موضوع البرنامج:
وصايا مهدوية بالتسليم لأمر الله والمودة الصادقة
حوار مع الشيخ علي الكوراني حول النور العظيم في دعاء العهد
لقد أديت الامانة

قسماً برب البيت لولا نجله

ملك الورى طراً مليك الاعصرِ

مادارت الافلاك بل كان في

الاملاك صوت مهلهل ومكبر

مولىً له الباري ارتضى لعباده

هادٍ وآدم لم يكن بمصورِ

لله كم أبدى دليلاً واضحاً

من بعده هو حجة للمبصر

فلكم وكم أنبا الورى بمغيب

مذ بان عجز بين من جعفرِ

يا صاحب الأمر الذي قد كان عن

مولاه خير مترجم ومعبر

كيف إصطارك سيدي ولقد قضت

أهلوك صبراً مارأوا عيشاً مري

فمتى نرى جبريل يهتف بالسما

ظهر الهدى يا غيرة الله أبشري

*******

الحمد لله الذي جعل التسليم لأمره تحفته لعباده والصلاة والسلام على ولاة أمره الهادين الى سعادات قربه وولايته محمد وآله الطاهرين.
السلام عليكم أعزاءنا ورحمة الله وبركاته، أهلاً بكم في حلقة أخرى من برنامج شمس خلف السحاب، إفتتحنا هذه الحلقة أعزاءنا بأبيات من قصيدة مؤثرة للاديب الولائي عبد الحسين شكر رضوان الله عليه وهي في رثاء الامام الحسن العسكري (عليه السلام).
وفيها يشير الشاعر الى ما نصت عليه كثير من الاحاديث الشريفة من ان وجود الامام هو ضمان إستمرار الحياة في الارض فلولا وجود الحجة لساخت الارض بأهلها.
وفيها اشارات الى بعض العلامات التي أظهرها الامام المهدي (ارواحنا فداه) لإثبات إمامته وحكاية الفقرة الاخيرة من البرنامج التي تشتمل على بعض مصاديقها أما عناوين فقرات هذه الحلقة أعزاءنا فهي:
- وصايا مهدوية بالتسليم لأمر الله والمودة الصادقة
- النور العظيم في دعاء العهد
- وإجابة لخبير البرنامج سماحة الشيخ علي الكوراني عن بعض اسئلتكم للبرنامج
- وأخيراً حكاية عنوانها: «لقد أديت الامانة»

*******

فمعكم والفقرة الاولى وعنوانها هو:

