ومن اوائل الصادقين الاوفياء للنبي والامام علي صلوات الله وسلامه عليهما هو الصحابي المعروف المقداد ابن الاسود الكندي والمقداد يكنى بأبي معبد والمقداد هذا هو من السبعة الاوائل السابقين للاسلام وكان النبي (صلى الله عليه وآله) يردد دائماً كلمته المشهورة "امرني الله بحب اربعة" امرني الله سبحانه وتعالى النبي يقول بحب اربعة، من هؤلاء الاربعة؟
علي بن ابي طالب وسلمان وابو ذر والمقداد، طبعاً هناك حديث آخر للنبي مشابه لهذا، النبي (صلى الله عليه وآله) يقول: "الجنة تشتاق لأربعة منهم المقداد ابن الاسود الكندي".
المقداد هو من المهاجرين يعني الصحابة منهم مهاجرين ومنهم انصار، المقداد من المهاجرين الاوائل وقد عذب في مكة وهو احد المهاجرين الى الحبشة في الدفعة الثانية والذين كان عددهم مئة وخمسة، تسعون من الرجال وخمسة عشر من النساء، المقداد رضوان الله عليه شهد اغلب المواقف مع النبي (صلى الله عليه وآله) من بدر واحد والخندق وخيبر وللمقداد موقفاً رائعاً وواضحاً يوم بدر حينما كان بعض المسلمين يتذمر خوفاً من المواجة وحباً للدنيا فصاح المقداد: يا رسول الله انا لا نقول لك كما قال اصحاب موسى لموسى اذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ ولكن نقول لك اذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا معكما مقاتلون.
طبعاًَ هذا الموقف بعث روح الحماس في نفوس اصحاب رسول الله وكشف الشعور الواهن والمتخاذل عند بعض الافراد الذين لاداعي لأن اسميهم، للمقداد موقف وفي مع الامام علي بن ابي طالب بالخصوص يوم الشورى، هو وفي للامام في كل الحالات ولكن يوم الشورى الثانية وبعد مقتل الخليفة الثاني عمر وقف المقداد موقفاً مدافعاً عن الامام علي واصطدم مع عبد الرحمن بن عوف وسعد بن ابي الوقاص اللذين اتهماه بأنه يريد الفتنة يعني هذه وتيرة انهم يفسدون في الارض، صدام كان كل من يعارضه كان يصفه بأنه عميل لأمريكا واخيراً كان هو العميل الاول لأمريكا، هذه وتيرة سار عليها الطواغيت قديماً وحديثاً، قالوا للمقداد انت تريد الفتنة فرد عليهم بصراحة قائلاً انما من دعا الى الحق واهله لا يكون صاحب فتنة ولكن من اقحم الناس في الباطل وآثر الهوى على الحق فذلك صاحب الفتنة والفرقة فأربد وجه عبد الرحمن بن عوف وانصرف عنه.
في الروايات ان المقداد كان يعيش عيشة بسيطة زاهداً في الدنيا بعيداً عن لذائذها، انقل حادثة في يوم شاهد المقداد الامام علياً واكتفى بالسلام عليه دون ان يكلمه شيئاً فتعجب الامام، لماذا؟ من عادته ان يرى الامام ويتكلم ويستفيد، فناداه الامام ما الذي الهاك عني با مقداد؟
فقال: سيدي عذراً اني محرج فلأقول لك، خرجت وانا لا ادري أين اضع قدمي من الارض لأني تركت اطفالي يتضارون جوعاً اذ كنت في سفر وما كان عندهم شيء.
الامام ابتسم وصاح: يا سبحان الله يا مقداد ان الذي اخرجك من دارك هو الذي اخرجني ولكني اقترضت ديناراً لأشتري به طعاماً فهاك خذه اليك.
تأمل المقداد وقال: يا ابا الحسن دعنا نتشارك به نصف لك ونصف لي.
فقال الامام: يا مقداد اني اكره الشركة خذه اليك فأخذه المقداد وانصرف.
وهنا يقول الامام علي استحييت ان ارجع الى الدار وليس في يدي شيء من القوت لأهلي فقلت في نفسي لأصلي خلف النبي صلاة الظهر فحضرت الى المسجد وصليت فلما فرغ النبي من الصلاة صاح من رأى منكم ابن عمي علياً؟
فقالوا انه: يا رسول الله في آخر الصفوف فأستدعاني.
