ومن اساطين الصادقين المخلصين للنبي واله صلوات الله وسلامه عليهم هو العالم الجليل المقدس الملا علي الخليلي الرازي النجفي.
الملا علي الخليلي هو من مواليد النجف الاشرف عام 1226 هجرية يعني قبل مئتي واربع سنوات ولادته في النجف الاشرف وهو جد الاسرة العلمية الكبيرة في النجف الاشرف المعروفة بآل الخليلي، فيها العلماء والخطباء والكتاب والاطباء كالمرحوم الميرزا محمد الخليلي والميرزا صادق الخليلي والميرزا جميل الخليلي والميرزا صالح الخليلي وغيرهم.
من يقرأ لكتب التي كتبت عن النجف الاشرف خصوصاً ماضي النجف وحاضرها للشيخ جعفر محبوبة في قسم الاسر النجفية يجد من الاسر اللامعة في النجف الاشرف اسرة آل الخليلي، عميد هذه الاسرة هو الملا علي الخليلي الرازي عالم جليل وكبير ومقدس وبالاضافة الى مقامه العلمي الكبير كان طبيباً حاذقاً وفي تلك البرهة من الزمن ما كان في النجف الاشرف اطباء ولاصيدليات كما هو الحال اليوم فالمرضى من اهالي البلد ومن الزوار يلجأون الى الطبيب او ما يسمى بالحكيم فكان هذا يداوي بالاعشاب وبالمركبات المحلية وغيرها.
الميرزا علي الخليلي الرازي هو من ابرز تلاميذ المرحوم صاحب الجواهر، الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر هذا من ابرز تلاميذه ويذكرون خصوصاً الشيخ محمد حرز الدين في كتابه معارف الرجال يذكر ان احد العلماء الكبار المتقدمين حضر الى النجف الاشرف زائراً فدخل الى درس صاحب الجواهر وكان قد اعد بعض المسائل المعقدة والشائكة وكان يريد بذلك ان يزن علمية صاحب الجواهر فلما انتهى الدرس والشيخ صاحب الجواهر من عادته لما ينتهي الدرس يبقى جالساً على المنبر ينتظر اشكالات بعض التلاميذ او الاستيضاحات من بعض التلاميذ فأثناء جلوسه على المنبر سأله ذلك العالم الزائر، سأله مسألة معقدة واذا بالملا علي الخليلي رضوان الله تعالى عليه اجابه على الفور، طبيعي عندنا في تعليماتنا وفي ثقافتنا ان لايجيب الانسان سؤال غيره، انا جالس وعالم آخر جالس يسأل ذلك العالم انا لا يجب ان اجيب ولكن الذي يلاحظ ان الملا علي الخليلي (رضوان الله عليه) وان كان السؤال موجه لأستاذه اراد هو ان يعطي رسالة للسائل بأنه انا تلميذ من تلاميذ الشيخ وانا اكفيك الجواب فأجابه على الفور، وهي رسالة لأستاذه ايضاً انه هذا هو مستواي فتعجب ذلك العالم وكان يخشى ربما يتأخر صاحب الجواهر في الجواب، استأنس هذا العالم ثم سأل مسألة اخرى واذا بالملا علي الخليلي ايضاً اجابه على الفور فصاح هذا العالم سبحان الله ان كان التلميذ هكذا على درجة من العلم فما بالك بالاستاذ!
من هنا اشرت، وليس انا بل الشيخ محمد حرز الدين في كتابه معارف الرجال يقول بأن الملا علي الخليل هذا مستواه ويذكر هذه القضية في كتابه معارف الرجال.
هذا العالم الجليل الملا علي الخليلي الرازي (رضوان الله عليه) عاش ثلاثة وسبعين سنة على اشد درجة من التقشف والضغط الاقتصادي، اتمنى من السامعين، السامعات وبالخصوص طلاب الحوزة العلمية في النجف الاشرف وفي الحوزات الاخرى ان يصغون لما اذكره عن هذا العالم الراحل العظيم، ثلاثة وسبعين سنة على اشد درجة من التقشف والضيق المالي وكان مثالاً للأيمان والتقوى والصلاح، من ترجموه ذكروا هذا انه اكتفى من مأكله بالجشب يعني الطعام العادي يقولون كان يأكل تمر الديري الذي يقاوم ويظل مدة طويلة، اكتفى من لباسه بالخشن، نحن نلبس الحرير، نلبس الملابس الناعمة هذا كان لباسه الخشن، زاهد في الدنيا معرض عن ترف الحياة.
