ومن اعلام الصادقات المتفانيات بحب اهل البيت المرحومة العابدة المؤمنة المعروفة بشطيطة، طبعاً المؤرخون ما يكتبون الكثير من احوالها ولا تاريخ ولادتها ولا تاريخ وفاتها لكن من القرائن الواضحة انها عاصرت امامين من الائمة ولربما اكثر الله العالم لكن ما هو مروي انها عاصرت امام الصادق والامام الكاظم (سلام الله عليهما) وكانت هذه المرأة معروفة بحياتها البسيطة وعيشها المختصر يعني المتقصد.
اشتهرت هذه المرأة بقضية واصبح مثلاً، هذه القضية صارت مثلاً ربما نستعمله الى زماننا هذا، انا جالس عند المرحوم استاذنا الوائلي رحمه الله واحدهم دفع له مالاً بسيطاً جداً لمساعدة لأمر خيري فكان يعتذر، المرحوم الوائلي قال له: لا هذا درهم شطيطة، هذه الكلمة من الشيخ الوائلي جعلتني ابحث من هذه شطيطة وما هي قضية الدرهم؟ كأنه بعض الناس انه يغش ويستغل وبالجشع وبالطمع يجمع المال والمال خليط فأذا ادى الخمس كل المال صار حلالاً نعوذ بالله من هذا التفكير، لا يعني اعطاء الخمس دليل على تدين الفرد ربما له غرض، هذا عامل آخر، احدهم يأتي لي بأخماس وانا عالم مثلاً اكتب له وصلنا من المؤمن التقي كذا، من اين كان مؤمناً تقياً؟ لأنه اعطاني؟ لا بينما هذه عند الائمة لم ترد، الائمة سلام الله عليهم لما تأتيهم الاموال لأن كان عندهم جباة خصوصاً في عهد الامام الصادق الذي صار وجوداً للتشيع واتساع وصار للشيعة اسواق صيرفة ومناطق تجارية مثل الكوفة، مثل قم واماكن اخرى فكان للائمة جباة يجمعون لهم المال، لما يأتي الجابي ويخرج الاكياس، في كيس مليون وفي كيس درهم بطبيعة الحال لو انا وامثالي نأخذ المليون ونترك الدرهم اما الائمة، انا دائماً على منابري اقول لانقيس انفسنا بالمعصومين، المعصومين لهم حساب خاص، الائمة ليهمهم ان يكون درهماً او مليون بقدر ما يهمهم من هو المعطي وماهي مصادر امواله ولذلك قرأنا وسمعتم على المنابر ان الجابي لما يأتي للامام الحسن العسكري يقول له: قف كم هذه؟
قال: عشرين الف درهماً.
قال: ممن؟
قال: من فلان.
قال: ارجعها له.
فقال: يابن رسول الله هذا سمان.
قال: هذا يغش السمن، ارجعها له! بينما انا؟
هذه الحالة وردت في عصر الامام الصادق وعصر الامام الكاظم (سلام الله عليهما) وهنا اشتدت السطوة في عصر الامام الرضا، كان الائمة لما يأتي الجابي يسأل اولاً من أين هذا المال؟ من هو صاحبه؟ ما هو مكسبه؟ ما هي مصادر امواله؟ ما هي درجات احتياطاته؟ هنا يأتون بأستفتاءات ويأتون بأموال فرفض الائمة بعض الاموال دون اخذ النظر بكمياتها، الامام الكاظم (سلام الله عليه)، نأتي الى درهم شطيطة الذي الشيخ الوائلي فجر هذا في ذهني وذهبت ابحث عنها ماهي؟ ما هو هذا الدرهم؟ لاحظت في مصادرنا وكتبنا ان الامام الكاظم (سلام الله عليه) وفد عليه احد جباته كان ذاهباً الى نيشابور، اخرج الهميان واخذ يفتح الجيوب واخرج حوالي خمسة مبالغ وهي في تفاوت، احد هذه الخمسة بسيط وهو درهم، لمن الدرهم؟ لشطيطة، اول ما قدم مبلغاً كبيراً، قال له: ارجعه لأنه يتلاعب بالمكيال ولا يتورع في الميزان، الله اكبر! ان شاء الله يسمعني الكسبة والتجار.
فتأمل الجابي فقال له: الامام انه يتلاعب بالمكيال، بعد ذلك اخرج مئتي درهم من نجار فقال هذه ارجعها ايضاً لأن هذا يعمل وبقية الاخشاب لا يرجعها الى صاحبها فيقول: هذا الجابي تعجبت ان الامام هو في المدينة المنورة من أين له الخبر، هذا في القرية الفلانية هكذا يعمل، هذه مسألة حديثها يأتي منفصلاً، يقول في هذه الاثناء والامام يتأمل بالمبالغ يرد هذا ويقبل هذا قال لي: أين درهم شطيطة؟ سبحان الله!
يقول: اخرجت الدرهم، الامام فتح الصرة التي فيها الدرهم واذا قطعة قماش صغيرة اهدتها شطيطة، حاكتها بنفسها، بيدها من خالص حلال مالها وقيمتها تساوي اربع دراهم ارسلتها هدية للامام موسى بن جعفر فلما رأى الامام الهدية واخذ الدرهم، يقول: هذا الجابي رأيت الامام ينظر بتأمل الى هذه الهدية.
ثم قال لي: انت تعرف مكانها، هذه المرأة؟
قلت له: بلى يا مولاي.
فقال: اذا اردت الذهاب ارسل معك صرة لها، تقول الروايات، طبعاً الائمة يعملون بمبادئ القرآن: «وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا» على الاقل، اذا قال لك احد سلام عليكم قل له: وعليكم السلام ورحمة الله.
بعضهم يجيب السلام ولا يقول: عليكم، «فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا» فالامام موسى بن جعفر ارسل صرة بيد هذا الجابي فيها اربعين درهماً، استلم ذلك الدرهم اجراءاً للحكم وللقاعدة الشرعية لكن الامام ارسل لها اربعين درهماً وقطعة من القماش حاكتها اخته حليمة، حليمة بنت الامام الصادق وكان قطنه من مزرعة الامام الصادق بالابواء، انظر الى أين تنقلنا الرواية، الى اي اجواء؟ الابواء كانت مزرعة للامام الصادق يزرع فيها، بقيت هذه المزرعة، احدى منتوجاتها القطن، اخت الامام حليمة غزلت هذا القطن وحاكته، الامام ارسل قطعة القماش التي هي من نسيج اخته حليمة وقطنها من مزرعة الامام الصادق ارسلها الى شطيطة.
ماذا فعلت شطيطة؟ لما وصلت لها، بقيت عندها هذه القطعة وكانت تحبها لأنها هدية من الامام فكانت تعتز بها ولما توفيت شطيطة وجدوا في وصيتها ان تلف بهذه القطعة من القماش وبعد ذلك الامام اخبرها برسالة انه عند موتها سيحضر هو لتجهيزها وحدث ذلك وان الامام حضر تجهيزها، قالوا ونشر الامام الكاظم شيئاً من تراب الحسين عليه السلام في قبرها يعني هذا يكشف ان المرأة كبير مقامها عند الائمة وبوفاتها فجع الناس وهرعوا لتشييعها والامام بنفسه واراها، كما جاء الامام علي لسلمان المحمدي.
اجل تلك عقبى المتقين خوالد
من الذكر لا تفنى ولا ينتهي الذكر
اللهم اجعلنا ممن يتأسى ببعض اعمال هؤلاء الصادقين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******