكثير، كان قصر الامارة ثلاث طبقات تحت الارض، رأيناه لما حفر قبل اربعين اوخمسين عاماً، رأينا السجون والزنزانات في باطن الارض، هذه كلها كانت السجون والزنزانات تعج بشخصيات من قبيل مسلم بن عوسجة ومن قبيل سليمان بن صرد ومن قبيل المختار رحمة الله عليه ومن قبيل هاني بن عروة وامثال هؤلاء غير الذين شردوا وهربوا ...والخ، اما الذين سيقوا الى قتال الحسين معظمهم كانوا من هؤلاء او من امثالهم. طيب مسلم بن عوسجة الاسدي رضوان الله تعالى عليه هو كان صديقاً حميماً للمختار، المختار بن ابي عبيدة الثقفي وكان لصيقاً به وكان لهما يعني مسلم بن عوسجة، اكثر من لهما، مسلم بن عوسجة، سليمان بن صرد والمختار هؤلاء اصدقاء ومعهم هاني بن عروة لعبوا دوراً في التنسيق مع مسلم بن عقيل صلوات الله وسلامه عليه ولعل احدى الجنايات التي نسبت اليهم من قبل ابن زياد اول ما وصل الكوفة هو تنسيقهم مع مسلم بن عقيل صلوات الله وسلامه عليه. قضى مسلم بن عوسجة فترة في سجن الكوفة، في سجن صعب تحت قصر الامارة وكان شخصية لا يمكن الواءه بأي صورة من الصور ابداً فهو من شجعان ذلك العصر، بعد ذلك اطلق سراحه فغاب وحاول ان يختفي في الشعاب وكان ابن زياد يبحث عنه الى ان استطاع ان يلتحق مسلم بن عوسجة رضوان الله تعالى عليه بأبي عبد الله الحسين صلوات الله وسلامه عليه وحضر الى كربلاء ويمكن القول هكذا ان الحسين عليه السلام كان يعرف الخلفية الكاملة عن مسلم بن عوسجة بأنه مقاتل وان له تاريخ في حروب ما تسمى بآذربايجان والحسين بأبي هو وامي كان يعرف بأن لمسلم بن عوسجة دور حتى في التنمية المالية لمسلم بن عقيل، كان يؤمن بعض الموارد المالية وكان يؤمن كميات من الاسلحة، هو يشتريها ويدخرها وكان يحرض الناس على اخذ البيعة لأنه كان ثقة في الكوفة، هو يعرف بأحد عباد الكوفة، اذا دخلوا الى مسجد الكوفة هناك اسطوانة خاصة في مسجد الكوفة كانت تعرف هذه الاسطوانة، اذا لم يحبوا ان يسموا مسلم بن عوسجة ويرسلوا اليه بريداً كانوا يقولون تذهب الى الاسطوانة الفلانية، من كان عندها يتعبد هذا هو مسلم بن عوسجة. طيب مسلم بن عوسجة لما لحق بالحسين صلوات الله وسلامه عليه استبشر به ابو عبد الله الحسين وكان يعد نفسه للقتال، المقاتل تقول قاتل يوم عاشوراء في المقطع الاول يعني الوجبة الاولى او الساعات الاولى كان يقاتل بشراسة ويردد:
ان تسألوا عني فأني ذي لبد
من فرع قوم من ذرى بني اسد
هؤلاء اهل الكوفة الحقيقيين، اهل الكوفة الحقيقيون هم المناصرون لأبي عبد الله الحسين، هم الذين اعيانهم، شخصياتهم قاتلت بشراسة دفاعاً عن امير المؤمنين قبلاً وعن الامام الحسن وعن ابي عبد الله الحسين لكن الاعلام بيد الخصم فينزل ويصعد ويبدل الحق بالباطل والباطل بالحق فهذا كان يردد ويفصح عن اصله وفصله:
ان تسألوا عني فأني ذي لبد
من فرع قوم من ذرى بني اسد
فمن بغانا حائد عن الرشد
وكافر بدين جبار الصمد
وطبعاً هذا النوع من الرجز كان يعطي دفئاً معنوياً للمقاتلين، مسلم بن عوسجة يروي له اصحاب المقاتل لقطات في يوم عاشوراء، في ليلة عاشوراء الذي كان الحسم يقترب والحرج كان يتضاعف فكان هذا الرجل شوهد من اللقطات يوم العاشر من المحرم فكان هو يقاتل فبعد ذلك تكالبوا عليه فسقط الى الارض. في اخلاقيات القتال وطبعاً بني امية لااخلاقيات لهم لافي القتال ولا في غير القتال، في اخلاقيات القتال اذا سقط المقاتل يتركوه لأنه سقط وهم يقاتلوه ما دام يجابههم ولكن من الحالات الرذيئة والرذيلة والرديئة التي كشفت عن دفائن بني امية ان المقاتل يسقط يتكالبون عليه ويتزاحمون على ضربه وهو جريح، في تلك اللحظة الحاسمة التي سقط فيها مسلم بن عوسجة اول ما ركض اليه صديقه حبيب بن مظاهر الذي كان يتسامر معه قبل لحظات وفي ليلة العاشر فنظر اليه حبيب وعز عليه المنظر صاح: يامسلم والله لقد عز علي مصرعك لكن يامسلم ابشر بالجنة فقال له مسلم بن عوسجة لأن هؤلاء وصلوا في عبادتهم وعلاقتهم مع الله الى ان احد يبشر الاخر بشيء ملموس عندهم يعني يتعاملون معه بحس، لما يقول له حبيب يامسلم ابشر بالجنة فقال بصوت ضعيف بشرك الله بخير، هنا وهذه من اللقطات الملفتة للنظر قال له حبيب يامسلم لولا اني اعلم بأني في اثرك ولاحق بك من ساعة هذه لأحببت ان توصيني بكل ما يهمك حتى احفظك في كل ذلك مما انت اهل له في القرابة والدين، من هذه الجملة ننتزع انه كانت قرابة بين حبيب بن مظاهر ومسلم بن عوسجة، فصاح مسلم بن عوسجة بصوت ضعيف وهو يؤشر بيده الى الحسين، صاح اوصيك بهذا وأومأ الى الحسين واريد ان تموت دونه، فصاح حبيب والله افعل ذلك واخذ يطمأنه، افعل ذلك ورب الكعبة فمشى اليه الحسين واخر كلمة قرأ هذه الاية"فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً" (سورة الأحزاب23) صاح الحسين يامسلم رحمك الله وغمض عينيه مسلم ولحق بالرفيق الاعلى. اسأل الله له الرحمة والرضوان والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******