وتحدّثت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عن إغلاق الوكالة الدولية للطاقة الذرية الملفات التي تتصل بأنشطة إيران في "مريفان و"فوردو"، قائلةً إنّ ذلك "عزّز الشرعية الأمريكية لاستئناف المفاوضات"، لافتةً إلى إنّ "مؤشرات واردة كثيرة عن اتصالاتٍ كهذه بوساطة سلطنة عُمان".
وقبل أيام، أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إغلاق التحقيق في المنشأة النووية "المشتبه فيها" في إيران، والتي تحدث عنها رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو في خطاب ألقاه في أيلول/سبتمبر 2019.
وفي تقرير جديد وزّعته على أعضاء أمناء المنظمة، ذكرت الوكالة أنّ "إيران قدّمت تفسيرات محتملة لجزيئات اليورانيوم التي تمّ العثور عليها في موقع "ماريفان غير المعلن عنه في جنوب طهران"، مشيرةً إلى أنّه ليس لديها أسئلة مفتوحة بشأن هذه المسألة.
وتعليقاً على ذلك، قال معلّق الشؤون الاستخبارية، يوسي ميلمان، إنّ إغلاق الوكالة الدولية في المنشأة النووية - مريفان - في إيران شكّل ضربةً لـ"إسرائيل" التي "ساهمت استخباراتها ودول أخرى في نقل المعلومات إلى الوكالة".
وبحسب ميلمان، فإنّ ذلك "يمنح أيضاً شرعية للولايات المتحدة ولدول الغرب في حثّ الاتصالات بشأن تحريك الاتفاق النووي لعام 2015، الذي من المتوقع أن تنتهي صلاحية بعض بنوده بعد نحو عامين"، وأكد أنّ "شرعنة الوكالة الدولة للطاقة النووية لإيران يضع إسرائيل في موقفٍ دوني".
وزعم ميلمان، قائلا: "صحيحٌ أنّه لم توجد أدلة قاطعة وواضحة على أنّ إيران لديها برنامج عسكري سري في المجال النووي منذ 2003، لكن لا شك في أنّها راكمت من خلال السنوات ما يكفي من المعرفة وأجهزة الطرد المركزي المتطورة من أجل تخصيب اليورانيوم بمستوى انشطاري".
وأردف قائلاً إنّ "البرنامج النووي الإيراني موجود في مرحلة متقدّمة جداً"، ورأى أنّ "العمليات التي نُسبت إلى الموساد وأمان (الاستخبارات الإسرائيلية) نجحت في العرقلة أو التشويش على برنامج إيران النووي، لكنّها لم تردع طهران عن المواصلة، وربما زادت من تصميمها".
وفي هذا السياق، أكّد معلّق الشؤون الاستخبارية: "ليس لإسرائيل قدرة عسكرية ذات جدوى للعمل بصورة مستقلة ومهاجمة المنشآت الإيرانية"، لافتاً إلى أنّ "إسرائيل، إذا قررت رغم هذا المهاجمة وحدها في إيران، فسيكون عليها أن تأخذ في الحسبان الثمن الباهظ الذي سيدفعها الإسرائيليون في إطار معركة متعددة الساحات ستبدأها إيران وسوريا ولبنان وقطاع غزة".
وفي ختام حديثه، وصف ميلمان تشجيع نتنياهو الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب على الانسحاب بصورة أحادية من الاتفاق النووي في السابق، بـ"القرار الغبي وعديم المسؤولية، ففي النقطة الزمنية الحالية، من الصعب تخيّل سيناريو توافق فيه إيران على إعادة برنامجها إلى المكان الذي كان فيه عام 2015".
كذلك، كتب الصحافي الإسرائيلي باراك رافيد، تعليقاً على قرار الوكالة الدولية للطاقة، قائلاً إنّ "هذا القرار يشكّل ضربةً قاسية لإسرائيل، لأنّ المعلومات التي قدّمتها أدّت إلى فتح التحقيق، كما يغلق القرار أحد أهم التحقيقات المفتوحة ضد إيران في السنوات الأخيرة".
والمنشأة المعروفة باسم "ماريفان" - جنوب أصفهان - كانت، وفقاً لمزاعم "إسرائيل"، مرتبطة بـ"برنامج أسلحة نووي إيراني".
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أنّ إيران "سجّلت انتصاراً مهماً في تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في الوقت الذي تضغط إسرائيل على العالم لممارسة ضغط إضافي على إيران".
