البث المباشر

ايمن ابن أم أيمن

الأربعاء 27 فبراير 2019 - 12:23 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 581

من الشباب الصادقين الذين جسدوا اجمل التضحيات وجسدوا افضل عنوان للثبات هو ايمن ابن ام ايمن نعم الشهيد ايمن طبعاً تحدثنا او مر في الحلقات الماضية عن ام ايمن و دورها ومكانتها من رسول الله و دورها من الزهراء فاطمة (سلام الله عليها).
هذا ايمن هو قدوة لكل شاب يروم الكمال، يروم ان يكون جندياً لله وللرسول، في الواقع قدوته هو ايمن.
ايمن ابن ام ايمن كان يحب رسول الله ولايبتعد عن النبي (صلى الله عليه وآله) وفي عدة مواجهات لعب دوراً مع النبي وكانت النتائج ترفع الرأس ومفخرة وشاء الله سبحانه وتعالى ان تكون نهاية هذا الشاب يسجل شهيداً او يرحل شهيداً الى ربه في يوم حنين واستشهاده كان دفاعاً عن النبي (صلى الله عليه وآله).
طيب كيف استشهد؟ يوم حنين صار هرج ومرج و وضعية مؤلمة ومؤسفة لكن في وسط هذا الهرج وهذه الفوضى تسعة من الرجال احاطوا بالنبي (صلى الله عليه وآله) ليكونوا له الحماية يعني في اصطلاحنا الحديث درعاً بشرياً وطبعاً القرآن اشار في عدة مواضع الى ما حدث هناك واهمها انه لا العدد ولا العدة يعتد بها، كثيراً ما نقع في هذا الخطأ، القرآن يقول: «يَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ» يعني في الواقع نحن دائماً نقع في اشتباهات كثيرة وهو انه نقيس التفوق بالعدد وقوة السلاح وقوة العدة حتى ان بعضهم يرى ان الاكثرية دليل على الاحقية لكن هذا ايضاً غير وارد، القرآن يقول: «أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ».
«أَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ» او مثلاً بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله) القرآن يقول: «أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ»وفعلاً ما ثبت على الطريق الذي اراده رسول الله الا قليلين والبقية كلها انجرفت بالتيار المعاكس، امرء القيس يقول: 

تعيرنا انا قليل عديدنا

فقلت لها ان الكرام قليل

ثم يقول:

وما ضرنا انا قليل وجارنا

عزيز وجار الاكثرين ذليل

سبحان الله احد المصاديق الجلية لهذا المعنى كان يوم حنين، بعض المقاتلين الذين اغتروا وشاهدوا العدد حيث كانوا اثني عشر الفاً من غير الذين جاءوا من هنا وهناك فكان احدهم مثلاً يردد: لن نغلبن اليوم من قلة، يعني عددنا كثير، الله سبحانه وتعالى يقول لهم: «وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ» العمليات يوم احد ما داومت اكثر من ساعة وبهذه الساعة تحول المسلمين الى فلول وثقيف وهوازن كان عددهم قليل جداً لا يقاس بكثرة المسلمين.
احدى الامراض الفتاكة، احدى الامراض الفتاكة التي تدمر الانسان هو الاعجاب بالنفس او قناعة الانسان بأنه هو مثلاً كاملاً لا هذا اشتباه، يوم احد من جملة ما يذكر المؤرخون انه احداً سأل النبي عن الغنائم فقال النبي غنيمتك انا يعني اكبر غنيمة لكم نجاتي انا من الموت الذي كان شبه محتم فهنا اعود الى دور التسعة الذين خاطروا وغامروا بحياتهم طبعاً هؤلاء التسعة في مقدمتهم مولى الموالي امير المؤمنين وطبعاً منهم العباس عم النبي ومنهم هذا الشاب البطل ايمن ابن ام ايمن رضوان الله عليها وعليه فهؤلاء التسعة تظافروا وتضامنوا على ان لايصل الى النبي (صلى الله عليه وآله) اي اذى او اي خطر، كان النبي يدعو«اللهم ان تهلك هذه العصابة لم تعبد» واستطاع هنا امير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه والعباس طرد هوازن الذين كانوا يبيتون الشر، الشاعر كان يقول: 

لم يواسي النبي غير بني

هاشم عند السيوف يوم حنين

ثم قاموا على النبي على

الموت فآتوا زيناً لنا غير شين

وسوى ايمن الامين من القوم

شهيداً فأعتاظ قرة عين

العباس كان يصرخ بصوت عال يعتب على المنهزمين يقول لهم: (يا اهل بيعة الشجرة أين تفرون؟ اذكروا العهد الذي عاهدتم عليه رسول الله) وطبعاً كان هذا الموقف له تأثيره النفسي على النبي (صلى الله عليه وآله)، لم يكن النبي يتوقع ان تحدث هذه الحالة وترتبط بصميم الاسلام وبتاريخ الاسلام ومستقبل الاسلام، الامام الصادق (سلام الله عليه) يقول: (ما مر على النبي يوم اشد عليه من يوم حنين وذلك ان العرب تباغت عليه) اذن هؤلاء التسعة عرضوا بحياتهم من اجل حياة الرسول وسلامة الرسول، واحداً من هوازن هجم على النبي وجهاً لوجه يسمى ابو جرول كان يردد (لا بل راحوا حتى تبيح القوم او تباح) فتصدى له امير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه وجهاً لوجه حتى ضربه وصرعه وخذل قومه بمصرعه وانهزموا فضمن هؤلاء التسعة ايمن رضوان الله تعالى عليه واجه مقاتلاً من هوازن وكان يتحين الفرصة لضرب النبي (صلى الله عليه وآله) فقصده بضربة غادرة فأتقاها ايمن واردى قاتله وهو في اصيل الحياة لكن اصيب بجراح خطيرة وبالتالي حمل جريحاً وهذا فيه يقول العباس عم النبي (صلى الله عليه وآله): 

نصرنا رسول الله في الحرب تسعة

وقد فر من قد فر عنه فأقشعوا

وقولي اذا ما الفضل شد بسيفه

على القوم احرى يابني ليرجعوا

وتاسعنا، المقصود ايمن الشهيد.

وتاسعنا لاقى الحمام بنفسه

لما ناله في الله لم يتوجع

كان ذلك الموقف عصيباً على رسول الله (صلى الله عليه وآله) والنبي كان يدرك ان هؤلاء التسعة سواءاً امير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه او بني هاشم او هذا ايمن ليسوا اناساً عاديين، هؤلاء نستطيع ان نسميهم المقاتلين النخبة الذي في الشدائد والازمات يشكلون الحماية الخاصة لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وذلك اليوم لما اصيب ايمن رضوان الله تعالى عليه وهو جريح وجراحاته تنزف دماً وكان وضعه خطيراً النبي (صلى الله عليه وآله) اعتصره الالم وترحم عليه ووقف عند رأسه في اللحظات الاخيرة من حياته وهو يثني عليه ويمجده ويأبنه، تغمد الله هذا الشهيد الشاب ايمن بواسع رحمته والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة