ومن الصادقين الذين اتحفوا التاريخ بصدقهم وامانتهم هو صديق الامام الصادق المرحوم عبد الرحمن بن سيابة الكوفي البجلي البزاز يعني مهنته كانت البزاز، هذا الرجل حظي بمكانة خاصة عند الامام الصادق والامام اهداه هدية، يعني هدية معنوية كبرى لأن الهدية مرة تكون مادية وهذه لها عمر لكن الهدية المعنوية تبقى مع الانسان وتبقى حتى ارثاً ضمن تراثه يستفيد من هذا الارث اولاده وتلاميذه، الامام الصادق عليه السلام اعطاه هدية معنوية علمه الدعاء وهو من اهم الادعية عند الائمة موجود هذا الدعاء في كتاب الباقيات الصالحات وهو هامش مفاتيج الجنان وهذا الدعاء واحة غنية بالمآثر والفوائد والتربية ومعالجة الهموم، دعاء يحتوي على كثير من المضامين ويبدأ الدعاء "الحمد لله ولي الحمد واهله ومنتهاه ومحله اخلص من وحده واهتدى من عبده ..." موجود قلت في المفاتيح في الحواشي في الباقيات الصالحات وطبعاً هذا السلوك موجود عند اهل البيت، النبي (صلى الله عليه وآله) اهدى ابنته فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) التسبيح المعروف بتسبيح الزهراء فاطمة او مثلاً لما رجع جعفر ابن ابي طالب من الحبشة والنبي استبشر بعودته فالنبي علمه او أهداه الصلاة المعروفة بصلاة جعفر الطيار ايضاً موجودة في المفاتيح، في هذا السياق يأتي الكلام عن هذا العبد الولي عبد الرحمن ابن سيابة، هذا عبد الرحمن ابن سيابة في الواقع لم نعثر على تاريخ ولادته ومكان ولادته لكن نواة ارتباطه بالامام الصادق بدأت من هنا، كيف؟
هذا الشاب هو قلت من اهل الكوفة، بجلي، كوفي، مات ابوه وهو في مقتبل العمر فيتحدث هو عن نفسه يقول مات ابي سيابة وما ترك لنا شيئاً نقتات به، يقول هذا الولد عن ايام بداية حياته يقول بعد وفاة والدي بأيام ونحن في حيرة كيف ندير امرنا طرقت الباب فخرجت فأذا برجل يترحم على والدي وقبلني وسألني انت ابنه؟
قلت: فأبدا حزنه وتأثره وعزاني بوفاة ابي، ثم سألني: هل ورثكم ابوكم شيئاً؟ هل ترك لكم مالاً او ارضاً؟
قلت: لا لم يكن عنده شيء نرثه.
يقول فأخرج هذا الرجل وانا لم اعرفه كيساً من المال وقال لي: بني هذه الف درهم احتفظ بها وتاجر بها ولك ربحها ثم ذهب وانا لا اعرف اسمه ولا مكانه ولا عنوانه، يقول عبد الرحمن تحريت عن عمل عن طريق امي وبالتالي اشتريت دكاناً صغيراً وجئت بحلل واقمشة وابيعها ورزقني الله خيراً كثيراً فجاء موسم الحج وشعرت انني مستطيع وعندي المال الذي يكفيني ان اذهب الى الحج وانا انظر الى الناس يذهبون الى الحج فأشتقت وذاكرت امي لكن امي اشترطت قالت: انا اوافق لكن بعد ان تعيد المبلغ لصاحبه قلت: انا لا اعرف أين هو فكيف اجده فأخذت الالف درهماً ووضعتها في كيس وكلما سعيت ان اعثر عليه لم احصله الى ان اخيراً عثرت عليه سلمت له الكيس وقلت له هذه امانتك فأبتهج الرجل من امانتي وحسن معاملتي بعد ذلك سافرت انا للحج وقضيت مناسك الحج ثم جئت الى المدينة لزيارة رسول الله (صلى