ثم همس في اذني قائلاً: يا علي ان الله امرني ان اتغدى عندكم هذه الظهيرة، يقول الامام علي استجمعت قواي وقلت على الرحب والسعة: يا رسول الله فجأنا سوية الى البيت وانا في نفسي افكر.
ماذا نقدم للنبي (صلى الله عليه وآله) لغداءه وليس في البيت شيء، وان ما دخلنا البيت سلم النبي على ابنته فاطمة وقال بني ابوك ضيفك فهلا تأتيه بطعام، تقول الرواية وهي عن الامام الصادق عليه الصلاة والسلام ان الزهراء دخلت الى مخدعها (سلام الله عليها) والمخدع مكان خاص للصلاة، قديماً لم تذهب النساء الى المساجد وكانت هذه القاعدة مشهورة "مسجد المرأة بيتها" كان في البيت مكان خاص يسمى مخدعاً فصلت ركعتين مولاتنا فاطمة ثم رفعت يديها قالت: اللهم انك انزلت الموائد على آل اسرائيل فكفروا بها ونحن آل بيت نبيك لم نكفر بها، اللهم ان ابي ضيفي فأنزل علينا مائدة من السماء.
يقول الامام الصادق (عليه السلام): والله ما ردت جدتي فاطمة الى عنقها حتى انكشف السقف عن جفنة من البلور تفوح منها رائحة المسك والعنبر فجاءت الزهراء سلام الله عليها ووضعت ذلك بين يدي ابيها فتعجب الامام علي وقال: من أين لك هذا يا فاطمة؟
فأجابه النبي قائلاً: يا علي لا تعجب ان هذا عوض دينارك الذي اقترضته واعطيته للمقداد بن الاسود الكندي، يا علي انتم اكرم على الله من آل عمران يا آل محمد، طبعاً عندنا في القرآن الاية موجودة «وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ» هذه الفضيلة يرويها ائمتنا وننتزع منها عدة اشياء واهمها بساطة العيش الذي كان يعيشه رسول الله وهكذا الامام علي وهكذا اهل الكساء سلام الله عليهم، الشاعر يقول:
ومحمد عرش الملائك دونه
قدراً على خشن الحصيرة يرقد
وعلي ذو الثوبين يعطي قنبراً
اغلاهما وله الرخيص الاجرد
ترى حياة بسيطة وعادية النبي (صلى الله عليه وآله) كان لا يمتلك اكثر من ثوبين، الامام علي صلوات الله وسلامه عليه ما يمتلك الا ثوبين احدهم للصيف والاخر للشتاء وكان يصيح ولا اعددت لبالي ثوبي طمراً.
طيب النبي (صلى الله عليه وآله) وهو على الفراش يحتضر في جيبه سبعة دنانير يصيح الا وجدتم لها مستحقاً واهله منشغلين بمرضه ومتأثرين فجأة سألهم قالوا: يا رسول الله شغلنا بك.
قال: ماذا يقول محمد لربه لو مات وبقيت هذه الدنانير في جيبه، لا نستغرب لما المقداد بن الاسود الكندي يواجه الامام علي ويقول له: انا في سفر واهله لم يكن عندهم قوت واذا الامام بكل ابتسامة وبكل ترسل يقول له: الذي اخرجك من دارك هو الذي اخرجني، انا امامك، انا الذي تقتدي به انا كذلك مثلك خرجت لنفس السبب، هذا ما معناه؟ معناه ان الدنيا وبهرجتها لم تكن لها اي قيمة عند النبي والامام علي وهكذا النخبة الممتازة من اصحابهم وفي طليعتهم المقداد.
اذن هذا المقداد بن الاسود الكندي، هذه صلته مع النبي، هذا وفاءه مع الامام علي وهنا اذكر من باب يخرج الحي من الميت، الاية تقول: وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ، المقداد له ولد اسمه معبد انحرف عن خط والده والتحق بجيش اصحاب الجمل وقتل هناك ومر على مصرعه الامام علي ومعه عمار بن ياسر فشاهد الامام بين القتلى شاباً فقال الامام رحم الله ابا هذا كان معنا فقال: عمار يا ابا الحسن انا لا نبالي بمن عاند الحق والداً كان ام ولداً.
فقال الامام: جزاك الله يا عمار عن الحق خيراً.
توفي المقداد بن الاسود الكندي عام 33 هجرية ودفن بالبقيع تغمده الله بواسع رحمته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******