الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين.
ومن لباب الصادقين المخلصين لأهل البيت هو المرحوم العالم الكبير والمقدس الشهير الشيخ ابو الحسن الترابي المشهور بهذا العنوان "پير پالان دوز" هذا العنوان عنوان فارسي وترجمتها الشيخ الخياط للملابس الممزقة ولوسادة الفرس او الدابة، مايركب عليه الراكب، فراش الراكب، ماهي قضية هذه التسمية؟
هذا العالم الكبير الشيخ ابو الحسن الترابي لم نعرف اسمه او سنة ولادته او سنة وفاته لكن كنيته، كان يكنى بأبو الحسن الترابي، كل ما علمناه انه معاصر للشيخ البهائي رحمة الله عليه وكان يتعاون مع الشيخ البهائي في تخطيط بناء صحن الامام الرضا القديم المعروف بصحن سقا خانة، هذا الذي حصلنا عليه لكن من هنا وهناك وقفنا على بعض زوايا حياة هذا العالم الكبير الشيخ ابو الحسن الترابي.
يبدو من خلال القرائن اساس هذا الرجل هو من اليمن، توطن ايران بعد مشاكل قبلية وقتل وقتال هرب من اليمن الى العراق وجاء الى ايران لزيارة الامام الرضا (سلام الله عليه) وطبعاً اليمن الكثير من العوائل والاسر موالية لأهل البيت، من الشيعة الامامية لكن الاستكبار العالمي وعملاءه يحاول اخفائهم وقمعهم.
هذا العالم ابو الحسن الترابي وصل الى ايران لزيارة الامام الرضا (عليه السلام) وكانت الطرق آنذاك الى مشهد غير آمنة يعني يتعرض الزوار الى سلب والى نهب والى قتل ثم من يأتي للزيارة؟ يأتي الذي توطن على الموت، طريق ثلاث او اربعة اشهر، شهرين هو على ظهر الدابة، الدابة تموت او يموت هو، يمرض، يسرق، يضرب من النواصب، من السراق فكان الزوار يصلون الى مشهد المقدسة منهكين وفي ذلك اليوم لا توجد فنادق ولا توجد مطاعم ولا يوجد مأوى للزوار والزائر يصل وهو في تعب وفي عناء والوضع الاقتصادي الرديء، كانت عناصر كتب لها التوفيق ان تخدم الزوار، كيف كان في النجف الاشرف كان المقدس الاردبيلي رحمه الله يغير ملابسه ويتحول الى فرد عادي ليخدم الزوار حتى يغسل ملابسهم او فلان عالم مثلاً كان يخرج ويغسل رجلي زوار امير المؤمنين فكان وسام الشرف لأكبر عالم آنذاك ان يعرف نفسه بخادم زوار اهل البيت، هذا هو رمز العظمة، هذا هو رمز الكمال، التواضع لزوار اهل البيت، لمحبي اهل البيت.
طيب ما هي قضية "پير پالان دوز"؟ هذا ابو الحسن الترابي لما وصل الى مشهد وزار الامام الرضا تعلق شعوره بمجاورة الامام الرضا (سلام الله عليه) فبنى كوخاً، منزلاً عادياً خلف باب الصحن بما يعرف الان ببست پايين او يسمى شارع الشهيد نواب صفوي في ذلك اليوم كانت البساتين تحيط بحرم الامام الرضا فأشترى بستاناً وكان يخدم فيه الزوار ويمتنع ان يطلع احداً على اسمه لهذا لم استطع ان احصل على اسمه انما قالوا ابو الحسن الترابي فقط والا هو مشهور "پير پالان دوز" يعني يخيط الفراش الذي على ظهر الدابة يعني الزائر لما يصل الى مشهد في شهرين او ثلاث اشهر تحتاج ملابسه الى غسل والى ترميم كذلك فراش الدابة، هذا كان قربة الى الله وخدمة لزوار الامام الرضا يجلس وابرته في يده وهو عالم جليل ومن اهل النعمة، كان يخيط ملابس الزوار وفراش الدابة وكان يقدم لهم الاطعمة وبستانه اوقفها للامام الرضا، ريعها لزوار الامام الرضا (سلام الله عليه)، وجدوا انه كتب في وصيته واستشهد الشيخ البهائي اعلا الله مقامه، هذا البستان الان يعرف ببازار پير پالان دوز، كأنه العتبة المقدسة او المسؤول عن العتبة المقدسة للامام الرضا بنوا هذه البستان سوقاً كبيراً عند باب الصحن، سوق يشتمل على مئات المحلات موقوفة من الموقوفات التي اوقفها المرحوم پير پالان دوز وريعها يصرف على اطعام زوار الامام الرضا صلوات الله وسلامه عليه.
الغريب انه يقولون خمسة واربعين عاماً كان في هذه الحالة حتى ان عيونه ضعفت من الخياطة ومن التعب لكن الابتسامة لا تفارق وجهه لأستأناسه بخدمة زوار الامام الرضا ولابد انه رأى آثاراُ وبركات فكلما كانوا يلحون عليه ان يعرفوا اسمه كان يرفض فمعروف مرة بپالان دوز ومرة بگمنام يعني الجندي المجهول او المواطن المجهول، كان هو بهذه الحالة يخدم الزوار ويعمل على توفير الراحة لمن يزور الامام الرضا صلوات الله وسلامه عليه وكان في نفس الوقت متقشفاً الى درجة رغم النعمة التي لديه والبستان التي كانت لها ايرادات لكن كان ينفق ذلك كله على زوار الامام الرضا صلوات الله وسلامه عليه ويسترشد بآراء الشيخ البهائي اعلا الله مقامه.
بعد ذلك اصيب بمرض عضال فكان الناس يعودوه فكان يطلب منهم ان يدعوا له ان يحشر في زمرة الامام علي بن موسى الرضا صلوات الله وسلامه عليه وظنوا بأنه اوصى ان يدفن في بستانه لكن وجدوا في وصيته اوصى بأن يدفن بصحن الامام الرضا ومن طرف رجلي الامام الرضا (سلام الله عليه).
توفي رضوان الله عليه ودفن عند رجلي الامام الرضا عد ذلك في زمن شاه ايران صارت توسعة واصبح قبره ضمن صحن يعرف بصحن موزة يعني المتحف ثم بعد ذلك المتحف حول الان الى رواق كبير تابع للحرم الشريف.
بقي هذا الرجل بسبب خدماته و جهوده وهذه المشاعر التي كان يحملها اتجاه الامام الرضا (سلام الله عليه) وخدام وزوار الامام الرضا، بقي هذا رمزاً مخلداً يثني عليه الناس ويقال انه هو والشيخ البهائي هم الذين اسسوا هذا المشروع، مشروع التشرف بخدمة زوار الامام الرضا الذي ما يعرف الان بالنوبة يعني قد ادخل الان الى الحرم وارى وزير يلبس سترة سوداء ويكنس فأسأل، يقولون عنده نوبة، في الشهر يومين يسمى كشيك، يقال تجار، غير تجار،ساكنين خارج ايران في الغرب يأتي بالطائرة يقضي ليلتين في صحن الامام يؤدي نوبته ويرجع ، يقال بأن احد المؤسسين لهذا المشروع المرحوم ابو الحسن الترابي المعروف بپير پالان دوز.
في الواقع هذه نماذج حينما نمر بتاريخها وبحياتها يعني انا وامثالي نشعر بالخجل ونسأل من انفسنا ماذا قدمنا؟ هل قدمنا ذرة مقابل ماقدم هذا الترابي وامثاله؟
*******