في مقام الكلام عن الصادقين والمخلصين لأهل البيت (سلام الله عليه)م يأتي الحديث عن رمز من رموز الصادقين ووجه نير من وجوه المخلصين لآل البيت هو العالم والزعيم والمتقي والشاعر والواعظ والكاتب السيد علي خان الموسوي المشعشعي. هذا العالم الجليل او هذه الشخصية المهابة هو ينتهي نسبه الى الامام موسى بن جعفر (سلام الله عليه) عبر حوالي ثمانية عشر واسطة وهو من اولاد السيد احمد بن الامام الكاظم (عليه السلام) مدفون في شيراز يسمى بشاه جراغ وطبعاً هذا شاه جراغ اعتق الف مملوكاً في سبيل الله ولذلك صاحب نخبة المقال يقول فيه شاه جراغ احمد بن الكاظم اعتق الفاً سيد الاعاظم، الف مملوكاً اعتقهم في سبيل الله. هذا السيد علي خان هو من نسل هذا السيد شاه جراغ احمد بن الامام الكاظم، طبعاً السيد علي خان كانت بينه وبين السيد نعمة الله الجزائري صداقة طويلة ومودة عالية ويكتب عنه السيد نعمة الله الجزائري يقول السيد علي خان المشعشعي اختلفت اليه زماناً، اختلفت يعني ترددت عليه فرأيته غزير العلم والمعرفة متحلياً بالاداب والعبادة والصلاح قوي الحافظة ويحفظ من الشعر ما لا يحصى كما ان له ديواناً وللكلام للسيد نعمة الله الجزائري كما ان له ديواناً من الشعر ويقول كنت لما احضر مجلسه لا اسمع منه اي كلام سوى قال الله وقال رسول الله وقال امير المؤمنين وطبعاً هذا المعنى اعظم دلائل الكمال، هذا الانسان يحب ان يتكلم واحياناً يغفل فيتحول كلامه الى ثرثرة، يتحول كلامه الى سبب يحوله الى حطب جهنم احياناً يتحول كلامه الى سبب لخلق اعداء له اما الانسان الكامل لا يتكلم الا بتقنين، لايتكلم الا بكلام يرضى الله عنه ويرضى رسوله ويرضى الضمير، الناس لا ترضى «وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ» يقول السيد نعمة الله الجزائري ان السيد علي خان المشعشعي طوال السنين التي انا معه على صداقة لم اسمع منه كلام الا ان يقرأ آية او حديث لرسول الله او حديث للامام امير المؤمنين فصارت فترة لم يلتقيا السيد نعمة الله الجزائري والسيد علي خان المشعشعي يقول السيد نعمة الله الجزائري لما التقيت به بعد انقطاع فترة رأيت شعره ابيض فسألته لماذا لاتخضب، الخضاب يعني الحنة، ما كانت ذلك اليوم الاصباغ وكان الخضاب هو الوسيلة، فقلت له لماذا لاتخضب؟ فقال لي كنت اخضب غير اني اردت ان اكتل في تفسير القرآن فأستخرت بكتاب الله واذا الاية «إِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ» فأنا اولت هذه الاستخارة او الاية بأنه قرب اجلي فشعرت بكتابة تفسير مختصر على وجه السرعة وتركت الخضاب لألقى الله بشيبة بيضاء، سبحان الله يقول السيد نعمة الله توفي السيد بعد عام واحد من ذلك عجيب، طيب هذا السيد علي خان المشعشعي ما هو عطاءه؟ عطاءه متنوع وعطاء وفير اولاً على صعيد القلم له تصانيف عديدة وقلت كما مر آخر ما كتب تفسير مختصر اسمه منتخب التفاسير كتبه خلال سنة ووصل الى سورة الرحمن وما امهله الاجل وعنده ايضاً مؤلفات النور المبين في اثبات النص على امامة امير المؤمنين، كتب كثيرة كتبت في اثبات النص على امامة امير المؤمنين ولا يزال هناك من يعاند وهناك من يكابر باطلاً وهناك من يشاكس وامرهم الى الله والله هو الحاكم. طيب له كتاب ادبي اسمه خير المقال في مدح النبي والال هي قصائد نظمها وشرح وعلق عليها وهذه القصائد في اهل البيت، له ديوان شعر اسمه خير الجليس ونعم الانيس وله كتاب شرح الصمدية وشرح الصحيفة، في الواقع هذا الانسان الغافل مثلي وامثالي اذا يستغل في الاسبوع ثلاث ساعات يقرأ كتاب من هذه الكتب يتحول الى مكون اخر، يتحول الى نوعية اخرى ولهذا قيل، الادباء قالوا: "اعز مكان في الدنا سرج سابح وخير جليس في الزمان كتاب". على اي حال الحديث عن هذا السيد العالم المجاهد السيد علي خان الحديث شيق وطويل ولكن الدقائق تتصرم بسرعة، اقرأ قسماً من ادبه الفياض، ادبه الجميل في اهل البيت طبعاً هو معظم شعره وقصائده عن اهل البيت، ماذا يقول؟
وصير وسيلتك المصطفى الامين
ابا القاسم المؤتمن وصنو الرسول
يعني وسيلتك من بعد النبي هو اخ النبي وزوج ابنته وابو سبطيه:
وصير وسيلتك المصطفى الامين
ابا القاسم المؤتمن
وصنو الرسول ومن قد علا
على كتفه يوم كسر الوثن
طبعاً الامام علي مرتين علا على كتف النبي مرة يوم تكسير الاصنام كما يقول السيد علي خان والمرة الثانية يوم غدير خم رفعه النبي حتى بان بياض ابطيهما ويوم هدم الاصنام هذا ايضاً مشهود والكل يذكرون ذلك، بعد ذلك يقول:
وصنو الرسول ومن قد علا
على كتفه يوم كسر الوثن
وبضعته وامامي الشهيد ومن
بعد ذكر الامام الحسن
وبالعترة الغر ارجو النجاة
فحبهم لي اوفى في الجنن
يعني الجنان، طبعاً له بيتان ايضاً جميلات في هذا المضمار:
وصيرت خير المرسلين وسيلتي
والزمت نفسي صمتها ووقارها
وعترته خير الانام وفخرهم
وانى يشق العالمون غبارها
وطبعاً هذه يعني حالة يبتلي بها كل من حباه الله بالشأن والوجاهة والمقام والمواهب وكلما تكثر نعم الله على الانسان يكثر حساده فيقولون جرت بينه وبين حساده صراعات انتهت ربما الى مخاطر لكن انتصر عليهم وكان هذا العالم الجليل صبور، كان يردد هذا البيت:
انا الاسد الوثاب ان صالت العدا
ولكن لي لله ارضى واغضب
وهذا من العناصر المهمة للمتقي، الانسان الذي يتقي الله سبحانه وتعالى ان يكون غضبه لله ورضاه لله وهذا هو نكران الذات، النبي (صلى الله عليه وآله) يقول: "من ملك نفسه عند الغضب حرم الله جسده على النار"، فيقول ولكني لله ارضى واغضب، طبعا شعره كثير قرأت له ابيات في الحكمة والموعظة والسيد علي خان قالها لما فرقت الايام بينه وبين احبابه كان يقرأها احد اساتدتنا في النجف الاشرف ويبكي:
أفي كل يوم لي حبيب مودع
وطرف على فقد الاحبة يدمع
اشيع من اهوى واعلم انني
لروحي لا للضاعنين اشيع
ثم يقول:
لعمرك ان العيش بعد رحيلهم
وفرقتهم ما لم يؤوب مضيع
واقعاً هذه الحسرة فنسأل الله سبحانه وتعالى ان يرحم هذا العالم الجليل، وفاته عام 1058 يعني هو من علماء القرن الحادي عشر تغمده الله بواسع رحمته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******