ورغم أن هناك هذه الاختلافات، فإن جميع الدول تتشارك فيما بينها في عادات استقبال الحجاج، كما تأتي هذه العادة تيمناً واقتداء بالرسول -عليه أفضل الصلاة والسلام- عند هجرته إلى المدينة واستقباله من قبل أهلها باحتفال وهدايا، فيما تُعِد النساء الولائم، وتقام أيام من الاحتفال.

استقبال الحجاج في بلاد الشام

حسب مجلة "سيدتي" تتشابه كل من لبنان وسوريا وفلسطين والأردن فيما بينها في عادات استقبال الحجاج، رغم أن هذه العادات بدأت تتغير مع مرور الزمن، فإن هناك بعض الطقوس التي لا تزال قائمة إلى اليوم.

ومن بين أهم هذه الطقوس نجد تزيين البيوت بعسف النخيل، أو بأوراق أشجار السرو، مصحوبة بأجمل عبارات الترحيب ولافتات خاصة بهذه المناسبة تحمل آيات قرآنية، فيما يحب البعض تزيين المنازل والأزقة بالمصابيح المضيئة، والتي تكون على شكل نجوم إلى جانب الكعبة.

أما عند بعض العائلات، فيقوم أفراد العائلة بنحر أضحية وتوزيع لحومها على الفقراء والمساكين، كما يتوافد المستقبلون ليهنئوا الحجاج بعودتهم سالمين إلى أوطانهم، متطهرين من الذنوب والمعاصي والآثام، حيث أصبحت صفحاتهم بيضاء نقية.

ويجلس المعازيم مع الحجاج ليسمعوا منهم عن روحانيات الرحلة المباركة وزيارة مقام الرسول -صلى الله عليه وسلم-. ويتم توزيع مياه زمزم وأشهى التمور على الضيوف، وتعتبر هذه العادة مشتركة في كل البلدان التي تقيم مراسم استقبال الحجاج.

عادات استقبال الحجاج في مصر

أما في أم الدنيا مصر، فلأجواء الاحتفال بالحجاج طعم خاص، تتزين جميع الجدران بلافتات لمكة المكرمة والمدينة والنقوش الإسلامية، مصحوبة بعبارة "حج مبرور وذنب مغفور"، هذه العادات لا تزال إلى اليوم في بعض المناطق الريفية المصرية.

وعند وصول الحجاج إلى الحي تبدأ الزغاريد، ويخرج الأقرباء والجيران والأطفال لاستقبال الحجيج، ويلي ذلك استقبالهم في منزل الحاج وتوزيع الهدايا عليهم، وقد يستمر ذلك لأكثر من 3 أيام.

أما في المدن المصرية الكبيرة فالاستقبال في المطار هو الترحيب الكبير، حيث يتجمع عدد من أفراد العائلة والأصدقاء لاستقبال الحجاج، لهذا فرضت الجهات الأمنية المصرية في المطار عدداً من القوانين التي تنظم ذلك؛ تفادياً للازدحامات التي كانت تحدث.

دول الخليج الفارسي وتزيين استقبال الحجاج

تتشابه دول الخليج الفارسي في عادات استقبال الحجاج مع باقي الدول العربية، وما يميز دولة الإمارات بذلك هو تزيين المنازل بالأعلام الخضراء التي ترمز للطهارة ولون الجنة، بالإضافة إلى النثور وهو عبارة عن قطع معدنية وحلويات وأوراق الزهور، وهي تحضر لتنثر على رؤوس الحجاج عند عودتهم على صوت أهازيج الترحيب بالعودة.

أما في البحرين، فيستعد الأهالي قبل قدوم الحجاج بتربية خروف يتم ذبحه على رجل الحاج قبل دخوله بيته، ثم تبدأ مراسم الزفة وتزيين الحجاج بالورد والأهازيج، كما يتم تحضير وجبات طعام توزَّع على الأقرباء والجيران لمدة أسبوع.

وفي الكويت يقيم الحاج العزيمة للأهل والجيران المقربين بعد عودته. كما يقوم بتوزيع الهدايا التي تم شراؤها من الأراضي المقدسة.

الدول المغاربية والحفلات الخاصة 

وبالانتقال إلى الدول المغاربية لا تختلف عادات استقبال الحجاج كثيراً فيما بينها، في الجزائر تبدأ حفلات الاستقبال من المطار؛ إذ تقوم العائلة بأخذ أفخم السيارات لاصطحاب الحجاج، كما تبدأ أجواء الاحتفال من الطريق وصولاً إلى المنزل.

فيما تحضر النساء أنواعاً مختلفة من الطعام لاستقبال الضيوف والأقارب، فيما يقوم الحاج بتوزيع بعض الهدايا وماء زمزم المصحوب بالثمر القادم من الحج.

وفي المغرب لا تختلف العادات كثيراً، حيث تقوم معظم الأسر المغربية بتجهيز ليلة من المديح والسماع وتلاوة القرآن للاحتفال بقدوم الحاج، كما تحضر وجبات تقليدية لإكرام الضيوف القادمين، سواء الكسكس أو الأصناف الأخرى من المأكولات التي تختلف حسب المناطق والمستوى المادي للعائلة.

وخلال هذه الأمسية تقدم النقود والهدايا للأطفال لتعزيز قيم الإسلام وضرورة الذهاب إلى الحج في المستقبل؛ لاعتباره أحد الأركان الأساسية في الإسلام.

تستمر أيام الاحتفال في بعض المناطق لأزيد من أسبوع، فيما تفضل بعض العائلات أن تعزم الجميع في ليلة واحدة من أجل اختصار الوقت، والبدء في متطلبات الحياة اليومية التي تواكب العصر.

احتفالات طول الطريق في العراق

يعرف استقبال الحجاج في العراق عادات وطقوس متوارثة وما زالت مستمرة، وتبدأ منذ وصول الحجاج، إذ يستقبلهم الأقرباء في مواكب السيارات في أجواء من الاحتفال والأهازيج، وما يميز استقبالهم للحجاج الفرق الشعبية الموسيقية، التي تجول في الحي لاستقبال الحجاج كما تستعد النساء في البيوت بعمل الكليجة "المعمول" وهي نوع من أنواع الحلويات الشهيرة في العديد من الدول العربية.