وتعدّ سورة "الانشقاق" إحدى السور المكية وتقع في الجزء الثلاثين من المصحف الشريف، ويبلغ عدد آياتها 25 آية، أمّا ترتيبها وفق الرسم القرآني فهي السورة الـ84، وترتيبها وفق نزول السور على رسول الله (ص) فهي السورة الثالثة والثمانون.
ولقد تم تسمية السورة بـ"الانشقاق" وهو اسم مشتق من الفعل "انشق" الذي تم ذكره في أول آية من السورة: (إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ)، (سورة الانشقاق: الآية رقم 1)، وكلمة الانشقاق تعني وتدل على (الانفطار) وهي الكلمة التي ذُكرت في (سورة الانفطار) وتُعتبر من الأهوال المتعلقة بيوم الساعة.
وتتحدث عن علامات القيامة وما سيحدث من أحداث مروعة في نهاية العالم، وعن ما ستؤول إليه عاقبة كل من الصالحين والمجرمين، كما أنها توضح ماهية الأعمال والعقائد التي تجرّ الإنسان إلى سخط الله وخلوده بالعذاب مهاناً، وتتعرض لمراحل سير الإنسان في حياتيه (الدنيا والأخرة)، كما تتطرق الى جزاء الأعمال الحسنة والسيئة.
ويعتبر المفسر الايراني الكبير الراحل العلامة الطباطبائي في تفسير الميزان أن المحاور الرئيسية في السورة هي التذكير بيوم القيامة، وجهود الانسان للقاء ربه، ومحاسبته بناءً على الأعمال التي فعلها في الدنيا.
وتتناول مقاصد سورة الانشقاق الحديث عن الأهوال العظيمة التي سيشهدها الناس في يوم القيامة، كما تصوِّر التقلُّبات المخيفة التي ستصيبُ الكون الشاسع كله في ذلك اليوم الحقِّ، ومن مقاصد سورة الانشقاق أيضًا أنَّها تتحدثُ عن الإنسان الذي يكدُّ ويسعى للحصول على الرزق ويشقى في سبيل ذلك، وفي نهاية أمره يلاقي في الآخرة إمَّا عذاباً وإما ثواباً، وذلك وفقَ أعماله التي قدمها لنفسه في دنياه.
ومن مقاصد السورة أيضاً أنَّها تبيِّنُ كيف يقفُ الكفَّار من القرآن الكريم موقفًا مكذِّبًا بآيات الله، وتؤكدُ أن مصيرهم يوم القيامة العقاب الشديد من الله تعالى بسبب جحودهم وكفرهم، وقد وجَّهت لهم الآيات وعيداً شديداً وتوبيخاً مخيفاً.
وتشير سورة "الانشقاق" في الجزء الأول إلى قيام الساعة، وتذكر أن للانسان سيراً إلى ربه حتى يلاقيه فيحاسب على ما يقتضيه كتابه وتؤكد القول في ذلك والغلبة فيها للانذار على التبشير، كما تصور في الجزء الثاني ظاهرة الشفق التي تمثل نهاية اليوم، وكذلك تقارن مسار حركة الإنسان وجهده بحركة الليل والنهار، وتغيرات القمر خلال ثلاثين يوماً وتذكّر الإنسان بأنه يخضع لأمر الله كالقمر والشمس.