الله عليه وآله) والصلاة في مسجد النبي ثم بعد ماصليت في مسجد النبوي وزرت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وانا في المسجد ارى الناس متجمهرة على احد فسألت فقالوا هذا هو الامام جعفر الصادق (سلام الله عليه)، يقول جئت واذا الازحام هذا يستفتيه وهذا يسأله والامام يحدثهم، يقول عبد الرحمن بن سيابة انا شاب جلست في الاواخر وانظر للامام من بعيد اتحسر بأنتظار ان احصل على فرصة لكي اسلم على الامام واقول له انا من أين وبعض المسائل صارت معي، يقول والنكتة هنا، يقول انا في هذه الدوامة في نفسي واذا الامام ترك الناس كلها والتفت الي من بعيد مبتسماً ثم اشار لي ان اتقرب اليه فدنوت منه فلما دنوت رحب بي كأنما يعرفني من قبل ثم قال لي: بني عندك حاجة؟
قلت له: مولاي انا اسمي عبد الرحمن بن سيابة ووالدي توفي فأذا بالامام يترحم على والدي وذكره بخير كأنه يعرفه ثم سألني الامام نفس سؤال ذلك الرجل صاحب الالف درهم، قال: ابوك ورث لكم شيئاً؟
قلت: لا فسألني الامام كيف جئت للحج.
فقلت: والله القضية هكذا، جاء رجل وطرق الباب وذكرت له القضية ولم اكمل بعد سألني الامام عن الالف درهم ارجعتها له؟
قلت: نعم رددتها اليه ففرح الامام وصاح احسنت احسنت نعم ما صنعت يابني ألا اوصيك بوصية!
قلت: نعم مولاي انا جئت لكي استمع نصائحك ووصاياك.
فقال لي الامام (سلام الله عليه): "عليك في الصدق في الحديث واداء الامانة فأنك ان فعلت ذلك شاركك الناس في اموالهم" ويقول اشار الامام بأصبعيه السبابة والوسطى: "فأن لازمت الصدق في حديثك واجتنبت الكذب ووفيت بالوعد واديت الدين بموعده ولم تأكل اموال الناس دفعوا اليك ما طلبت" يقول هذا الفتى عبد الرحمن بن سيابة بعد ذلك قال لي الامام: انظر يا بني احفظ عني هذا الدعاء، يقول الامام يقرأ هذا الدعاء الذي ذكرته في البداية، فقلت: ان شاء الله حفظته عنك مولاي.
ثم التفت لي وقال لي: يا بني عبد الرحمن "كيف بكم اذا بقيتم بلا امام هدى وعلم يتبرأ بعضكم من بعض فعند ذلك تميرون وتمحصون وتغربلون" يأتي زمان ليس لكم امام يعني يتامى، "ليس اليتيم الذي من مات والده ان اليتيم يتيم العلم والادب".
قال الامام: كيف اذا بقيتم بدون امام يقودكم واحدكم يتبرأ من الثاني وهذا دور امتحان الهي، يقول عبد الرحمن بن سيابة يقول: انا ودعت الامام والتزمت بنصائح الامام الصادق فحزت من الاموال ليسمعني الاخوة والاخوات، يقول التزمت بوصايا الامام الصادق ونصائحه من حيث الصدق في الحديث واداء الامانة والوفاء بالوعود، يقول التزمت بتعليمات الامام الصادق فحزت من الاموال والخير ما دفعت زكاته سنة واحدة ثلاثمئة الف درهماً يعني منشأ الثروة هذه الف درهم، انت احسب الزكاة 5/2 % يعني كم رزقه الله من الخير الذي زكاة سنة واحدة ثلاثمئة الف درهماً وبقي هذا الرجل على علاقة مع الامام الصادق لا ينفك عنه الى ان توفي رضوان الله تعالى عليه في عهد الامام موسى بن جعفر.
*******