وفيما يمر عيد الأضحى هذا العام على معظم الدول العربية وسط أزمات اقتصادية قاسية، انعكست على عادات الناس الذين قلصوا من إنفاقهم وغيروا أولوياتهم. فالأضحية التي تعد السمة الأبرز للمناسبة، ارتفعت أسعارها إلى حدود قصوى وهو ما دفع الناس إلى اللجوء إلى خيارات بينها التقسيط أو المشاركة في أضحية واحدة وسط اتهامات للحكومات بالتخلي عن دورها.
ويتداول فلسطينيون صورة على شكل “بوستر” صممت من موقع إعلامي عربي تحمل عنوان “متوسط سعر الأضحية في العالم العربي”، وفيه تبدو فلسطين من أعلى أسعار الأضاحي بين الدول العربية.
في أمكنة أخرى وسط الضفة الغربية وفي مدينة سلفيت وسط الضفة الغربية يباع كيلو الخروف “قايم” (بصوفه ولحمه ودمه) بسعر 37 شيكلاً، أي ما يقرب من 10 دولارات، وهو ما يعني مقارنة مع العام الماضي ارتفاعا بأكثر من دولار وربع تقريباً. ويرى مراقبون أن فرق سعر الأضحية عن العام الماضي قد يزيد عن 50 دولاراً أمريكياً.
وعلى وقع معارك هي الأعنف، منذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات “الدعم السريع”، يستقبل السودانيون العيد ما بين عالق تحت النار في الخرطوم وإقليم دارفور غرب البلاد، وآخر يحاول الفرار إلى المناطق الآمنة عبر طرق مليئة بالمخاطر، بينما يكتوي أكثر من مليوني سوداني بجمر النزوح في أوضاع إنسانية بالغة التعقيد.
أما في ليبيا فيأتي العيد وسط مشاكل عديدة، أبرزها انعدام السيولة وانخفاض المرتبات وتأخرها وعدم كفايتها. لكن المشكلة الأبرز أن أسعار الأضاحي تراوحت بين 1500 دينار و4000 دينار؛ أي بين 300 دولار أمريكي و800 دولار. وهذا هو العام الأول الذي تصل فيه أسعار الأضاحي إلى هذا الحد المرتفع بعد أن رفعت الحكومة يدها جزئياً، وتخلت عن دعم الأعلاف.
وبين أوضاع اقتصادية متردية وغضب من تراجع السلطة عن تنفيذ وعودها بإطلاق أعداد أكبر من سجناء الرأي، يستقبل المصريون العيد. في حين أن تداعيات الحرب وما فرضته، لم تمنع اليمنيين من الاستعداد لعيد الأضحى، حيث حرصوا على إكمال استعداداتهم العيدية، وبخاصة تلك المتعلقة بتنظيف وإعادة تلميع أثاث وجدران المنازل وصناعة الكعك والمعجنات وشراء الجعالة (الزبيب والمكسرات والشوكولاتة). تقاليد متاحة للجميع، وبالتالي لا تكاد تغيب في كل منزل، وكل حسب إمكاناته، وهي تقاليد ما زالت تتحدى ظروف الحرب.
وفي الجزائر، لم تعرف أسعار ماشية العيد ارتفاعاً كالذي شهدته هذا الموسم، بشكل دفع كثيراً من العائلات للعزوف عن الشراء، وهي تضحية مؤلمة بالنظر لتمسك الجزائريين بهذه الشعيرة الدينية ذات الأبعاد الاجتماعية الراسخة منذ قرون. وهو الحال الذي تكرر في تونس والمغرب.
وفي سوريا، يختلف الواقع بطبيعة الحال من منطقة إلى أخرى تبعاً لتوزع مناطق السيطرة، علماً أن الظروف الاقتصادية الصعبة هي السمة الغالبة على كل السوريين.
وفي السياق، ما زالت الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الخانقة ترخي بثقلها على شريحة واسعة من المواطنين اللبنانيين وتحرمهم من التمتع بعيد الأضحى بشكل طبيعي بعد تراجع قدرتهم الشرائية نتيجة احتجاز أموالهم في المصارف أو نتيجة تدنّي قيمة رواتبهم قياساً للدولار الأمريكي.
أما في العراق فقد كان انتشار وباء “الحُمّى النزفية” أزمة جديدة أمام المواطنين تحول دون إتمام “فرحة العيد”، لتُضاف إلى سلسلة أزمات أخرى اقتصادية وخدمية يعانون منها بالأساس منذ عام 2003، في بلدٍ يتصدر الدول المُنتجة للنفط في حين يقبع نحو ربع سكّانه تحت خطّ الفقر.
وفيما الأردنيون يخشون من فوبيا النفقات في العيد، يحل عيد الأضحى هذا العام في موريتانيا والبلاد لا تزال تعاني من ضغوط الأزمة الدولية بشقيها الغذائي والطاقوي.