وفي هذا الاختراق الجديد الذي يعزز الآمال في العثور على حياة غريبة في نظامنا الشمسي، كشفت البيانات التي جمعتها مركبة الفضاء كاسيني المتقاعدة التابعة لوكالة ناسا عن وجود الفوسفور، وهو عنصر أساسي لوجود الحياة، على قمر زحل.
ويقول العلماء، بشكل حاسم، إن الفوسفور ليس محاصراً في المعادن الصخرية بل هو ذائب في محيط الماء السائل للقمر على شكل ملح.
وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها العثور على الفوسفور في محيط خارج ذاك الموجود على الأرض، ما يمثل تطورا كبيرا في فهمنا لعوالم المحيطات الأخرى.
ويمثل إنسيلادوس أحد المرشحين الأكثر احتمالا للعثور على حياة قريبة من كوكب الأرض. وفي حين أن الجزء الخارجي مغطى بقشرة جليدية، يوجد تحته محيط عالمي يمكن أن يكون موطنا للحياة الفضائية.
ومن المعروف أصلا أن القمر إنسيلادوس لديه كسور طويلة تشبه الثعابين على سطحه الجليدي تقذف أعمدة ضخمة مكونة من حبيبات الجليد وبخار الماء إلى الفضاء.
وفي الشهر الماضي فقط، أعلن العلماء عن اكتشافهم عمودا "ضخما بشكل مدهش" من بخار الماء يتصاعد من القطب الجنوبي لإنسيلادوس ويمكن أن يكون علامة على الحياة.
وإنسيلادوس هو أحد المواقع القليلة في نظامنا الشمسي التي تحتوي على مياه سائلة، مثلها مثل الأرض وقمر أوروبا التابع لكوكب المشتري، ما يجعله هدفا مهما لعلماء الأحياء الفلكية.
ويقع هذا المحيط من المياه السائلة المالحة بين النواة الصخرية للقمر إنسيلادوس وقشرة الجليد البيضاء اللامعة التي تغطي سطحه، بسمك لا يقل عن 20 كم (12 ميلاً).
وبعض هذا المحيط ينبعث من سطح إنسيلادوس على شكل أعمدة ضخمة. وقد تمكن العلماء من فحص تلك الأعمدة لفهم المحيط نفسه بشكل أفضل، وفعلت هذا أيضا الدراسة الجديدة.
واستخدم الفريق في أحدث دراسة بيانات وردت من مهمة كاسيني التي حلقت حول زحل وإنسيلادوس، لمعرفة مكونات المحيطات.
ولم يعثروا على الفوسفور فحسب، بل أشارت البيانات إلى أنه يمكن أن يكون هناك تركيزات أكبر بما لا يقل عن 100 مرة من تلك الموجودة في محيطات الأرض.
وعلاوة على ذلك، تشير النمذجة المستندة إلى البيانات الجديدة إلى أن الشيء نفسه يمكن أن يكون صحيحاً بالنسبة لعوالم المحيطات الأخرى، ما قد يعزز فرص وجود حياة فضائية هناك أيضاً.
والفوسفور ليس دليلاً على الحياة في حد ذاته، ولكن وجود مركبات الفوسفور في الماء على الأرض أمر بالغ الأهمية للنشاط البيولوجي، ولذا فهو جزء أساسي من تقييم ما إذا كان العالم البعيد قادراً على دعم الحياة هناك.
جدير بالذكر أن الفوسفور يدخل في تركيب الفوسفات، وهو عنصر يوفر ربع جميع العناصر الغذائية التي تحتاجها النباتات لنموها وتطورها، وهو ضروري أيضاً لإنشاء الحمض النووي الريبوزي المنقوص الأكسجين (DNA) والحمض النووي الريبوزي (RNA) والأدينوسين الثلاثي الفوسفات (ATP)، الناقل العالمي للطاقة في الخلايا.
وإنه أيضاً أحد العناصر الستة اللازمة للحياة، إلى جانب الكربون والهيدروجين والنيتروجين والأكسجين والكبريت.