وتعدّ سورة المطففين المباركة إحدى السور المكية وتقع في الجزء الثلاثين من المصحف الشريف، ويبلغ عدد آياتها ستا وثلاثين، أمّا ترتيبها وفق الرسم القرآني فهي السورة الـ83، وترتيبها وفق نزول السور على رسول الله (ص) فهي السورة السادسة والثمانون.
وسمّيت سورة المطففين بهذا الاسم لافتتاحها بقول الله تعالى: (وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ) ويُقصد بالمطففين هم الذين يعمدون إلى الغشّ في الميزان والمكيال والتباخس فيه؛ وذلك بالزيادة فيه حال اقتضوا من الناس، والنقصان منه حال الكيل والوزن لهم.
وتتحدث الآيات الأولى إلى الثالثة من هذه السورة عن الأوامر الدينية المتعلقة بالغشّ في الميزان والمكيال وعدم إعطاء الناس حقهم في البيع والشراء، كما تؤكد أن هذا العمل محرم ويعتبر من أكبر الذنوب.
وتتحدث السورة أيضاً عن التحذير والإنذار الشديد للمطفّفين، كما تُشير إلى أنّ منشأ الذنوب الكبيرة إنّما يأتي من عدم رسوخ الإيمان، وعن آثار الاستهزاء في الحياة الدنيا، وانعكاس الحال في يوم القيامة، وتعرّضت السورة لجوانب عديدة كعاقبة «الفجّار» في ذلك اليوم العظيم، وما ينتظر المحسنين في الجنّة.
ومِن أهمِّ الموضوعاتِ الَّتي اشتَمَلَتْ عليها السُّورةُ هي "التَّحذيرُ مِن التَّطفيفِ في الكَيلِ والميزانِ، وتوَعُّدُ المطَفِّفينَ، وتذكيرُهم بيَومِ البَعثِ والحِسابِ والجَزاءِ"، و"بيانُ سُوءِ عاقِبةِ الفُجَّارِ، وحُسنِ عاقِبةِ الأبرارِ وبيانُ أنَّ صَحائِفَ أعمالِ الفُجَّارِ فى أسفَلِ سافِلينَ، وصَحائِفَ أعمالِ الأبرارِ فى أعلى عِلِّيِّينَ"، و"ذِكرُ ما كان يَفعَلُه المُشرِكونَ مع المؤمِنينَ مِن استِهزاءٍ وإيذاءٍ"، و"تبشيرُ المؤمِنينَ بأنَّهم يومَ القيامةِ سيَضحَكونَ مِن الكُفَّارِ كما ضَحِكَ الكُفَّارُ منهم في الدُّنيا".
وقد جاء في هذه السورة أن الكفار لا يؤمنون بيوم الدين والآخرة، ويستهزئون بالمؤمنين كما تشير الآية الـ12 من هذه السورة "وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ" الى هذا الموضوع.
وكتب المفسر الايراني الكبير للقرآن "العلامة الطباطبائي" في تفسير هذه الآية: "المانع الوحيد الذي يمنع الإنسان من ارتكاب المعاصي والذنوب هو الإيمان بيوم القيامة، ومن غمر في الشهوات ويميل قلبه إلى المعاصي فهو ينكر يوم القيامة".