وقال معلّق الشؤون العربية في قناة "كان" الإسرائيلية، عميحاي شتاين، إنّ "الإسرائيليين كانوا يعتقدون بأنّ هذه هي اللحظة المناسبة للضغط على إيران، لكنّ وكالة الطاقة الذرية قامت بخطوة معاكسة".
قلق إسرائيلي من التقدّم في المحادثات النووية
وفي موازاة هذا القلق الإسرائيلي من التوصل إلى اتفاق بين واشنطن وطهران بشأن الاتفاق النووي، تناول الإعلام الإسرائيلي آخر التطورات بشأن المحادثات النووية، إذ تحدّث محلل الشؤون العسكرية في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئل، عن أنّ "التفاهمات المطروحة من المفترض أن تتضمن موافقة إيرانية على وقف تخصيب اليورانيوم إلى مستويات عالية في مقابل تخفيفٍ في العقوبات".
وأضاف هرئل أنّ "التقديرات في إسرائيل أنّ اتفاقاً يمكن أن يتبلور في غضون بضعة أسابيع"، موضحاً أنّ "الاتصالات بين الولايات المتحدة وإيران، في محاولة للتوصل إلى تفاهمات حول البرنامج النووي الإيراني، تقدّمت في الأيام الأخيرة بصورة مهمة".
وقال إنّ "المؤسستين الأمنية والعسكرية في إسرائيل لديهما انطباع بأنّ الأمور تتجه بوتيرة أسرع، ومن المتوقع أنّ من الممكن أن يتوصل الطرفان إلى توافقات في غضون أسابيع معدودة".
وأوضح أنّ "على جدول الأعمال تفاهمات من المفترض أن تتضمن موافقة إيرانية على وقف تخصيب اليورانيوم بمستويات عالية". وفي المقابل، "تتوقع طهران تخفيفاً في العقوبات الدولية التي تقودها الولايات المتحدة ضدها"، مشيراً إلى أنّ "الحديث، في المرحلة الأولى، كان عن تحرير نحو 20 مليار دولار من الأصول الإيرانية المجمّدة في حساباتٍ مصرفية في الخارج - في كوريا الجنوبية والعراق وصندوق النقد الدولي".
وبيّن هرئل أنّ "إيران أطلقت في الأيام الأخيرة، كجزء من خطوات بناء الثقة بين الطرفين، سراح 3 سجناء غربيين كانت تحتجزهم"، في المقابل، "أُطلق سراح دبلوماسي إيراني مسجون في بلجيكا منذ عامين".
وفي أواخر شهر أيار/مايو الماضي، تحدث الإعلام الإسرائيلي عن وجود مخاوف لدى الاحتلال من اتفاق نووي مرحلي بين إيران والغرب.
وبحسب مراسل الشؤون السياسية في قناة "كان"، ميخائيل شتاين، فإنّ "الخشية الكبرى هي أنّه نوع من اتفاق مرحلي، أي بمعنى اتفاق يبقي بحوزة إيران قدراتها النووية ويثبت الإنتاج الحالي"، لافتاً إلى أنه "في مقابل ذلك، الولايات المتحدة ترفع جزءاً من العقوبات. وعملياً تمكن إيران من الازدهار الاقتصادي مرةً أخرى أيضاً من الجانب الأميركي والأوروبي".
كذلك، قال مصدر سياسي لصحيفة "إسرائيل هيوم" الإسرائيلية إنّ "الاتفاق المتبلور بين الولايات المتحدة وطهران للرقابة على تخصيب اليورانيوم، إلى جانب التقارير عن استمرار تخصيب اليورانيوم في إيران، وإغلاق الوكالة الدولية للطاقة النووية لملف مريفان، يزيد الاستنفار في إسرائيل"، مضيفاً أنّ إغلاق هذا الملف قد تكون له تداعيات خطرة على "إسرائيل".
يُشار إلى أنّ المحادثات بشأن إعادة إحياء الاتفاق الخاص ببرنامج إيران النووي استؤنفت في 4 آب/أغسطس الماضي في فيينا، وشهدت مشاركة غير مباشرة من جانب واشنطن.
وتعثّرت المحادثات الهادفة إلى إحياء الاتفاق النووي بسبب عدم اتفاق الولايات المتحدة وإيران على النص النهائي للاتفاق الذي قدمه الوسيط الأوروبي.
ومنذ بداية إحياء الاتفاق النووي، تشدّد طهران على 4 قضايا أساسية، هي: الضمانات بعد انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق النووي، ورفع العقوبات عن إيران، والتحقق من حدوث هذه الأمور، وإغلاق ملف الادعاءات السياسية للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
المصدر: وسائل إعلام إسرائيلية