البث المباشر

السيد محمود الشاهرودي

السبت 2 مارس 2019 - 11:32 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 601

ومن خيرة الصادقين في زماننا هذا ومن خدمة اهل البيت العالم الكبير والمرجع القدير السيد محمود الشاهرودي رضوان الله تعالى عليه وعندما اتحدث عن هذا الرقم المبارك اتحدث عن حسي لأني عاشرته منذ عرفت الحياة والى وفاته ورحمه الله وقرأت في مجلسه الاسبوعي طوال عشر سنين يوم الجمعة.
السيد محمود الشاهرودي هذا العنصر المقدس هو من مواليد ايران عام 1293 هجرية في مدينة شاهرود واشتهر بالشاهرودي انتساباً للبلد الذي فيه ولكن اسرته اساساً من الحجاز بأعتبار جميع العلويين تعود اصولهم الى الحجاز، شردتهم الكيانات الحاقدة على رسول الله والنواصب وغيرهم فأنتشر هؤلاء ابناء الرسول في عرض البلاد وطولها اينما كانوا يعثرون على مجموعة تأويهم وتوفر لهم الامان يلتجأون هناك فيولد لهم اولاد والاولاد يحملون اسم تلك البلدة مثل الاصفهاني، الخراساني، الشوشتري، التبريزي كلهم سادة.
المرحوم السيد محمود الشاهرودي (رضوان الله عليه) هو عراقي وبالاصول حجازي، كيف عراقي؟ هو من اسرة عريقة في العراق تتمركز هذه الاسرة في الحلة واسرة السيد محمود الشاهرودي اسرة عريقة تعرف بأسرة السادة آل العميدي واشتهارهم هذه الاسرة بالعميدي هو ان جدهم الاعلى وهو السيد عماد الدين هو من مفاخر علماء الحلة الفيحاء، السيد عماد الدين هو من ابناء اخت العلامة الحلي والسيد عماد الدين رحمه الله ساهم في تنظيم تراث خاله وهو العلامة الحلي واخرجه الى النور ولكن بسبب مطاردة النواصب لآل الرسول وعترته وهجمات الوهابيين في القرن الحادي عشر والثاني عشر الهجريين هاجر الكثير من ذراري الرسول الى مناطق نائية طلباً للامان من القتل فتوطد بعضهم في الهند، في ايران وغيرها فمن هذه الاسر التي هربت الى ايران من الحلة اسرة السيد محمود الشاهرودي (رضوان الله عليه) واشتهر بمكان ولادته اذن فهو عراقي حلاوي هكذا نقول حلي مع ذلك حجازي الاصل. 
في عام 1328 هجرية بعد ان درس السيد محمود الشاهرودي مقدمات العلوم قرر الذهاب الى موطنهم الاصلي وهو النجف الاشرف فواصل دراساته العليا على يد اكابر الحوزة وكان من المتميزين بين تلاميذ الاخوند الخراساني صاحب الكفاية والشيخ ضياء الدين العراقي وهكذا الميرزا النائيني وبلغ درجة الاجتهاد في سن مبكر وذلك لما كان يحمل من استعداد ثم تطور في التدريس حتى اصبح من الاساتذة الكبار في البحث الخارجي وكان يدرس في الجامع الهندي وكذلك في جامع الشيخ الانصاري، مسجد الترك ويحضر درسه حوالي ثلاثمئة طالب.
هذا العالم الجليل السيد محمود الشاهرودي رحمة الله عليه كان زاهداً مترسلاً وتقياً ورعاً واشتهر بتواضعه واتكلم هذا عن حس، كان احياناً في طريقه في شارع الرسول يأتي الى الحرم او الى الدرس يقف في الطريق وبكامل الترسل ويلاطف البسطاء من العمال والكسبة والضعفاء وكان عجيباً في رفض التكلف والديكورية وكان رحمه الله مشهوراً بالدعابة والابتسامة وحديثه دائماً يمتزج بالنكتة حتى في تدريسه يعني لما كان يدرس لم يشعر الطلبة بالملل ولا بالكلل واحياناً هو كان يتجاوز الوقت الطبيعي فلاترى احداً من الطلبة يتضجر لمتعة حديثه ومحتوياته العلمية واحياناً ممتزجة بالنكتة التي تحمل صفة المطايبة، مع كل هذا كان ذكياً وقوي الرأي وجاد وحاد وهذا الذي دفعه الثمن، نعم جاداً حاداً في مبادئه حتى اتذكر بعد وفاة المرحوم البروجردي اعلا الله مقامه سلطت الاضواء عليه للمرجعية في عرض مرجعية السيد الحكيم رضوان الله تعالى عليه لكن لأعتبارات على اي حال لم يتحقق ذلك. كان السيد الشاهرودي له شروط وله استحقاقاته التي ترتبط برأيه وبجديته، كان يود ان يعرف كميات الاموال أين ترد؟ كيف ترد؟ فيمن تصرف؟ طريقة صرفها؟ فهذا نتج عنه ثمن غال دفعه المرحوم الشاهرودي اعلا الله مقامه وطبعاً كنت اتردد عليه احياناً حتى في غرفته الخاصة وكنت اشاهد كيف ان بعض الاشخاص يأتون من مدن العراق او من الخارج ولديهم معضلة تتعلق بالارث، تتعلق بالصغير، تتعلق حتى بالشؤون السياسية ولم يجدوا حلاً عند غيره فكان هو رحمه الله سليطاً متسلطاً ويحل المشكل حتى ان بعضهم قال عجيب انا ذهبت الى فلان فلان فلان وما استطاع فهو رحمه الله من نبله ومن اريحيته رفض ان يكون في الحديث استضعافاً او استصغاراً لشخصية علمية اخرى في مجلسه، رفض ذلك وتكلم بحدة مع الطرف. 
على اي حال المرحوم الشاهرودي اعلا الله مقامه انا لا اغفل عن دوره ومساهماته في الحالة السياسية او في الموقف الجهادي في العراق، وقف وتضامن مع المرحوم السيد الحكيم (رضوان الله عليه) في بعض مواقفه مثلاً لما السيد المرحوم الحكيم افتى فتواه التاريخية في حرمة الانتماء الى الحزب الشيوعي والشيوعية كفر والحاد كان احد المراجع الذين تضامنوا معه بفتوى مماثلة اصدرها هو المرحوم السيد محمود الشاهرودي وهذا كله وانا اتكلم انا بنفسي عاشرته كان حريصاً على وحدة صف المراجع وان تكون كلمتهم واحدة، اتذكر جيداً سنة من السنين عنده في غرفته الخاصة ليلة عيد الفطر وطبعاً في العلن لم يثبت الهلال او لم يشتهر ثبوته فهو كان الهلال ثبت عنده وكان متيقناً ولكن لما كان يسأل كان يماطل في الجواب ولايجهر لينتظر رأي السيد الحكيم رضوان الله تعالى عليه ولما ثبت الهلال عند السيد الحكيم اعلن المرحوم الشاهرودي ثبوت الهلال عنده وصرح لخواصه بأنه قبل ذلك كان متيقناً ولكن احتراماً لرأي السيد الحكيم بأعتباره من حيث المراتب او من حيث الشهرة.
اشتهر المرحوم الشاهرودي (رضوان الله عليه) في زيارة الحسين (عليه السلام) مشياً على الاقدام، كان رحمه الله هو من المراجع المتأخرين، اصلاً من هو سن زيارة المشي؟ العلامة الحلي والمرحوم الميرزا النوري، الميرزا النوري صاحب مستدرك الوسائل استاذ الشيخ عباس القمي، الميرزا النوري هو الذي سن هذه السنة المباركة وتوفي فيها يعني سقوه السم، على كل فالعلامة الحلي ايضاً في الحلة فرض على طلابه تعطيل يوم الخميس ليذهبوا الى كربلاء لزيارة الحسين وهذه استمرت تتسع الى يومنا هذا، في الواقع الحجر الاساس لزيارة الحسين مشياً على الاقدام سنوها هؤلاء الاثنين العلامة الحلي والميرزا النوري اعلا الله مقامهما وقسم كبير من المراجع استمروا على ذلك الى هذا اليوم ومنهم المرحوم الشاهرودي رضوان الله تعالى عليه وكان يصل الى كربلاء وهو مغبر بدنه والتراب عليه ويدخل بتلك الحالة الى حرم ابي عبد الله الحسين وضجة تحدث بين الزوار لما يروا هذا السيد منحياً بهذا العمر وجاء بهذه الحالة.
توفي المرحوم السيد محمود الشاهرودي في النجف الاشرف في 17 شعبان المعظم عام 1394 هجرية وشيع تشيعاً مهيباً ودفن في الصحن الحيدري الشريف تغمده الله بواسع رحمته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة