ومن الصادقين والشهداء المتفانين في خدمة ابي عبد الله الحسين (عليه السلام) بالذات هو سليمان بن قيس المكنى بأبي رزين وهذا سليمان يمكن اعتباره اول شهيد في واقعة الطف.
طبعاً المألوف والمشهور عند الناس وعند الخطباء ان اول شهيد لواقعة الطف هو مسلم بن عقيل (سلام الله عليه) وكذلك المشهور والمألوف ان اول رسول للحسين (عليه السلام) هو مسلم بن عقيل ولكن في الواقع مسلم بن عقيل (سلام الله عليه) افضل رسل الحسين وسيد الشهداء من غير اهل البيت في واقعة كربلاء لكن من حيث الرسالة هو افضل هؤلاء الرسل الاربعة الا انه الرسول الرابع فيمكن القول بالنتيجة هكذا ان اول شهيد في واقعة الطف او في قضية الحسين (عليه السلام) هو هذا رسوله الاول وهو سليمان بن قيس الذي كان يكنى بأبي رزين.
طبعاً الاسم او الكنية احياناً كانت تستخدم للايهام على الخصم او العدو او تدخل في باب التقية، كانت مراسلات الحسين (عليه السلام) مع العديد من الشخصيات الوالية او المعادية السياسية، الاجتماعية لما يرد فيها اسم هذا الرسول، رسول الحسين الاول يرد بهذا العنوان ابو رزين ولاندري ان كانت هذه الكنية رمزية او هي كنية هذا الصحابي الشهيد سليمان ابو رزين، طبعاً سليمان الذي يكنى بأبي رزين سوابقه الجهادية سوابق عالية وكبيرة جداً وموقفه المناصر لأبي عبد الله الحسين هو وليد تلمذه على يد الامام علي بن ابي طالب صلوات الله وسلامه عليه وفي الواقع كما يقول الشاعر:
وابي نعم المربي
قال لي الله ربي
فلما كان انسان يعيش مع الامام علي ويستلهم منه قلب المعرفة وجواهر الحكم ليس بغريب ان تكون نهايته الشهادة بين يدي ابي عبد الله الحسين عليه الصلاة والسلام.
انا بودي ان اشير الى نكتة هذا الرجل الصحابي او الشهيد سليمان ابو رزين هو الولد الرابع لوالديه، عائلته وابواه كانا نصرانيين من النصارى ولا يذكر التاريخ ان هناك رائحة توجد في هذه العائلة رائحة الولاء لأهل البيت لكن لا نغفل عن قوله سبحانه وتعالى: «يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ» اخوانه الثلاثة التاريخ يذكر انهم كانوا اما محايدين او اما معادين لأهل البيت بحكم التيار الحاكم آنذاك وتعلمون ان الناس على دين ملوكهم كما يقال لكن هذا الولد الرابع كيف انتشله الحظ او اشارة من الغيب او امه اثناء حمله ربما تناولت طعاماً غير طعام اولئك، على كل كل هذه الاسباب دخيلة وبالتالي شاء الله سبحانه وتعالى لهذا الشاب ان يكون تلميذاً للامام علي بن ابي طالب، سليمان ابو رزين.
المعتقد هكذا انه ربما سمع من الامام علي بعض الكلمات او الاشارات عما سيمر به ولده الحسين صلوات الله وسلامه عليه، انا لما امر بذكر هذا البطل الشهيد يمر على ذهني يعني يتداعى الى ذهني موقف عدي بن حاتم الطائي هذا الرجل الوفي للامام علي بن ابي طالب لكن عنده اولاد اربعة، ثلاثة جاهدوا بين يدي الامام امير المؤمنين ولكن الرابع راح مع معاوية وقاتل بين يدي معاوية وقتل بينما اخوانه الثلاثة استشهدوا بين يدي امير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه، لا نعرف ما وراء ذلك من الاسرار وكيف ان يد الغيب او ما نسميه نحن بالتوفيق الغيبي الذي ساق هذا الى ذلك المصير والثلاثة الى مصير معاكس وبالتالي كلنا نموت وكلنا ننتهي والخلود لله ولكن نريد من الله سبحانه وتعالى، نطلب من الله، ندعو الله ان يعطينا النهاية الحلوة التي اصاب بها وظفر بها ثلاثة من اولاد عدي بن حاتم الطائي وظفر بها الولد الرابع لقيس وهو سليمان اول شهيد في قائمة شهداء واقعة كربلاء.