الملا علي الخليلي الرازي بالاضافة الى موقعه الاجتماعي والعلمي كان ايضاً هو له صفة خطيب، مبلغ، كان يرقى المنبر في الصحن الحيدري وهذه الحالة اسسها الشيخ جعفر التوستري اعلا الله مقامه حتى ان الزائر لما يأتي الى النجف الاشرف يزور ويستفيد من مسألة شرعية، موعظة، حكمة، هذه السنة سنها الشيخ جعفر التوستري والى الان قائمة ولكن اخيراً لم يكن هكذا، اقصد في النجف.
المرحوم الملا علي الخليلي الرازي كان يصعد ليلياً بعد صلاة العشاء في النجف الاشرف في الصحن وينشغل بالموعظة والارشاد وقلت هو اقتبس هذا من الشيخ جعفر التوستري اعلا الله مقامه فأستمر واذا صار البرد ينقل منبره الى الرواق، احياناً يسافر، في الاسفار ايضاً يصعد المنبر ولايترك فرصة الا ويستغلها في تنبيه الناس. حج رحمه الله ثلاث مرات وكان بعض المقاطع يمشي حافياً، يقولون لما تلوح آثار مكة المكرمة والمدينة المنورة يمشي على قدميه حافياً طبعاً هذا تأسياً بالحسن والحسين (سلام الله عليه) ما يروي المرحوم الشيخ محمد حرز الدين ان الشيخ ملا علي الخليلي والشيخ عبد الحسين الطهراني والشيخ علي الكني كانوا يسكنون في حجرة واحدة في مدرسة واحدة في النجف الاشرف مدة من الوقت لم يذكرها، وكانوا يعيشون على درجة من الفقر والفاقة في ضر عظيم حتى انهم ذات ليلة اشتهوا ان يصنعوا طبيخاً فصنعوا طبيخاً حتى اذا نضج ارادوا ان يشتروا سمناً لم يكن معهم المبلغ، يقول الثلاثة عجزوا عن توفير مبلغ يسير لشراء سمن لذلك الطبيخ، الان نحن طلاب وسيارات وحياة، أين نحن وأين اولئك الملائكة، هؤلاء ملائكة بالنسبة لنا نحن الان، على كل حال فعاشوا بقناعة وصبروا وكان همهم الاول والاخير مواصلة طلب العلم الى ان تفرقوا واصبح كل منهم مرجعاً في بلاده وفي مجتمعه، الشيخ علي الكني والشيخ علي الطهران ذهباً الى ايران اما الملا علي الخليلي الرازي بقي في النجف الاشرف وصار من رجالها ومن مراجعها.
هنا اذكر والجدير بأن اذكر انه اضافة الى ما ذكرت من تلمذه على يد الشيخ صاحب الجواهر تلمذ على يد الملا احمد النراقي صاحب المستند وله مؤلفات كثيرة وعديدة.
توفي هذا العالم المعظم في النجف الاشرف وهو كان يهم للسفر للديار المقدسة للمرة الرابعة، في 25 صفر عام 1297 هجرية وروعت النجف الاشرف لفقده، دفن في مقبرتهم الخاصة تقع على الشارع العام في مدخل النجف الاشرف على اليمين من جهة القادم من الكوفة الى النجف الاشرف امام شارع الهاتف وكانت المقبرة واسعة ودفن فيها اكثر من ثمانين من اسرة الخليلي لكن هذه المقبرة عفي اثرها بسبب توسيع الشارع العام وفتح طرقات جديدة ورثاه العديد من تلاميذه منهم الشيخ محمد الهمداني في ارجوزة طويلة منها:
غاب علي فعلى الدنيا العفا
ضوء محاريب سجود انطفى
قضى علي بن الخليل نحبه
بكى عليه كل حق اسفا
*******