ومن اجلاء الصحابة الصادقين والخالدين في التاريخ هو الشهيد المظلوم محمد بن ابي حذيفة بن عتبة، هذا الصحابي النجيب كان محباً عجيباً للنبي وللامام علي صلوات الله وسلامه عليه.
كان هذا الرجل حافظاً للقرآن ناسكاً عابداً صلباً في ولاءه للامام علي والعقدة هنا وكان حدياً لا تأخذه في مبادئه ومعتقداته لومة لائم.
محمد بن ابي حذيفة رحمه الله هم ابن خال معاوية بن ابي سفيان يعني معاوية ابن عمته لكن ما قيمة هذه امام المبادئ، وقف موقفاً شديداً ضد معاوية وتجاهل الرحمية بينه وبين معاوية وآثر مبادئه على ذلك، هنا انا اذكر لأن عندنا المحامد الاربعة المعروفين التي ابت معصية الله، في كل مرحلة او في كل مقطع زمني محامد اربعة، زمان الشيخ المفيد هناك محامد اربعة وبعد هكذا، موجودة هذه، اول المحامد الاربعة التي ابت معصية الله عزوجل هم اربعة اذكرهم، احدهم محمد ابن ابي حذيفة ولعل نستطيع ان نقول اولهم، الثاني محمد بن جعفر، جعفر الطيار، محمد اخ عبد الله بن جعفر، امه اسماء بنت عميس اذن اولهم محمد بن ابي حذيفة، الثاني محمد بن جعفر الطيار، الثالث محمد بن الحنفية، الرابع محمد بن ابي بكر، ابن الخليفة الاول، ربيب الامام علي بن ابي طالب.
محمد بن ابي حذيفة اول المحامد الاربعة، هذا الرجل لشدة ايمانه وصلابته في الحق وحديته اختاره الامام علي والياً على مصر لما بويع الامام امير المؤمنين للخلافة، الامام اختار من بين تلامذته نفرات ووزعهم احدهم محمد بن ابي حذيفة. نرجع قليلاً الى الوراء محمد بن ابي حذيفة كان في مصر في ايام عثمان كان عمله رافع لواء معارضة الاستبداد مثل ابو ذر والفساد في المال العام، هذه بلية، حتى ان الخليفة الثالث تضايق منه كما تضايق من ابو ذر فأرسل اليه ثلاثين الف درهم من اجل ان يسكته فرفض محمد بن ابي حذيفة واخذ الالف درهم الى المسجد وفي وقت الصلاة نثرها على الارض وخاطب الناس قائلاً: تعالوا ايها الناس ان الخليفة يخادعني ويرشيني ووزع الاموال على الفقراء في المسجد وهناك كبر في اعين الناس وصار له مقام واهل مصر ازدادوا له تعظيماً وتكريماً.
هذا الرجل بعد واقعة صفين واعلان معاوية تمرده على الامام علي اخذ معاوية يطارد كل من وقف مع الامام امير المؤمنين وشملت هذه الحملة المسعورة محمد بن ابي حذيفة، معاوية لم يقدر على القبض عليه فأرسل سرية بقيادة عمرو بن العاص وراح عمرو بن العاص بهذه السرية وتواجه مع محمد بن ابي حذيفة وما استطاع ان يواجهه قتالياً ولكن ارسل اليه رسالة وبخديعة طلب منه ان يلتقي خلوة وبدون سلاح ونجنب الناس اراقة الدماء وتحت هذه العناوين فوافق محمد بن ابي حذيفة فألتقيا بدون سلاح تبين ان عمرو بن العاص اعد جماعة خلف الخيمة مسلحين وقال مابين الاجتماع اهجموا علينا والقوا القبض عليه، اثناء الاجتماع هجموا عليه واوثقوه كتافاً وهذه من الغدرات التي تاريخنا يشعر بالعار والخزي منها.
اينك؟ أين شرف الكلمة؟ أين الانسانية؟ أين المواثيق؟
المهم القوا القبض عليه وارسله عمرو بن العاص موثوقاً الى معاوية فأمر معاوية بحبسه في سجن النائي وبقي في السجن محمد بن ابي حذيفة مدة طويلة رغم الرحم بينه وبين معاوية ففي ليلة من الليالي معاوية كان في مجلسه وبين اصحابه فأحضر محمد بن ابي حذيفة فلما مثل بين يديه صار بينهم هذا الحديث، اول ما افتتح الكلام معاوية قال يا محمد ان بيني وبينك رحم، انا ابن عمتك وانت ابن خالي، الم يأن ان تتخلى عما كنت عليه من الضلالة بنصرتك علي بن ابي طالب؟ يا محمد الم تعلم ان عائشة وطلحة والزبير خرجوا يطلبون بمظلومية عثمان ودمه؟ الم تعلم ان عثمان قتل مظلوماً وان علياً هو الذي شرك في دمه؟ وها انا اليوم ايضاً اطالب بدمه، هذا الكلام لمعاوية. محمد بن ابي حذيفة رغم انه موثوقاً ومكتفاً انتفض وبكل شجاعة وهو اسير صاح قائلاً يا معاوية انك تعلم وما كما قلت انك امس القوم بك رحماً واعرفهم بك وهنا قال معاوية ما عندك تكلم؟ فصاح محمد رحمة الله عليه، هؤلاء الذين غيروا التاريخ، هؤلاء الذين هم حجة علينا وعلى كل موالي وكل مسلم يوحد الله، صاح محمد والناس يسمعون يا معاوية والله الذي لا اله غيره ما اعلم احداً شرك في دم عثمان والب الناس عليه غيرك، هذه الحقائق المقلوبة هي المصيبة، المصيبة ان القاتل يبكي على المقتول، التاريخ الذي صنعه معاوية وبناه آل مروان والعباسيين هذا القاتل يبكي على المقتول من اجل ان يقلب الحق الى باطل والاحمر الى اسود، قال له بصراحة والله الذي لا اله الا هو ما اعلم احداً شرك في دم عثمان والب الناس عليه غيرك وكنت انت السبب حيث جعلك والياً وضج عليه المهاجرون والانصار ليعزلك فأبى واصر فحل به ما حل، يا معاوية فو الله اني اشهد اني كما عرفت في الجاهلية وفي الاسلام على خلق واحد، ما زاد فيك الاسلام شيءاً ولا غير من طباعك وان علامة ذلك فيك لبينة فكيف تلومني على حبي علياً، يا معاوية لقد خرج مولاي علي وخرج معه كل صوان وقوام مهاجري وانصاري وخرجت انت امامه يوم صفين وما كان معك الا ابناء المنافقين والطلقاء خدعتهم عن دينهم وخدعوك عن دنياك، يا معاوية والله لا ازال احب علياً لله ولرسوله وابغضك في الله وروسله ابداً ما بقيت فأصنع ما انت صانع فتفجر معاوية حنقاً وصاح انه على ضلاله ردوه الى السجن فبقي في السجن سنيناً حتى ارسل معاوية اليه سجاناً طعنه بسكين فأستشهد رحمة الله عليه عام 36 من الهجرة وامر معاوية بدفنه سراً وغيب قبره.
*******