طيب كيفية استشهاد هذا البطل وما هي الصورة التي استشهد فيها؟ في الواقع سبقت سفرة الحسين (عليه السلام) عدة امور احدى هذه الامور او من اوائل هذه الامور هي ان الحسين صلوات الله وسلامه عليه من باب القاء الحجة على كل الاطراف الاجتماعية والسياسية والقبلية عمل الحسين مراسلات، ذلك اليوم البصرة كانت فيها اعداد من الموالين لأهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم وان كان، انا انوه وان كان كانت البصرة، في ذلك اليوم العراق عراقان البصرة والكوفة لاالكوفة التي في الخارطة الان هي وانما الكوفة بخارطتها التي تمتد الى واقصة والى ذي قار، الناصرية والسماوة ومن هنا تنتهي الى ضفاف نهر الفرات يعني صوب راوة هذا كله يطلق عليه كوحدة ادارية الكوفة، هذه كانت تعتبر منطقة شيعية علوية بينما البصرة بالمقابل كانت تعتبر عثمانية آنذاك لأن ذاك اليوم لم تكن مذاهب وانما المسلمون على اتجاهين اما صوب معاوية فهم عثمانيون واما صوب امير المؤمنين فهم علويون فالبصرة كانت تحمل هذا الطابع وطبعاً ذلك اليوم، اليوم مدينة البصرة قلعة من قلاع الولاء لأهل البيت يعني نلاحظ بعد سقوط هذا الظالم العدو للاسلام ولأهل البيت نلاحظ اطول سفرة طعام في تاريخ العالم هي سفرة الحسين (عليه السلام) التي تمتد اربعمئة وخمسين كيلو متراً ايام الاربعين، ايام عاشوراء من البصرة وهكذا الى الكوفة يميناً وشمالاً مآدب الطعام ممتدة لزوار ابي عبد الله الحسين، قطار من آلاف البشر من البصرة الى كربلاء تتحرك لزيارة الحسين فلم توجد سفرة طعام في العالم كهذه السفرة التي تمتد اربعمئة وخمسين كيلو متراً، انواع الطعام ومن اجود الطعام وكل يترجى الزوار ان يأكل من هذا الطعام، البصرة اليوم هي احدى مدن الولاء لأهل البيت واحدى المدن التي تعاني غضب اعداء اهل البيت، الحسين عليه الصلاة والسلام لألقاء الحجة على من نسميهم رؤساء الاخماس آنذاك يعني الشيوخ الكبار عمد البلد، من هؤلاء؟ الاحنف بن قيس، المنذر بن جارود وعبيد الله بن زياد، الحسين (عليه السلام) ارسل اليهم رسالة ارسلها بيد سليمان هذا االبطل لأنه صحابي وثقة عند ابي عبد الله الحسين لكن وصل رسول الحسين وادى الرسالة لهؤلاء وطبعاً كل منهم اجاب الحسين بالطريقة التي يرتئيها لكن الذي حدث ان هذا نزل ضيفاً عند المنذر بن جارود، المنذر بن جارود اراد وسيلة يتقرب بها الى ابن زياد الذي كان ذلك اليوم والياً على البصرة، قدم له طعاماً ونام، في الليل اخبر ابن زياد فجاء جلاوزة ابن زياد واخذوه ولااعرف هل هذا من العرب؟ محال ان يقوم عربي بغدر ضيفه بهذه الصورة الغادرة لكن يريك الدهر من العجائب، اخذ الجلاوزة سليمان وشاهد الناس فجأة منظراً بشعاً وهو في ساحة من ساحات البصرة الكبيرة واذا بسليمان ابو رزين مصلوباً منكوساً يعني رجليه الى فوق ورأسه الى الارض ومكتوب عليه ان هذا جاء لنشر الفتنة وشق كلمة المسلمين.
هكذا كانت نهاية حياة هذا البطل المجاهد الذي احزن الحسين (عليه السلام) استشهاده، أسأل الله لهذا البطل الصحابي الشهيد افضل درجات الرحمة والرضوان والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******