التسليم لأمر الله والمودة الصادقة

قال مولانا الامام الحجة (أرواحنا فداه): «ولو لا ان أمر الله لا يُغلب، وسره لا يظهر ولا يُعلن، لظهر لكم من حقنا ما تبهر منه عقولكم ويزيل شكوكم، ولكن ما شاء الله كان، ولكل أجل كتاب. فاتقوا الله وسلموا لنا وردوا الامر الينا، فعلينا الاصدار كما كان منا الايراد، ولا تحاولوا كشف ما غطي عنكم ولا تميلوا عن اليمين وتعدلوا الى اليسار وإجعلوا قصدكم إلينا بالمودة على السنة الواضحة».
نحن معكم أعزاءنا مع مقطع آخر من الرسالة المهمة التي كتبها مورلانا الامام المهدي (عجل الله فرجه) بشأن تشكيك بعض الشيعة في أمر إمامته بعد وفاة والده الامام الحسن العسكري (سلام الله عليه) بسبب صعوبات عصر الغيبة.
وقد اشتملت هذه الرسالة على كثير من الوصايا المهمة للمؤمنين في جميع عصور الغيبة عرضنا لبعضها في الحلقات السابقة ونحن نستنير بالفقرات التي نقلناها هناك منها، ونستنير هنا بالمقطع المتقدم ملخصين أهم الوصايا المستفادة منها بما يلي:
اولاً: ينبغي للمؤمنين أن يدركوا أن لله تبارك وتعالى حكمة بالغة في أمر غيبة وليه الامام المهدي (عجل الله فرجه) وإمتحان إيمان عباده بذلك، وفي ذلك ثمار مهمة للمؤمنين ومصالح محورية تتحقق لهم.
ثانياً: ينبغي للمؤمنين أن يتحلوا بأعلى درجات التقوى فيما يرتبط بحفظ الاسرار الالهية وعدم السعي لكشفها، ففي ذلك خسران للثمار المرجوة من هذا الامتحان الالهي وتضييع لفرص بلوغ أهل عصور الغيبة المراتب العالية من مراتب الايمان بالغيب.
ثالثاً: ينبغي للمؤمنين أن يرسخوا في قلوبهم فضيلة التسليم لأمر الله عزوجل، فإن هذه الفضيلة تعبر في الواقع عن حقيقة وجوهر الاسلام وهو الدين الذي ارتضاه الله عزوجل لعباده.
وهذا التسليم لا يتحقق الا بالتسليم المحض لأئمة العترة النبوية الطاهرة (عليهم السلام) فهم الذين اختارهم الله عزوجل ولاة لأمره وأمنائه في أرضه.
رابعاً: أما الوصية الرابعة أحباءنا فهي أن يرسخ المؤمنين المودة الصادقة لمحمد وآله (عليه وعليهم السلام) وعلى أساس السنة الشرعية الواضحة أي بما أقرته النصوص الشريفة قرآناً وسنة بشأن هذه المودة المباركة.
ولا يخفى الافاضل، أن هذه المودة الصادقة هي مفتاح التسليم لهم عليهم السلام وبالتالي لله جلّ جلاله، ولذلك فهي مفتاح تحقق جوهر الدين الحق الذي ارتضاه الله عزوجل لعباده.

*******

نشكر لكم أحباءنا طيب متابعتكم لهذه الحلقة من برنامج شمس خلف السحاب كما نشكر لخبير البرنامج سماحة الشيخ علي الكوراني إجابته عن اسئلتكم للبرنامج في الاتصال الهاتفي الذي أجراه زميلنا، نستمع معاً:

النور العظيم في دعاء العهد

المحاور: بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم احبائنا وسلام على سماحة الشيخ علي الكوراني، سماحة الشيخ الاخ تائب كما رمز لنفسه في رسالته عبر البريد الالكتروني يطلب شرح هذه الكلمات من دعاء العهد يقول: "اللهم رب النور العظيم" ما المراد بالنور العظيم ولماذا وصف بالعظيم ومن هو هذا النور؟
الشيخ علي الكوراني: بسم الله الرحمن الرحيم، ثبت عندنا بالاحاديث الصحيحة وهذا وارد في الحديث عن جابر بن عبد الله الانصاري رحمة الله عليه يسأل النبي صلى الله عليه وآله: يا رسول الله ما اول ما خلق الله عز وجل؟
قال له: يا جابر اول ما خلق الله عز وجل نور نبيك من نور عظمته، فهذا النور العظيم الذي خلقه الله عز وجل هو نور النبي واهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم.
المحاور: سماحة الشيخ لماذا وصفه بالعظيم؟
الشيخ علي الكوراني: هذا النور العظيم نحن ما عندنا في القرآن الكريم واحاديث النبي والائمة عليهم السلام ما عندنا وصف بالعظيم لشخص، لشيء مخلوقات نعم عندنا وصف عرش عظيم، فعندنا لاشياء عظيمة توصف، هذا النور كأنه فيه تفصيل الله عز وجل لهذا الخلق اول نور خلق من نور عظمته هذا النور العظيم، الذي بعد ذلك فصل منه النبي واهل البيت عليهم السلام، اما كيفية خلق النور والمادة والطاقة وانواع الانوار هذا موضوع مفصل، هذه العظمة عظمة النور لما فيها من اسرار الهية ولانه خلق منه النبي واهل البيت سلام الله عليهم.
المحاور: سماحة الشيخ الامر الاخير الذي يسأل عنه الاخ هو الكرسي الرفيع ما المراد منه يعني رب النور العظيم ورب الكرسي الرفيع لماذا وصف بالرفيع؟
الشيخ علي الكوراني: اول شيء نسبة الربوبية للنور العظيم، معناه في عملية ادارة لهذا النور، الربوبية تعني الادارة وكذلك الكرسي معناه انه هذا النور الذي خلق ثم فصل منه النبي واهل البيت عليهم السلام ثم فصل منه الكون، هذا النور له انظمة وقوانين وادارة وما زال موجوداً، هذا يفتح الباب الى مواضيع كثيرة والى علاقة الولاية التكوينية للنبي واهل البيت سلام الله عليهم المعطاة من الله عز وجل، والكرسي الرفيع، كرسي الله عز وجل ورد انه كل شيء في الكرسي يعني ماذا نعتبر من مخلوقات الغلاف الكوني، الكرسي هو الظرف الكوني، حتى الغلاف الكوني في هذا الظرف، الكرسي فيه كل شيء يحوي المخلوقات كلها، الرفيع الذي ما ينال والذي هو عالي وربه يعني له ادارة هذا الكرسي، نحن للان لا نعرف الغلاف الجوي الذي يحيط بالارض معلوماتنا عنه قليلة، كيف الغلاف الجوي الذي يحيط بالكون، كيف الكرسي الذي يشمل هذا الغلاف الجوي، هناك مخلوقات لله تعالى اوسع من معلوماتنا واوسع من تصوراتنا، لكن المؤكد الثابت في احاديث اهل البيت عليهم السلام، ان الكرسي فيه كل شيء، العرش صغير يؤتى به يوم القيامة يحمله ثمانية كأنه سنترال الكون، لكن الكرسي مثل غلاف يشمل كل المخلوقات، وهذا يحتاج الى ربوبية والى ادارة والله عز وجل هو يربه ويديره ويدير كل شيء.
المحاور: سماحة الشيخ علي الكوراني شكراً جزيلاً، وشكراً لكم احبائنا وانتم تتابعون ما تبقى من البرنامج.

*******

من الحكايات المهمة التي تشتمل على عبر مهمة في معرفة إمام عصرنا المهدي (أرواحنا فداه) الحكاية التالية التي روتها عدة من مصادرنا المعتبرة، إخترنا لها أعزاءنا العنوان التالي:

