وقال "شيرزاد عبدالرحمن طاهر"، الأمين العام لمجمع القرآن الكريم، إن ناسخ هذا المخطوط هو ياقوت المستعصمي، المتوفى عام 696هـ، والملقب بقبْلة الكُتاب، وهو خطاط شهير وكاتب وأديب من أهل بغداد، رومي الأصل، من مماليك المستعصم بالله، آخر خلفاء العباسيين، ويعد المستعصمي علامة فارقة في تاريخ الخط العربي، بعد ابن مقلة وابن البواب، خط عدداً كبيراً من المصاحف، من بينها هذا المصحف النادر الذي يعود إلى أواخر القرن السابع الهجري، وتحديداً في شوال من عام 681 هجرية.
وأضاف أن هذه النسخة من المصحف الشريف من مكتوبات القرن السابع، ولاتزال تحافظ على أصل مادتها ونضارة ورقها ورشاقة حبرها وإضاءة زخرفتها، فلم تتعرض للأرضة أو الرطوبة، ولم تتفكك أو تتمزق بفعل الأيام، بل يحسبها متفحصها مما خطته يدُ الأمس، لكنها أصيبت بقليل أثر من رطوبة ظهرت في بعض أوراقها، من غير تأثير في مادة الورق أو الخط، وإنما أثرت في الحبر يسيراً.
وانتقلت هذه النسخة الشريفة من العراق، حيث كان يقيم ناسخها ياقوت المستعصمي، إلى بلاد التُرك، ثم مازالت متنقلة بين أيدي المعتنين تكلؤها عين الرعاية، حتى وصلت بعد قرون إلى الخزانة الحميدية في أوقاف السلطان عبدالحميد خان بن السلطان أحمد، فانتقلت بين خزانتي بغداد وإسطنبول، واستقرت في المكتبة السليمانية في إسطنبول.
وذكر أن المستعصمي اعتمد مذهب الكوفيين في عدد آي القرآن في كل السور، ولم يسلك مسلك البصريين والشاميين والمدنيين والمكيين إلا حال الاتفاق مع الكوفيين، وسمى المستعصمي بعض السور بغير أسمائها المشتهرة في المصاحف، مثل سورة {فاطر} سماها بالملائكة، وسورة {غافر} سماها سورة الطول، وسمى سورة {الزلزلة} بسورة الزلزال، واختار لسورة {البينة} من أسمائها {لمْ يكُن}. أما التصنيف المكي والمدني للسور فلم ينص الناسخ عليه في كل سورة، وإنما اختار بعض السور فذكر مدنيها من مكيها.
ويحوي مجمع القرآن الكريم عدداً كبيراً من المقتنيات الأثرية النادرة والرقوق والمصاحف القديمة والتي تعود إلى القرون الهجرية الأولى وما يليها وتعود إلى مناطق ودول وأقاليم شتى من الشرق والغرب، وجل هذه المقتنيات النادرة هي من إهداءات الشيخ سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، والذي يولي مجمع القرآن الكريم رعاية واهتماماً كبيرين.