وممن اشتهر بصدقه وولاءه لآل البيت (سلام الله عليهم) وهو في طليعة موكب الصادقين بلاشك هو المرحوم المولى الاخوند الملا آغا الدربندي الحائري.
ان كل خطيب او معظم العلماء الاعلام في ايران، في النجف الاشرف يعرفون كتاباً لامعاً اسمه اسرار الشهادات، اسرار الشهادات هو مقتل لكن مقتل بشكل مفصل يعني من اروع المقاتل التي دونت فيها تفاصيل مأساة الطف ووقائع الطف ولايزال هذا الكتاب يطبع طوال قرنين من الزمن وهو مصدر نافع للقاصي والداني.
هذا العالم الملا آخوند او الاخوند الملا اغا الدربندي الحائري، كيف سمي بالحائري؟
هو من مواليد ايران عام 1208 هجرية نشأ مكباً على طلب العلم وكانت لديه استعدادات فهاجر الى قزوين، كانت يومذاك قبل 210 سنوات كانت في قزوين حوزة علمية فاعلة وكان يقود او يشرف على تلك الحوزة المولى محمد صالح البراغاني واخوه وهما شهيدان قتلهما البهائيون المنحرفون.
المرحوم الملا اغا الدربندي درس عند هذين العالمين الجليلين واصبح له يوماً بعد يوم موقعاً علمياً واجتهادياً وهنا وقع الاحتلال الروسي لأيران عام 1240 هجرية واصبح لهذا العالم الجليل دوراً كبيراً في المواجهة وسحق ذلك الاحتلال لبلاد ايران وبلاد الاسلام وكان الى جانبه السيد المرحوم السيد الطباطبائي اعلا الله مقامه وان المرحوم الطباطبائي توفي في تلك السنة وكان في وصيته طلب ان ينقل الى كربلاء لدفنه بجوار ابي عبد الله الحسين، كان السفر آنذاك صعباً وخصوصاً نقل جنازة ووسائل سريعة غير موجودة فأضطر المرحوم الدربندي اعلا الله مقامه ان يصحب الجثمان الى العراق وبعد معاناة وصعوبات وصل بالجثمان الى كربلاء ودفن في صحن الامام ابي عبد الله الحسين (سلام الله عليه).
الملا الدربندي الحائري بقي في كربلاء، الرواية هنا تختلف البعض قال ان الطلاب والافاضل في كربلاء طلبوا منه والبعض يقول رأى مناماً، المهم انه بقي في كربلاء طوال سنوات ثم هاجر الى النجف الاشرف يقال بطلب من المرحوم الشيخ علي بن الشيخ جعفر الجناجي المشهور بكشف الغطاء او كاشف الغطاء فأنتقل الى النجف الاشرف ودرس وواصل بحوثه العلمية العالية على يد الشيخ علي كاشف الغطاء ابن الشيخ جعفر وعاد بعد ذلك الى كربلاء ليصبح رجل العلم الاول في كربلاء، مجتهد وعالم ومؤلف الى جانب ذلك لم يتخلى هذا العالم الجليل عن رقي المنبر في الصحن الحسيني ليلياً ويدعو الناس الى الصلاح والاصلاح وينشر فضائل اهل البيت ويقاوم البدع والانحرافات، ينشر مصائب اهل البيت وقال من كتب عنه ان هذا العالم كان شديد التوجع والتفجع لمصائب اهل البيت، كان كثير البكاء وكان يلطم وهو وامثاله فتحوا باب ان المراجع يقودون المواكب ويلطمون على صدورهم ويصعدون المنبر مثل الشيخ علي التوستري اعلا الله مقامه، الاغا الدربندي الحائري وانا ادركت بقية هذا الرعيل، كان عندنا في النجف الاشرف لعله كان من اواخر من تسنموا هذا الخط المرحوم العالم الولي من اولياء الله السيد محمد تقي بحر العلوم فهو عالم وهو مؤلف وهو متعبد وزاهد كان يصعد المنبر ويروي مصائب اهل البيت ويتفاعل بمصائب اهل البيت وذكر مصائب اهل البيت.
المرحوم الدربندي الحائري اعلا الله مقامه بقي في النجف الاشرف ثم عاد الى كربلاء وبدأ بكتابة او تأليف كتابه هذا اسرار الشهادة ثم قرر العودة الى ايران، لماذا؟ في تلك الايام ظهرت في ايران بدعة الانحراف الكبير وهي فرقة البهائية العميلة وللاسف انخرط عدد كبير من شباب ايران في بوتقة او فتنة هذه الفرقة التي هي من بدع الماسونية العالمية والاستكبار العالمي ولكن العلماء شمروا عن سواعدهم وتصدوا واضطر المرحوم الدربندي هذا ان يترك كربلاء ويأتي الى ايران وكان هو خطيب مفوه ومتكلم فأخذ يرقى المنابر ويفضح عمالة هؤلاء للماسونية ودورهم التخريبي في تضليل المسلمين ولشدة تأثيره في انقاذ الشباب من هذه الافكار الضالة حرق هؤلاء بيته وحاولوا مضايقته وثلاث مرات دبروا مؤامرة لأغتياله فنجا بأعجوبة وفي المرة الثالثة اصيب بجروح بالغة جداً، عانى كل هذا واضطر بعد ذلك ان يغادر ويعود الى العراق، بقي في العراق فترة قليلة طلب اليه السلطان ناصر الدين شاه القاجار ان يعود الى ايران لأن ايران بحاجة الى وجود علماء من هذا النمط فهنا توجه الى ايران واحتفى به ناصر الدين شاه القاجاري وكان يحيي مناسبة عاشوراء ويصعد المنابر وكان له التأثر الكبير في الساحة.
يقول المرحوم الاغا بزرك الطهراني في كتابه طبقات اعلام الشيعة في جزء الكرام البررة في القرن الثالث بعد العشرة، يقول اغا بزرك: المولى اغا الشهير بالدربندي الحائري عالم متبحر في الفقه والاصول، طال مكثه في كربلاء والنجف وكان من اجلاء العلماء في عصره آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر "الكلام لأغا بزرك" لا تأخذه في الله لومة لائم وكان كثير الحب لسيد الشهداء، اثرت فيه واقعة الطف بشكل خاص فكان من اجلها متأثراً موتوراً. ويذكر مؤلفاته "14" مؤلفاً في مختلف المعارف لكن كتابه الموفق والذي طالما سمعنا ونسمع به ويستفيد منه الخطباء ويستشهدون به هو اسرار الشهادة وقد رتبه على نحو اربعة واربعين مجلساً وقدم له اثنتي عشر مقدمة وذيل المجالس بتذييل خاص.
اروع ما يلاحظ وبودي ان الخطباء ينتبهون الى هذه النكتة، في مقدمة كتابه المرحوم الاغا الدربندي الحائري يقول صرفت شطراً من عمري في مختلف التصانيف وان كانت لاتخلو من اجر ان شاء الله الا ان اولى مايصرف فيه العمر واليق ما يقع فيه العاقل هو تصنيف كتاب ينشر فيه آثار الائمة الهداة ولاسيما في فضائل سيد الاوصياء واقامة العزاء على سيد الشهداء ثم يقول المرحوم الدربندي التمس من كل شخص ينتفع بهذا الكتاب ان لا ينساني من الدعاء. توفي رحمه الله الميرزا الدربندي في 1285 هجرية ودفن في الصحن الحسيني.
*******