لقد أديت الامانة

ننقل لكم حكاية هذه الحلقة من كتاب الخرائج للمحدث الموثوق السيد الزاهد هبة الدين القطب الراوندي، ويرجع تأريخها الى عصر الغيبة الصغرى، وهي مروية عن العبد الصالح أحمد بن أبي روح، وجاء فيها أن إمرأةً من أهل (دينور) طلبت لقاءه فلما جاءها قالت له: يا ابن ابي روح، أنت اوثق من في ناحيتنا ديناً وورعاً، وإني أريد أن أودعك أمانة أجعلها في رقبتك تؤديها وتقوم بها.
فلما علمت المرأة من هذا العبد الصالح القبول بأداء أمانتها وهي حقوق شرعية قدمت له كيساً مختوماً بختم خاص وقالت له: هذه دراهم في هذا الكيس المختوم لا تحله ولا تنظر فيه حتى تؤديه الى من يخبرك بما فيه، وهذا قرطي يساوي عشرة دنانير وفيه ثلاث حبات لؤلؤ تساوي عشرة دنانير، ولي الى صاحب الزمان حاجة أريد أن يخبرني بها قبل أن أسأله عنها.
وهنا الافاضل سأل ابن ابي روح المرأة الدينورية عن هذه الحاجة وكانت المرأة قد أضمرت في قلبها شيئاً بشأنها ولم تخبر حتى هذا العبد الصالح بها بل قالت له: عشرة دنانير استقرضتها أمي في عرسي، لا أدري ممن إستقرضتها ولا أدري الى من أدفعها، فإن أخبرك بها فأدفعها الى من يأمرك بها.
حمل أحمد بن ابي روح أمانة هذه المرأة المؤمنة وهو يفكر في كيفية أدائها في تلك الاوضاع الصعبة التي ميزت عصر الغيبة الصغرى، وكان جعفر قد ادعى الامامة بعد وفاة أخيه الامام الحسن العسكري (عليه السلام)، ولم يكن ابن ابي روح يومها قد علم ببطلان إدعاء جعفر ولك يكن قد عرف بأمامة الحجة بن الحسن عليهما السلام ولذلك كان اكثر ميلاً الى الاعتقاد بأمامة جعفر.
ولما جاء بالمال الى بغداد جاء الى احد وجوه الشيعة يومذاك ووكلاء الامام الحق (عجل الله فرجه) وهو حاجز بن يزيد الوشاء، فسأله حاجز عن حاجته فأخبره وقال: هذا مال دُفع اليّ لا أدفعه إليك حتى تخبرني كم هو ومن دفعه اليّ، فإن اخبرتني دفعته إليك.
وهنا رفض حاجز إستلام الامانة وأخرج رسالة عرضها عليه وقال: لم أُؤمر بأخذه، وهذه رقعة جائتني بأمرك.
فلما نظر أحمد ابم ابي روح اليها وقد مكتوباً فيها: لا تُقبل من أحد!!
ثم قال حاجز له: يا أحمد بن أبي روح توجه به [أي بهذا المال] الى سر من رأى!
وتوجه هذا العبد الصالح الى سامراء، ولما دخلها همّ أن يذهب الى جعفر أولاً لكنه غير رأيه وتوجه الى دار الامام العسكري (عليه السلام) فإن لم يجد فيه من يخبره بأمره ذهب الى جعفر.
فلما اقترب من الدار خرج إليه خادم وقال له: أنت أحمد بن أبي روح؟
قال: نعم.
فقال: هذه الرقعة إقرأها.
فلما فتح الرسالة وجد فيها مكتوباً النص التالي:

بسم الله الرحمن الرحيم

يا ابن ابي روح، أودعتك عاتكة بنت الديراني كيساً فيه ألف درهم بزعمك، وهو خلاف ما تظن وقد أديت فيه الامانة، ولم تفتح الكيس ولم تدر ما فيه، وفيه ألف درهم وخمسون ديناراً صحاح ومعك قرط زعمت المرأة أنه يساوي عشرة دنانير، صدقت مع الفصين الذين فيه، وفيه ثلاث حبات لؤلؤ شراؤها عشرة دنانير وتساوي أكثر، فأدفع ذلك الى... فلانة فإنا قد وهبناه له، وصرْ الى بغداد وإدفع المال الى حاجز، وخذ منه ما يعطيك لنفقتك الى منزلك.
وأما عشرة الدنانير، فهي لكلثوم بنت أحمد وهي ناصبية فتحرجت أن تعطيها وأحبت أن تقسمها في أخواتها، فأستأذنتنا في ذلك، فلتفرقها في ضعفاء أخواتها.
ولا تعودن يا ابن أبي روح الى القول بجعفر والمحبة له [أي بأمامته والميل له] وإرجع الى منزلك، فإن عمك قد مات، وقد ورثك الله أهله وماله.
ثم أخذت دلائل معرفة إمام العصر (عليه السلام) تتوالى على هذا العبد الصالح فلما رجع الى بغداد سلم المال الى حاجز الوشاء الوكيل فوزنه فوجده كما اخبرالامام الف درهم وخمسين ديناراً، ودفع له حاجز الوكيل ثلاثين ديناراً وقال، أمرت بدفعها إليك لنفقتك.
ولما رجع الى منزله جاء من أخبره بوفاة عمه وأنه قد ورثه ثلاثة آلاف دينار ومائة الف درهم!

*******